موسم الزيتون: تراجع المحصول بين سوء المناخ وانعدام الرعاية

رغم أن شجرة الزيتون في الغالب الأعم من الحالات لا تشكل مصدر رزق أساس لدى المزارعين العرب، لكنها تبقى حاملة دلالات رمزية لا تضاهيها شجرة أو ثمرة ليس بسبب نكهتها وسحر طعمها الخاص فحسب.

موسم الزيتون: تراجع المحصول بين سوء المناخ وانعدام الرعاية

رغم أن شجرة الزيتون في الغالب الأعم من الحالات لا تشكل مصدر رزق أساس لدى المزارعين العرب، لكنها تبقى حاملة دلالات رمزية لا تضاهيها شجرة أو ثمرة ليس بسبب نكهتها وسحر طعمها الخاص، فحسب، بل بمجمل دلالاتها الرمزية، لما تشكل عروقها الصامدة والموغلة في غابر الأزمان وجذورها الضاربة في وجدان الأرض وضمير الأجيال، وباتت، إلى جانب نكهتها الخاصة، تحمل معاني الصمود والثبات والبقاء في أرض الوطن ومن شواهده الراسخة.

ويشهد موسم قطاف الزيتون هذا العام تراجعًا عامًا، ليس بسبب ضيق مساحات الأراضي ومصادرتها فحسب، بل، أيضا، لأسباب أخرى متعلقة بالمناخ وبعملية الرعاية لهذه الشجرة، وبعد أن فاض السوق الإسرائيلي بهذه الزراعة الحديثة لدى البلدات اليهودية، والمدعمة بالتقنيات الحديثة التي لا تستطيع الزراعة التقليدية من منافستها والصمود أمامها، رغم التفوق لمنتوج الزراعة التقليدية من حيث الجودة.

حول ذلك رصد موقع عرب 48 آراء بعض المزارعين والمختصين

لا يملك شكيب زهران الكثير من المساحات الزراعية، لكنه يعتبر أن موسم القطاف بات تقليدًا سنويًا منذ مئات السنين و يحمل الكثير من المعاني ولا يتخيل نفسه دون شجرة الزيتون وقال إن 'الموسم هذا العام شحيح وضعيف جدا وبتقديري أن الموسم هذا العام تراجع قرابة الـ80%، مقارنة بالعام الماضي' وأضاف 'صحيح أن الفلاح يسعد بمنتوج أفضل بعد تعب وانتظار الموسم لكن رغم شحة المنتوج إلا أنني أعيش أيام ممتعة تخرجك عن روتين الحياة اليومي ومشاق العمل والهموم المتراكمة وذلك من خلال الأجواء الاجتماعية، التي تميز هذا الموسم وكذلك ترى حالة من التعاون والتكافل والتفاعل مع الأقرباء والأصدقاء مما يشكل متنفسًا من خلال كسر الروتين والتفاعل الاجتماعي، وأنا أحب الأرض وأتمتع بالقطاف مع عائلتي، وأكثر عندما أذهب إلى المعصرة لأحصد خلاصة الموسم، وهذا شعور يعيدك لعبق الماضي الجميل والشعور البريء لآبائنا وأجدادنا، وعلاقتهم بهذه الأرض التي نتوارثها جيلا بعد جيل'.

أما محمد حجازي، فقد أكد نفس الشعور وقال إن 'أي تعامل مع الأرض والشجر يعطيكَ شعورًا مختلفًا من الضغوطات الحياتية، التي نتعرض لها وخاصة مع شجرة الزيتون ومكانتها في حياتنا كعرب إلى جانب الأجواء الاجتماعية الخاصة، التي أصبحنا نفتقدها وحول ضعف المنتوج هذا العام'.

