ما زالت ظاهرة فرض الإتاوات وجباية الخاوة، تقلق المواطنين وأصحاب المحال التجارية، وتحول دون تطويرهم لمصالحهم، حتى بات البعض يعتبر صيغة التعامل بين المنظمات الإجرامية وأصحاب المصالح التجارية وفرض رسوم حماية مزعومة ظاهرة في مدينة الناصرة.
وعادة ما تتطور العلاقة غير الشرعية بين أفراد المنظمات الإجرامية وأصحاب المصالح التجارية إلى أحداث عنف وجرائم إطلاق نار وتهديدات لعائلات بأكملها من قبل مجهولين، دفعت الكثيرين لرفع صوت التنديدات.
وفي هذا الصدد، أرسلت النائبة حنين زعبي، لوزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان، تطالبه بتحمل المسؤولية حول ظاهرة فرض الإتاوات والخاوة في المدينة، ورسالة أخرى لرئيس البلدية، علي سلام، مطالبة إياه بتحمل المسؤولية أيضًا.
وفي نفس السياق، ألقت الشرطة، الأسبوع الماضي، القبض على 15 شخصًا من المشتبهين بابتزاز أصحاب المحال التجارية في منطقة عين الناصرة، وألقت القبض على شرطي مشتبه بتدعيم أفراد العصابات وتقديم الحماية لهم.
قال الصحافي ساهر غزاوي في حديث لـ"عرب 48"، إن "ظاهرة الخاوة هي من ظواهر العنف والإجرام المستفحلة في مجتمعنا العربي في الداخل بشكل عام؛ ليس فقط في مدينة الناصرة، ويجب العمل على اجتثاث جذورها من مجتعمنا من خلال العمل على تهيئة الظروف والإمكانيات".
وأوضح أن "مجتمعنا قادر على ذلك إن حصنَ نفسه كما يجب من هذه الأمراض التي ما كانت لتنتشر في مجتمعنا لولا وجود ثغرات هنا وهناك، والتي نتحمل جميعًا وزرها بالدرجة الأولى، وعلينا (كمجتمع) تقع المسؤولية الكبرى دون أن نعول على الشرطة ولا غيرها، فجميعنا يعلم كم هي مقصرة ولا تقوم بدورها في مجتمعنا العربي وتعمل وفق الدور المرسوم لها من أعلى، بل إن أفرادها ضالعون في هذه الجرائم كما كشف مؤخرا عن اعتقال شرطي ساعد في أعمال الخاوة والإجرام التي شهدتها الناصرة في الآونة الأخيرة".
وأضاف "نعم... يوجد أعمال الخاوة في الناصرة، لكن برأيي هناك تضخيم وتهويج تجاوز الواقع، وذلك بسبب ما تشهده الناصرة من تجاذبات سياسية بين إدارة البلدية الحالية والمعارضة المتمثلة بالجبهة، خصوصا وأننا مقبلون على ‘حفلة‘ الانتخابات. وللتذكير، أعمال الخاوة التي شهدتها الناصرة مؤخرا (بغض النظر عن حجمها الحقيقي) هي في منطقة العين والتي يبعد عنها مركز شرطة المسكوبية بضعة أمتار، وهذا يعيدنا مرة أخرى للتأكيد على سياسة الشرطة والدور المرسوم لها وعدم التعويل عليها".
وختم غزاوي بالقول: "لا بد من وقفة موحدة في الناصرة وسائر البلدات العربية لاجتثاث هذه الظواهر ‘الدخيلة‘، ولا بد أن يشعر الجميع، وخصوصا أصحاب المطاعم والمحال التجارية بالأمان وراحة البال، وذلك لن يأتي إلا إذا كان هناك تحمل جماعي للمسؤولية، والشعور بالهم الجماعي وليس الفردي فقط وبعيدًا عن التجاذبات السياسية والانتخابية".
ومن جهته، قال عضو كتلة جبهة الناصرة، شريف الزعبي، لـ"عرب 48" إن "ظاهرة الخاوة هي جزء من انتشار الجريمة في مجتمعنا وفي البلاد عامة، وهي جزء من انعدام الأمان والأمن الشخصي بسبب تقاعس الشرطة في القيام بواجبها في الناصرة وغيرها من المدن والقرى
العربية".
وأضاف "من المهم التأكيد على أن الجريمة ومحاربتها هي قضية لا يمكن فصلها عن السياق السياسي، هنالك حاجة لقرار سياسي لمحاربة الخاوة والجريمة ومنظماتها في المجتمع العربي، وما حدث بالناصرة مؤخرا من اعتقالات يثبت أن الشرطة قادرة على معالجة ظاهرة الخاوة عندما تتدخل الحكومة بواسطة وزير الأمن الداخلي، وكلنا أمل أن يكون بيان الشرطة الأخير حقيقي وبداية لمكافحة ظاهرة الخاوة، وليس مجرد بيان استعراضي".
بدوره، قال الصحافي خليل أديب، إن "ظاهرة الخاوة هي السرطان الأكبر في مدينة الناصرة وتؤثر على معيشة
أصحاب المحال التجارية، وقد قمت بشكل شخصي بالاطلاع سابقًا على بعض من هذه الحالات، حيث قام أفراد من العصابات الإجرامية بابتزاز صاحب محل تجاري في الناصرة، وفرضوا عليه مبالغ مالية هائلة وكبيرة، قد يعلن صاحب المحل إفلاسه على إثرها، وإذا رفض دفعها سيتعرض إلى العنف الجسدي وأضرار بالمحل الخاص به، كما ويتعرض للمضايقات في بيته".
وأضاف أديب في حديث لـ"عرب 48" أنه "أعتقد أن الشرطة مقصرة في التعامل مع هذه العصابات، فالواقع يظهر أن الخطر الناجم عن تقديم الشكاوى في الشرطة أكبر من الرضوخ لهذه العصابات، فالشرطة قد تكتفي باعتقال جزء من العصابة ليقوم أفرادها الباقون بإلحاق الضرر بالمشتكي دون تدخل من الشرطة، لذلك على الشرطة أن تتعامل بشكل أكثر جدية مع هذه الظاهرة المقيتة".
في المقابل، أكد مدير نادي السوق، بهاء سليمان لـ"عرب 48": أن "الخاوة لا يمكن اعتبارها ظاهرة في الناصرة، فجميع المشاكل التي تحدث في المحال التجارية هي مشاكل بين أفراد وتضع بخانة الزعرنات ليس إلا، وفعليًا أريد من صاحب محل واحد أن يظهر للعيان ويصرّح بتعرضه لمثل هذه الأعمال".
أما بما يخص كشف الشرطة عن أفراد من العصابات الضالعة بابتزاز أصحاب المحال ومن بينهم شرطي، قال سليمان "أنا على اطلاع كبير على تفاصيل القضيّة، فعلى إثر المشاكل والزعرنات التي حدثت بعدد من المحال في الناصرة قرر بعض أصحاب المحال بالاستعانة برجل أمن ليحمي محالهم بالذات أن هذا الرجل قادر على ذلك ومحبوب بين العامة، مقابل مبلغ مالي بسيط، وهذا الرجل له علاقات مع الجميع ومن بينهم فرد من أفراد الشرطة، وعندما بدأت الشرطة حملتها قامت باعتقاله وجميع من حوله، الأمر الذي دفع البعض للاعتقاد أنه ضالع ومساعد لمنظمات إجرامية وهذا كلام عار عن الصحة".
اقرأ/ي أيضًا | تقرير: ثلثا ضحايا جرائم القتل في البلاد عرب
التعليقات