في فضاء النكبة: رصد مواقف الفلسطينيين في أمريكا الشمالية (1)

-

في فضاء النكبة: رصد مواقف الفلسطينيين في أمريكا الشمالية (1)
قد تختلف آراء الفلسطينيين في أمريكا الشمالية حول الكثير من القضايا والأسئلة المحلية التي تتصل بواقعهم وتفاصيل حياتهم في المهاجر. لكن مواقفهم ومشاعرهم إزاء قضيتهم الوطنيه قد تكون متشابهة الى حد كبير. كيف ينظرون الى واقع قضيتهم الوطنيه عشية الذكرى ال 62 للنكية؟ وتأسيس ما عرف بدولة "إسرائيل" فوق ترابهم الوطني؟

هناك ما يشبه إلاجماع، في كافة أوساط الجالية الفلسطينية والعربية، على رفض الانحياز الأمريكي الرسمي إلى مصالح الاحتلال والشركات الكبرى والمخالفة الصريحة للقانون الدولي. وتؤلمهم هذه الرعاية الأمريكية والكندية المتواصلة لدولة الاحتلال.

أما رأيهم بشأن المفاوضات فإن بعضهم يشكك، بينما الأكثرية الساحقة ترفض المفاوضات وتعتبرها مجرد "مهزلة" أو "بيع أوهام" للشعب الفلسطيني، كما ذهب بعضهم.

الحقة الاولى:

الناشط الفلسطيني موسى الهندي.
ألاصل: عكا، فلسطين
تولد برج البراجنة، 1965، لبنان
يقيم في الولايات المتحدة
ناشط في الدفاع عن حق العودة
عضو الهيئة التنسيقية في شبكة الجالية الفلسطينية بالولايات المتحدة



يقول موسى الهندي في رده على سؤال حول مشاعره في ذكرى النكبة:

هناك حالة من الإحباط العام تسيطر على الشارع الفلسطيني والعربي، ولأسباب كثيرة، باتت معروفة للجميع.

ولا تزال المشاريع التي تستهدف حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم مستمرة وتتواصل يوميا، أنظر مثلا كيف يتم الحديث عن هذا الحق المقدس في أوساط قيادات السلطة برام الله؟! الاستخفاف بجوهر الصراع الفلسطيني الصهيوني يجعل من الدفاع عن حق العودة حجر الأساس في هزيمة مشروع التسوية وفق برنامج أوسلو وملحقاته.

أما بالنسبة للسؤال كيف أرى الراهن الفلسطيني في ذكرى النكبة ومرور 62 عاما على تلك المجزرة الكبرى؟ هناك حالة من التردي على المستوى الوطني والأخلاقي لم نشهد لها مثيلا في السابق. ومطلوب إعادة تعريف للكثير من الأشياء والمفاهيم على رأسها "المشروع الوطني الفلسطيني" ماذا يعني ؟ وكيف يتحقق.

ألا ترى أن هناك مقاومة فلسطينيية مشرفة في كل مكان تقريبا من شأنها أن تعيد القضية الوطنيه إلى الواجهة مرة أخرى؟

هذه الشواهد الفلسطينية النضالية والإبداعية موجودة، كما يجري مثلا في قرى "نعلين" و"بلعين" في مواجهة الجدار أو المقاومة الفلسطينية في غزة والحالة النضالية والشعبية في فلسطين المحتلة عام 48 وحركة العودة في الشتات، وحملات مقاطعة إسرائيل، وصمود الأسرى في السجون. إلا أن كل هذا يحدث في إطار "جزر فلسطينية عشوائية" غير منظمة ومتناسقة حتى الآن، وهي حالة من الدفاع "السلبي" إذا جاز التعبير، في مواجهة هجمة صهيونية شرسة وشاملة ومنظمة وتستهدف الجميع.

