الذاكرة الخصبة - جزء من معركة البقاء والحق والشواهد غير قابلة للاندثار (تقرير حول "رحلات الى الجذور")

عودة الى حضن الوطن الضائع في اطار برنامج "رحلات الى الجذور" الذي نظمته "جمعية الثقافة العربية" في ذكرى النكبة

الذاكرة الخصبة - جزء من معركة البقاء والحق والشواهد غير قابلة للاندثار (تقرير حول
”هذه الرحلات الى الجذور تقوي وتعزز الحس الوطني والقومي وتزيد وتعمق وعينا،وان كان ذلك من خلال التعرف على هذه المآسي،والكوارث التي لحقت وتلحق بشعبنا..هذه الرحلات تؤكد لنا حقيقة وهي أننا ما زلنا نعيش نكبة بعد نكبة،وعلى الرغم من ذلك زيارة هذه المواقع والعيش مع ذكريات فلسطين تعزز لدينا المعنويات ونتزود بقوة وثقة بالنفس،والاهم اننا نشعر باننا جزء لا يتجزأ من هذا الشعب الفلسطيني،على الرغم اننا نكون في دهشة واستغراب،كيف ولماذا حصل ما حصل،ووصلنا الى ما وصلنا اليه؟””كل عام نذهب مع جمعية الثقافة العربية الى مسارات”رحلات الى الجذور”،بعيداً عن الترفيه والتسلية ،ويجب علينا كأقلية عربية ليس فقط في ذكرى النكبة،ان نستعيد الذكريات وان كانت مريرة وذلك كي نعي ما حصل لشعبنا ولنحافظ على هويتنا وتاريخنا ونتناقلها من جيل الى جيل”.
واكدّن”خلال هذه الجولات ورغم المعلومات القيمة الا انك تشعر بالحزن على الاراضي التي سلبت والمجازر بحق شعبنا والعائلات التي شردت.نتضايق ونشعر بنوع من الامور المبهمة.
تلاحظ ما تبقى من البيوت وتتساءل:ماذا حصل لاصحابها؟نتضامن مع شعبنا المشتت في الدول العربية.خلال هذه الزيارات والرحلات تعرفنا على تاريخنا واسباب النكبة التي تحاول اسرائيل نفيها وتشويهها،نعود الى الوراء بعجلات الزمن ونحاول العيش والتضامن مع شعبنا الذي ما زال يعيش النكبة”.
”انه امر يبعث على الجنون عندما تلاحظ معالم قرى ومدن فلسطين تعي بان الشعب الفلسطيني كان هنا وتم تشريده وبناء دولة اليهود على انقاض دولة العرب. هذه الرحلات تبعث الامل وتبني شخصية العربي وتحديداً ابناء الشبيبة وتزوده بمعلومات عن وطنه وما حصل لشعبه وكل ذلك يساهم في الحفاظ على ذاتنا وهويتنا لكي لا نعيش في ضياع”.
واضاف ابو الندى”هذه الرحلات تقوي معنوياتنا ونشعر بوجود بصيص من الامل،نحن اصحاب حق ونحن السكان الاصليون لهذه البلاد،يجب على كل عربي ان يفكر بهذا الشيء وان يكون فخوراً بانتمائه،ويعمل على بناء جيل جديد،نحن ما زلنا نعيش النكبة ووضعنا اصعب بكثير مما كان في الماضي”.

للوهلة الاولى تبدو مسارات "رحلات الى الجذور", التي نظمتها مؤخرا "جمعية الثقافة العربية", وكأنها رحلة في احضان الطبيعة،لكن بعد دقائق من السير تتضح أمامك الصورة وتنكشف حقائق التاريخ،فمعالم القرى الفلسطينية وعلى الرغم من مرور 55عاماً على المجازر والتشريد ،الا انها ما زالت صامدة رغم محاولات السلطة واذرعتها المختلفة من جهة وعامل الزمن من جهة اخرى لمحو هذه المعالم،فالزيتون والتين والصبار والكروم والاماكن الدينية وآبار المياه والمقابر وبقايا الابنية تشهد على وجود الشعب الفلسطيني على الارض الفلسطينية قبل قيام اسرائيل حيث عمرّ الارض وزرعها وحافظ عليها،واستشهد دفاعاً عنها ودفن في ثراها.

خلال هذه الرحلات تمت زيارة عدة مناطق وهي الشجرة وحطين وطبريا وعيلبون وفراضية والصفصاف وكفر برعم وصفد وعين الزيتون ودلاثة والنبي يوشع وقدس وهونين والخالصة والقدس وصاطاف وعين كارم ودير ياسين ولفتا وكويكات والغابسية والبصة واقرث ويافا وسيدنا علي والشيخ مؤنس ومطبات العوجا والمنشية واللد والرملة وابو شوشة وعمواس واللطرون.

جمعية الثقافة العربية هي جمعية مستقلة غير ربحية،تأسست عام 1998 بهدف المساهمة في تعزيز وبلورة الهوية القومية والثقافية للاقلية الفلسطينية داخل اسرائيل وفق اسس انسانية وديمقراطية،وذلك ايماناً منها بحاجة كل أقلية قومية لتعريف ذاتها بما يتلاءم مع تحديات العصر ومستجداته.

