محللون: استهداف التجمع استهداف للمشروع الوطني

محللون: استهداف التجمع هو استهداف للمشروع الوطني في الداخل، والمشروع الوطني الفلسطيني عامة ويأتي في سياق تجريم العمل السياسي واعتبار الفلسطينيين في الداخل تهديدا إستراتيجيا للدولة اليهودية

محللون: استهداف التجمع استهداف للمشروع الوطني

أجمع عدد من المحللين على أن استهداف حزب التجمع الوطني الديمقراطي في الداخل الفلسطيني هو استهداف للمشروع الوطني في الداخل، والمشروع الوطني الفلسطيني عامة، كما أنه يأتي في سياق تجريم العمل السياسي واعتبار الفلسطينيين في الداخل 'تهديدا إستراتيجيا' للدولة اليهودية.

 تعرض حزب التجمع الوطني الديمقراطي، فجر أمس الأحد، لحملة مداهمات واعتقالات واسعة طالت العديد من قياديي وناشطي الحزب، بادعاء مخالفة قانون الأحزاب، وهو ما نفاه التجمع جملة وتفصيلا.

ولاقت حملة الاعتقالات استنكارا عارما بين صفوف حركات وقوى شعبية ووطنية وسياسية، معبرة عن تنديدها بحملة الاعتقالات وملاحقة التجمع الوطني الديمقراطي.

وفي هذا السياق، حاور  موقع 'عرب 48' عددا من المحللين والباحثين من البلاد حول رؤيتهم للحملة ضد حزب التجمع الوطني الديمقراطي.

أنطوان شلحت

 يقول الباحث في الشؤون الإسرائيلية، أنطوان شلحت، إن 'هذه الحملة تسجل ذروة جديدة بكل عمليات التجريم السياسي التي تقوم بها حكومة نتنياهو اليمينية ضد الفلسطينيين في إسرائيل وقواهم السياسية الطليعية، التي بدأت تنفيذا لكل الأفكار التي يحملها رئيس الحكومة حول الفلسطينيين في إسرائيل، ارتباطا بنقطة مفصلية في تاريخهم السياسي منذ هبة أكتوبر عام 2000 التي لفتت النظر بحسب مقاربتهم إلى القوة الكامنة لدى الفلسطينيين ليس على صعيد معركة المواطنة والمساواة وحسب، إنما على مستوى القضية الفلسطينية برمتها'.

وأضاف شلحت أن هذه الحملة تأتي استمرارا لخطوة سياسية سابقة بعد حظر الحركة الإسلامية الشمالية، وبالتالي فهي تنطوي على مؤشر بالنسبة لما تضمره هذه الحكومة من إجراءات تجريم سياسية بحق جميع الفلسطينيين وقواهم السياسية فضلا عن منظمات مجتمعهم المدني.

وتابع 'برأيي فإن ردة الفعل على هذه الحملة يجب أن تكون بالحجم الجماهيري والسياسي المطلوب، كون المقصود بها ليس حزبا بعينه إنما مجتمعا بأكمله، لا سيما وأن نتنياهو يعتبر فلسطينيي الداخل تهديدا إستراتيجيا للدولة اليهودية، وبذلك يحاول الاستفراد ببعض القوى بحجة أدوات تجريمية'.

وأردف أنه 'من الواضح أن نتنياهو يعيش بأزمة مع الشرطة والائتلاف الحكومي والولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، لذلك يسعى للهروب إلى الأمام من كل هذه الأزمات من خلال وضع إشارة على عدو مناوب كي يجمع من حوله الرأي العام داخل إسرائيل، مع الإشارة إلى أنه منذ الانتخابات الأخيرة يضع الفلسطينيين بالبلاد في خانة عدو مناوب'.

واختتم حديثه بالقول إن 'وراء هذا الغطاء الجنائي أهدافا سياسية بعيدة المدى، باعتبار أن نتنياهو لا يستطيع مواجهة خطاب التجمع سياسيا ما يجبره على اللجوء للمسار الجنائي، لا سيما وأنه يستخدم ما يسمى منظومة تطبيق القانون كالمستشار القانوني والنيابة العامة لغاية سياسية'.

هنيدة غانم

وقالت مديرة مركز 'مدار' للدراسات الإسرائيلية، هنيدة غانم، إن 'حملة التضييق على حزب التجمع الوطني الديمقراطي، جاءت في إطار محصلة متوقعة من التحولات التي تحصل في داخل إسرائيل، والمستمر منذ فترة، وتحولها نحو اليمين الفاشي'.

وأضافت 'من الواضح أنه لا يمكن الفصل بين ملاحقة التجمع وإخراج الحركة الإسلامية الشمالية عن القانون، لا سيما وأن المؤسسة الصهيونية تسعى لنزع شرعية كل من يخاطب بغير خطابها ويعارضها، حيث نرى توجه هذه الدولة نحو التضييق على المواطنين العرب والسيطرة عليهم'.

وأشارت إلى أن 'هذه الحملة لا تستهدف حزب التجمع الوطني الديمقراطي وحسب، إنما تستهدف جميعنا، مع الأخذ بعين الاعتبار أنها هجمة أيضًا على كل نمط سياسي يقارع ولا يقبل القيام وفق شروط تبغي وضعه في قوالب صغيرة'.

وتابعت 'أعتقد أن الغاية من كل ما يحدث هو محاولة نزع شرعية التجمع الوطني الديمقراطي وعرضه باستمرار في الخطاب الإسرائيلي كحزب متطرف لا يمثل الفلسطينيين في الداخل'.