هذه الظواهر المشرقة والرائعة تحرضنا على استعادة صوتنا الموحد وقضيتنا ومشروعنا التحرري، كما تؤكد على ضرورة تبني الخيار الشعبي بعيدا عن نظام القبائل والدكاكين.

وهذه الحالات الشعبية النضالية تجري في ظل ما يسمى بـ"حالة الانقسام " الأمر الذي يضاعف العبء عليها أكثر، ويمنع تصاعدها ربما؟

الهندي: الصراع يفرض قوانينه على الأرض، والناس سوف تدافع عن حقوقها ووجودها ولن تطلب إذنا من أحد. لكن للأسف الشديد، الانقسام الفلسطيني تعدى حدود حركتي فتح وحماس، والوحدة الوطنيه الفلسطينية أضحت كلمة حق يُراد بها الهيمنة، هيمنة طرف على آخر، أو برنامج على آخر، وخاصة الطرف الذي يريد تشريع كييث دايتون وبرنامج التنسيق الأمني، ويريده في إطار " الوحدة الوطنية"؟ هذه ليست وحدة وطنية، هذا يسمى انتحار جماعي. ولأنه انتحار فهو لن يجري في إطار وطني وشعبي حقيقي، ولا يسعى لتأسيس جبهة وطنيه موحدة لمواجهة الاحتلال. ببساطة كل الحديث الجاري حول الوحدة الوطنيه لا يتعدى إطار التقاسم والمحاصصة وليس أي شيء آخر.

هل انت متشائم؟

كيف يمكن أن تنجز الوحدة الوطنية مع طرف تعتقد أنه يفرط بحقوق شعبك؟ كيف نستعيد المنظمة ومؤسساتها وبجانب تيار فلسطيني ارتبطت مصالحه مع الاحتلال والاميركان والغرب ويتصرف بمؤسسات المنظمة وكأنها ملك ورثه عن والده؟


من تقصد مثلا؟ حركة فتح؟

الهندي: كل الحركة الوطنيه الفلسطينية مسؤولة، كلنا مسؤولون. لكن حركة فتح تتحمل القسط الأكبر من هذه الكارثة، ومطلوب أن تنهض وتغير أوضاعها ومؤسساتها وتخلص من العفن الذي يأكلها. مطلوب من فتح أن تقوم بدورها الطبيعي في إطار المقاومة ومشروع العودة والتحرير، هذه هي فتح التي أعرفها، وهذه فتح التي قاتل في طلائعها خيرة أبناء وبنات الشعب الفلسطيني.

وحتى تنهض فتح، يجب أن تعترف أولا أن مشروعها ورؤيتها قد فشلا. هذا الاعتراف لا يقلل من شأن حركة فتح ولا يلغي تاريخها، بل يضع الحركة على سكة التصحيح والنهوض، أما مواصلة اللغة التبريرية والاعتذارية وتوفير الغطاء للمفاوضات العقيمة، فهذا حكما يقود لإنهاء الحركة، وقد يؤدي لموتها أو استشهادها، لا فرق.

بعض الفلسطينيين يدافعون عن المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، هذا برأيهم يحرج الولايات المتحدة ما رأيك؟

الهندي : هذه مفاوضات عقيمة، مباشرة أو غير مباشرة. وهذا العدو لا يفهم غير لغة واحدة.

أما أن تذهب للمفاوضات وأنت ضعيف ومفكك ولا تملك في جعبتك أي شيء ، بما في ذلك الشرعية الوطنيه الداخلية، فإنك كمن يكذب على نفسه وعلى شعبه ويحرث في الريح.

السلطة الفلسطينية تسير وفق مقولة الرئيس المصري أنور السادات وهي أن " 99% من أوراق الحل في يد أمريكا" هذه القناعة تعني في واقع الامر استسلام رسمي فلسطيني لكل شروط التسوية.


(* الحلقة القادمة: مع عصام اليماني، القيادي في الجالية الفلسطينية بكندا ).

التعليقات