عن اهداف وطموحات الجمعية ومشروع”رحلات الى الجذور”تقول رئيسة الجمعية،الدكتورة روضة عطا الله:”ترى الجمعية في الهوية القومية هدفاً في حد ذاته كما تراها وسيلة للتصدي لسياسات التهميش والتمييز التي تتبعها قوانين ومؤسسات الدولة”.
وتضيف الدكتورة روضة:”نسعى للمساهمة في بلورة هوية ثقافية منفتحة على الواقع والتاريخ والمساهمة في النقاش حول هويتنا الثقافية،بما يتلاءم مع انتمائنا القومي،ومساعدة الشباب على التعرف على تاريخهم وحضارتهم ومساعدتهم في تطوير شخصية مبادرة واعية لحقوقها وواثقة بنفسها”.

بلغ التهجير والتدمير لوطن وشعب فلسطين في العام 1948 حين استولى الكيان الصهيوني الاسرائيلي على فلسطين الى اكثر من 20 مليون دونم من الاراضي الفلسطينية والتي تمثل 77% من فلسطين بدلاً من 6،56% المقررة له حسب قرار التقسيم.وأصبحت املاك العرب اللاجئين والاراضي الاميرية التي تشكل 675،17مليون دونم ملكاً للدولة”بقدرة قادر”.وتمكنت اسرائيل خلال السنتين الاوليين من احتلال 13مدينة و507 قرية عربية وازالتها من الوجود،من أصل 26مدينة،و 862 قرية عربية كانت قائمة.

اما بالنسبة للسكان العرب في حدود الدولة فقد تقلص عددهم من 800 الف الى 156 الفاً وبذلك تحول العرب الى اقلية على ارضهم ولم يبق للعرب في حدود اسرائيل الا حوالي 820 الف دونم موزعة بين الجليل والمثلث والنقب.
وقد زعمت الدعاية الصهيونية أن أعمال التشريد كانت بسبب نداء الزعماء العرب لتفريغ التجمعات الفلسطينية لتيسير عملية تحرير فلسطين ،الا ان عملية التهجير والتشريد كانت خطة مبرمجة ومنظمة،وخير دليل على هذه الخطة الاستراتيجية التي وضعتها الهاغاناه وتسمى الخطة”د”حيث تم استكمالها في العاشر من اذار 1948 وكانت تعتمد على ثلاث خطط سابقة:الدفاع الثابت،وكذلك الهجوم خارج نطاق حدود الدولة المقترحة اي بهدف منع استخدامها كقواعد لقوة مسلحة فاعلة وكذلك هدم قرى كهذه واجراء تفتيشات وفي حالة المقاومة ابادة القوة المسلحة وطرد السكان الى خارج حدود الدولة. كذلك تعاملت الهاغاناه وفق هذه الخطة مع المدن المختلفة والضواحي العربية حيث تمّ احتلالها والسيطرة عليها وطرد السكان العرب.

عن هذه الرحلات واهميتها في تعميق الوعي الوطني والتاريخي لقضية فلسطين،تحدثت مع بعض المشاركين:
”لأول مرة اشارك في هذه الرحلات،عندما تتجول في ما تبقى من المعالم الفلسطينية تكون في حيرة وتتساءل كيف ضاعت البلاد؟تستعيد الذكريات حول المجازر والتدمير والتشريد للقرى والشعب الفلسطيني الذي تحول الى شعب لاجئين،على الرغم من ذلك الا ان هذه الرحلات تسلحنا بمعلومات جديدة عن واقع شعبنا الفلسطيني،لذا حبذا لو كانت جولات مكثفة لهذه المناطق،فهي فرصة للتوعية والتعرف على تاريخنا وحضارتنا وتثبيت هويتنا وانتمائنا”. ”رحلات من هذا النوع مهمة جداً بالذات لنا كعرب في دولة اسرائيل ،بهدف التعمق في تاريخنا وما حصل لابناء شعبنا من اجل مستقبل افضل للشباب،احياناً نخجل عندما ننكشف على هذا الواقع المر ولا تستطيع ان تحرك ساكناً،لكن على الاقل تستحضر الذكريات في مناطق فلسطين وهذا يعطيك بصيصاً من الامل،والاهم فان هذه الرحلات بمثابة اثراء للمعلومات وخصوصاً للشباب لصقل شخصيتهم وهويتهم ومنحهم الوسائل للعيش والتعامل مع دولة اسرائيل.عندما نزور هذه القرى والمواقع نعي كيف تم اقامة دولة اسرائيل على انقاض شعبنا،لكن ذلك يعزز لدينا الانتماء لهذه الارض والشعب الفلسطيني””لاول مرة نزور ونتعرف على القرى والمدن في منطقة الجليل الاعلى،لهذه الرحلات اهمية قصوى لنتعرف ونحافظ على تاريخ اجدادنا من اجل التواصل والاستمرارية وحمل الرسالة،نحن عرب 48 للاسف الشديد لدينا نقص في المعلومات حول حقيقة شعبنا وهذه الرحلات هي فرصة للتزود بالمعلومات والحقائق”.
واضفن”مع كل الاسف نشعر بالحزن والاسى عندما نرى مساجد وكنائس مهدمة ومقابر عربية مهمشة،مشاعر صعبة للغاية،وهذا نوع من الاهانة لنا كشعب فلسطيني وكبشر لكن من اجل التغلب على الاهانة على الاقل علينا الاهتمام بتاريخنا واستخلاص العبر ونشر التوعية ونقلها من جيل الى جيل كي لا ننسى ،هذه الرحلات والمعلومات تعطينا القوة وتمنحنا الثقة والقوة والتثبت بهويتنا وقوميتنا العربية”.

التعليقات