 قال إن هنالك 'عدة أسباب، باعتقادي، ومنها أن المناخ يؤثر، وأثر هذا الموسم، لحد كبير، على كمية المنتوج بسبب الحر الشديد وكذلك بسبب قوة الرياح، التي تؤثر على كمية الثمر وأحيانًا على جودتها، إلى جانب انعدام الرعاية، وأنت تعرف أن معظم زراعة العرب خاصة الزيتون هي زراعة بعلية بدون استخدام مياه الري، بالإضافة إلى عدم استخدام المبيدات الحشرية وتعرض هذه الشجرة للأمراض، مثل ما يسمى بذبابة الزيتون، التي تعري الشجرة من أوراقها وثمرها، لكن، رغم ذلك، نجني منتوجنا مهما كانت كميته، وأنا سعيد بهذه الأجواء اللطيفة والمميزة'.

في حين أكد سليم الحاج على مكانة هذه الزراعة، رغم التراجع، وقال 'رغم ذلك تبقى معاني هذا الموسم وارتباطنا الخاص بهذه الشجرة هو الذي يحرك الناس أكثر، وليس فقط كمية المنتوج رغم أهميته الكبرى' كان من المفروض أن يُشكّل دخلًا مكملًا على أقل تعديل، ولكن هذا هو الحال، ونحن اعتدنا أن شجرة الزيتون البعلي عندنا تحمل كمية منتوج كبيرة كل سنتين، أي سنة تنتعش هذه الشجرة وسنة اخرى تتراجع على اختلاف من الكروم المروية لدى المواطنين اليهود'.

أما ساري أسدي، المزارع حديث العهد، قال بأنه لم يكن يملك شبرًا واحدًا من الأرض 'واستطعت قبل قرابة الأربع سنوات شراء قطعة من الأرض وزراعتها بغرس الزيتون، واليوم، أعمل على قطف المحصول كأول موسم، ولدي شعور رائع، فهذا الموسم يجدد فيك الشعور بالتواصل بين الماضي والحاضر وبيننا كجيل شباب وبين آبائنا وأجدادنا'. وأكمل بالقول 'وبالنسبة لي، كان يومًا مميزًا وفرح عائلي بالعمل والتعاون المشترك الذي يجمع العائلات والأصدقاء بالألفة والمحبة، التي نحتاجها اليوم أكثر في ظل حياة الاستهلاك المتسارعة ولا تهمني كثيرًا كمية المحصول'.

أما عضو مجلس الزيت والزيتون في الشمال، الدكتور مازن علي، أكد أن مجمل تراجع المحصول هذا العام عن العام السابق وصل قرابة الـ60% وأعاز ذلك لأسباب المناخ، ولوباء ما يسمى بذبابة الزيتون، التي تفشت لحد كبير. وحول المقارنة بين الزراعة العربية ولدى البلدات اليهودية، قال إن لا مقارنة تذكر والبَون شاسع، وعلى سبيل المثال فإن الدونم الواحد في الزراعة البعلية لدينا، يستوعب من 20-25 شجرة للدونم الواحد، بينما في البلدات اليهودية و'الكيبوتسات'، فهناك ما يسمى زراعة مكثفة وسوبر مكثفة، أي يستوعب الدونم الواحد 140 شجرة مروية ومعالجة بالطرق الحديثة والعلمية، لذلك نرى أن منتوج الدونم الواحد لديهم أضعاف مما هو عندنا، وبجودة عالية، رغم أنه لا يتفوق على الجودة لدينا من الزيتون السوري، الذي لا يضاهيه زيت، وذلك لأن الأشجار لديهم غير مصابة ومكافحة بالمبيدات الحشرية، وكذلك آلية القطاف ومستوى المعاصر الحديثة جدًا وأوعية النقل وطرق التخزين، كما أن لديهم، مؤخرًا، تطوير وتهجين لأنواع جديدة من أشتال الزيتون المهيأة للقطف الآلي وليس اليدوي، لذلك فإن معدل إنتاج الدونم البعلي الواحد يبلغ قرابة 70 كغم بينما الدونم في الزراعة المروية يبلغ 300 كغم للدونم الواحد'.

وأشار علي بأن علينا العمل لتطوير وتحسين الزراعة لدينا لنحصل على منتوج أكبر 'خاصة أألبطتثهقتلثقصلثطكن استهلاك المواطن اليهودي للزيت خلال السنة يقدر بـ2 كغم ونصف مقارنة بالمواطن العربي الفرد الذي يستهلك 15 كغم'.

التعليقات