وأنهت حديثها قائلة 'إنني آمل من كل من لديه حس غير حزبي أن يتجاوز الحزبيات الصغيرة، باعتبار أن المسألة ليست حزبا فحسب وإنما كيف يمكن أن ينتظم العمل الوطني في الداخل دون خضوعه لإملاءات منظومة الدولة ومؤسساتها'.

وقال الباحث في مركز 'مدى الكرمل'، د. مهند مصطفى، لـ'عرب 48' إن 'المؤسسة الإسرائيلية وضعت التجمع الوطني الديمقراطي منذ سنوات تحت المجهر، وانتقلت من تعاملها معه من محاولة التضييق السياسي ثم التجريم السياسي والآن محاولة شيطنة عمله السياسي، والحقيقة أنه منذ تأسيس التجمع وتحديه الأخلاقي والسياسي للصهيونية من جهة وللطابع اليهودي للدولة من جهة ثانية'.

د. مهند مصطفى

وأضاف أن 'التجمع أصبح بالنسبة للمشروع الصهيوني والمؤسسة السياسية تحديا لها، وقد رافق هذا التصور الإسرائيلي محاولات للتضييق على التجمع وتجريم عمله السياسي، بدءا بمحاكمة د. عزمي بشارة ومحاولات منعه من المشاركة في الانتخابات البرلمانية، مرورا بحياكة مخطط للنيل من د. بشارة مما اضطره لاختيار المنفى قسرا، وانتهاء بموجة التحريض الثانية بعد قضية بشارة التي حاولت فيها المؤسسة ليس فقط تجريم العمل السياسي بل شيطنة التجمع الوطني، وذلك عبر التحريض على نواب التجمع، وخصوصا النائبة حنين زعبي، وأخيرا بالمحاولة الأخيرة بالاعتقالات الجماعية التي تؤكد لنا أننا نعيش في دولة تمارس السلطوية ضد العرب الفلسطينيين في الداخل من حيث الخطاب ومن أدوات التعامل معنا'.

وأردف أن 'الحملة ضد التجمع جاءت كونه يشكل أحد مركبات الصمود والخطاب الوطني والهوية الوطنية للمجتمع العربي، وهو سد صلب أمام موجات الأسرلة الأخيرة التي تحاول إسرائيل فرضها على العرب على مستوى الوعي والهوية، مع الإشارة إلى أن الحملة جاءت الآن في ظل ما يسمى بحسم المشروع الوطني الفلسطيني، حيث تحاول المؤسسة الإسرائيلية الحالية في ظل الحكومة الحالية، وفي إطار الواقع العربي والإقليمي والدولي حسم الموضوع الفلسطيني، سواء في داخلها على مستوى المواطنة أو في الضفة الغربية'.

وتابع قائلًا إن 'إسرائيل تجد أنها تعيش مرحلة زهو إستراتيجي وسياسي تحاول من خلاله تصفية المشروع الوطني في الداخل وفي مناطق الـ67، ويعتبر التجمع رأس الحربة في المشروع الوطني في الداخل، خصوصا وأن إسرائيل ترى أن مشروع تصفية الهوية الوطنية بات سانحا في الداخل من خلال تغييب البعد الوطني عن القضايا العامة وعلى مستوى الخطاب، وتصفية المشروع الوطني السياسي في الضفة الغربية عبر تعزيز السيطرة الكولونيالية هناك، علمًا أنه في الداخل كانت الحركة الإسلامية والتجمع مركبين أساسيين من مركبات التصدي لهذه السياسات، ومحاولة ضرب التجمع تنسجم مع ذلك، وأفضل طريقة هي ضرب العمل السياسي الوطني عبر تشويهه كما يحدث الآن'.

اقرأ/ي أيضًا | ملاحقة التجمع: اعتقالات ترهيبية والتفاف شعبي

واختتم أن 'المستهدف الأساسي من هذه الحملة هو المشروع الوطني الفلسطيني في الداخل والخارج، لا سيما وأن الفلسطينيين في إسرائيل تقدموا كثيرا في بلورة مشروع وطني واضح المعالم داخليا وواضح في علاقته مع الحركة الوطنية الفلسطينية من جهة، ومع إسرائيل من جهة أخرى، وكان التجمع أحد المساهمين الرئيسيين في بلورة هذا المشروع والتأثير عليهم عبر خطاب المواطنة من جهة والخطاب الديمقراطي القومي من جهة أخرى، لذلك فإن استهداف التجمع هو استهداف في الحقيقة للمشروع الوطني في الداخل كما هي محاولة استهداف مجمل المشروع الوطني الفلسطيني، وكان حظر الحركة الإسلامية جزء من هذا الاستهداف وكان التجمع في طريقه إلى مثل هذا الاستهداف من حيث حجم وكثافة المحاولة القمعية، كما وأن طريقة الاعتقالات لا توحي بأن الموضوع هو إدارة مالية هنا وهناك، بل عن قضية سياسية بالدرجة الأولى، وفقط الأعمى من لا يرى ذلك، حدثت الاعتقالات وكأن المعتقلين في المناطق المحتلة عام 1967، وعليه فإن المستهدف الأساسي هو المشروع الوطني الفلسطيني من خلال تجريم وحظر وشيطنة كل من يحمله أو يدافع عنه أو يتمسك به'.

التعليقات