أُصيب 31 شخصا بينهم مسعفون وصحافيّة، واعتُقل 12، خلال الاعتداءات المتواصلة من قِبل جيش الاحتلال ومستوطنيه، والمواجهات المندلعة في حيّ الشيخ جراح في القدس المحتلة، والتي طاولت أهالٍ ومحتجّين ومسعفين وصحافيين. كما انتشرت دعوات في مجموعات لليمين المتطرّف في "واتسآب"، تدعو إلى الاعتداء على أهالي الحيّ "لإظهار القوّة"، فيما أشار تقرير إسرائيليّ إلى "تسوية محتملة" لمنع التصعيد.
وذكرت جمعية "الهلال الأحمر" الفلسطيني في بيان أن 31 شخصا قد تعرّضوا لإصابات، موضحة أنه "تم تقديم الإسعاف الأولي لمعظم الإصابات ميدانيا، ونُقلت 6 إصابات منها للمستشفى".
وأضافت أن "هناك من الإصابات المذكورة 3 مسعفين وصحافية و2 من المتضامنين الأجانب"، مشيرة إلى أن الإصابات "تنوّعت ما بين الرصاص المطاطي وقنابل الصوت التي أدت إلى حروق، وإصابات جراء الاعتداء بالضرب ورش غاز الفلفل".
وعمدت قوات الاحتلال إلى إغلاق محيط عائلة سالم، والمهددة بالإخلاء من منزلها، بسواتر حديدية. كما طردت الصحافيين من المكان، ومنعتهم من الدخول لتغطية اعتداءات الاحتلال، فيما وفّرت الحماية للمستوطنين الذين تجمّعوا في الحيّ، رافعين العلم الإسرائيليّ، ومرددين هتافات عنصريّة بحق الأهالي والمحتجين. وأدّى تجمهر المستوطنين وإغلاق طرق في الحيّ، إلى أزمات مرورية خانقة.
وانتشرت في مجموعات عبر تطبيق المراسلات الفورية "واتسآب" خاصّة باليمين المتطرّف، دعوات للاعتداء على الحيّ وأهله. وأوردت هيئة البث الإسرائيلية ("كان 11")، ما جاء في إحدى المجموعات المذكورة، والتي دعت أنصار اليمين إلى "تكسير عظام الفلسطينيين في الشيخ جراح، وطردهم إلى قطاع غزة، والاعتداء على منازلهم لإظهار القوة".
واعتدى عناصر الاحتلال على أفراد عائلة سالم بالضرب، وبإلقاء قنابل الغاز المُدمِع وقنابل الصوت، صوبهم، كما هو الحال مع عائلات أخرى في الحيّ.
وتأتي الأحداث في الشيخ جرّاح، والتي استدعت استنفارا أمنيا من قِبل أجهزة أمن الاحتلال وبخاصة الشرطة، في وقت تشهد المدينة المحتلّة مشاركة واسعة في مظاهرة لحريديين، ضدّ محلّ لبيع الهواتف المحمولة، والتي أغلقوا خلالها شارعا مركزيا في المدينة، أمام حركة المرور، وبضمنها الحافلات.
"تسوية مُحتملة"
في السياق، أشارت القناة الإسرائيلية 12، إلى تسوية محتَملة لتجنّب التصعيد، قد يتمّ التوصّل إليها، وأحد "الوسطاء" فيها، هو رئيس بلدية الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس، موشيه ليئون. في المقابل، ذكرت تقارير إسرائيلية، أن "مساعي التسوية لم تنضج بعد"، موضحة أنها "تحتاج إلى وقت".
ووفقا للقناة 12، فإنّ التسوية، تنصّ على إخراج النائب في الكنيست، المتطرّف إيتمار بن غفير، من الحيّ، على أن يتمّ "وضع حراسة دائمة" بالقرب من منزل مستوطن في الحيّ يزعم بن غفير والمستوطنون أن نيرانا أُضرِمَت فيه.
وأشارت القناة إلى أن بن غفير طالب رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، بالالتزام بوضع حراسة دائمة بالقرب من منزل المستوطن المذكور، وفي المقابل سيغادر بن غفير المكان، وفق زعمه.
ووفق القناة، فإنّ دور البلدية في "التسوية"، سيكون "الالتزام بوضع كاميرات أمنية إضافية بالقرب من منازل اليهود (المستوطنين) في الحي".
كما ذكرت القناة أنّ جهاز "الشاباك"، انضمّ إلى التحقيق في مزاعم إضرام النيران بمنزل المستوطن. وأضافت أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، تعدّ إحراق منزل المستوطن عملية "على خلفية قومية" تستهدف المستوطنين، زاعمة أنها تحقق في تسع حالات سابقة تم فيها إحراق سيارة المستوطن ذاته.
وقالت القناة إن التقديرات تشير إلى أنه يمكّن التوصّل لأشخاص تزعم الأجهزة الأمنية أنهم نفّذوا عمليات الحرق.
منع من الصلاة
وضمن الاعتداءات المتواصلة، قمعت قوات الاحتلال، والمتضامنين معهم، واعتدت عليهم، ومنعتهم من إقامة صلاة العشاء في الحيّ، بعد أن كان المستوطنون قد عمدوا إلى استفزاز الأهالي أثناء تأديتهم صلاة المغرب.
وأفاد شهود عيان بأنّ فرقة الخيالة التابعة لشرطة الاحتلال، قمعت أهالي الحيّ والمتضامنين معهم، واعتدت عليهم بالضرب، ومنعتهم من إقامة صلاة العشاء، التي أقاموها للتصدي لاعتداءات المستوطنين ضدهم.
وأطلق قوات الاحتلال، قنابل الغاز والصوت باتجاه أهالي الحي والمتضامنين. وأصيب عدد من أهالي الحيّ والمتضامنين بجروح طفيفة، فيما اعتقلت قوات الاحتلال شابًا فلسطينيًا على الأقل، كان متواجدًا بالمكان.
وحرّرت شرطة الاحتلال، مخالفات للمركبات في محيط الحيّ، وبضمنها مركبات تعود لصحافيين. واستنفر الاحتلال عناصره في المكان، واستقدمَ آلية رشّ المياه العادمة التي استُخدِمت لاحقا لقمع الأهالي والمحتجين المتضامنين معهم، مرّة أخرى.
وخلال التجمهر في الحي، وقع حادث طرق، تعاملت معه عناصر الاحتلال على أنه حادث أمنيّ، إذ استنفرت قواتها فورا، واعتقلت الشاب السائق، وطردت المتواجدين من المكان.
أنباء عن عملية دهس في #الشيخ_جراح
— موقع عرب 48 (@arab48website) February 13, 2022
الاحتلال يستنفر قواته في الشيخ جراح واعتداءات المستوطنين تتواصل#القدس pic.twitter.com/dHST3R1fzF
"الجهاد الإسلامي" تحذّر من تفجر الأوضاع في القدس
وفي سياق ذي صلة، حذرت حركة "الجهاد الإسلامي"، إسرائيل من تفجر الأوضاع بمدينة القدس، جراء اعتداء المستوطنين في حي الشيخ جراح.
وقالت الحركة في بيان: "يتواصل العدوان الصهيوني على أهلنا في حي الشيخ جراح، حيث يقود الإرهابي المتطرف (النائب في الكنيست، إيتمار) بن غفير هذه الاعتداءات التي يحميها جنود الاحتلال".
وأضافت: "نحذر الاحتلال من تفجر الأوضاع برمتها بسبب تكرار هذه الاعتداءات، ونحمل الاحتلال كامل المسؤولية عمّا يتعرض له أهلنا في الشيخ جراح".
ودعت الفلسطينيين "إلى إعلان الغضب والنفير العام نصرة وإسنادا لأهلنا في حي الشيخ جراح، والتصدي لإرهاب المستوطنين وجنود الاحتلال".
وكانت حركة "حماس" قد أصدرت فجر اليوم، بيانًا، قالت فيه إن "اعتداء المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين في حي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة ‘لعب بالنار‘".
"فتح": يجب تصعيد المقاومة الشعبيّة
بدورها، أشارت حركة "فتح" إلى ضرورة تصعيد المقاومة الشعبية، والتصدي للمستوطنين، رافضةً إخلاء سكان الحي.
جاء ذلك خلال اجتماع عقدته اللجنة المركزية لحركة "فتح"، لمناقشة التطورات الميدانية التي تشهدها الساحة الفلسطينية، وفق بيان صادر عن اللجنة.
وعبرت الحركة عن رفضها المطلق "لكل محاولات تهجير السكان الآمنين من مواقع الثبات قاطبة (المواقع المهددة بالتهجير القسري )، وخاصة من حي الشيخ جراح".
الاتحاد الأوروبيّ: اعتداءات المستوطنين تزيد التوتر
في السياق، أعرب الاتحاد الاوروبي عن قلقه "إزاء التطورات الجارية في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية والمواجهات العنيفة التي أدت إلى إصابة واعتقال العديدين".
وأكد الاتحاد الأوروبي، مساء اليوم الأحد، أن "عنف المستوطنين والاستفزازات غير المسؤولة بالإضافة إلى الإجراءات التصعيدية الأخرى في هذه المنطقة الحساسة تزيد التوتر ويجب أن تتوقف".
وكان عضو الكنسيت، المتطرف إيتمار بن غفير قد أعاد افتتاح مكتبه في الحي، في وقت سابق اليوم، وسط اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين على أهالي الحي والمتضامنين معهم، واعتقال أحدهم.
وقبيل إعادةِ افتتاح المكتب، بدأ المستوطنون المتطرفون بالاحتشاد في محيط منزل عائلة سالم المقدسية في الجزء الغربي من حي الشيخ جراح، واجتمع أهالي الحيّ والمتضامنون معهم أمام المنازل للدفاع والتصدي لمحاولات الاعتداء والاستفزاز التي يقوم به المستوطنون.
اقرأ/ي أيضًا | الاحتلال يغلق حيّ الشيخ جرّاح ويفرق الفلسطينيين بقنابل الصوت
كما هاجم مستوطنون الليلة الماضية منازل حيّ الشيخ جراح، وقذفوها بالحجارة، ما أدى لإصابة عدد من قاطنيها والتسبب بخسائر مادية في المنازل، وعلى إثر هذا الهجوم، احتشد أهالي الحيّ للدفاع عن بيوتهم وعائلاتهم، ما أدى لمزيد من القمع على يد شرطة الاحتلال، إضافة لتوفير الحماية للمستوطنين.
التعليقات