معاذ يقضي عامه الـ9 في السجون المصرية: مسار قضائي مسدود

9 سنوات في غياهب السجون المصرية، في ظل حالة نفسية متردية تزداد سوءًا في كل يوم يمر على الأسير معاد زحالقة، فيما تصطدم عائلته بطريق مسدود يحول دونها ودون السلطات المصرية ما يزيد الأمور تعقيدا ويطيل أمد اعتقاله ويقوض فرص

معاذ يقضي عامه الـ9 في السجون المصرية: مسار قضائي مسدود

("عرب 48")

9 سنوات في غياهب السجون المصرية، في ظل حالة نفسية متردية تزداد سوءًا في كل يوم يمر على الأسير معاد زحالقة، فيما تصطدم عائلته بطريق مسدود يحول دونها ودون السلطات المصرية ما يزيد الأمور تعقيدا ويطيل أمد اعتقاله ويقوض فرص الإفراج عنه.

يقضي الشاب معاذ زحالقة (40 عاما)، عقوبة السجن المؤبد في السجون المصرية منذ العام 2011 بتهمة تهريب السلاح داخل الحدود المصرية والتخابر ضد مصر.

وأصدرت محكمة مصرية حكما بالسجن المؤبد على زحالقة وشابين آخرين بعد إدانتهم بتهريب أسلحة من إسرائيل إلى مصر عن طريق معبر طابا الحدودي.

ومنذ اليوم الأول لاعتقاله، رفض معاذ كل التهم الموجهة ضده، وأنكر كافة الأدلة لتي قدمتها القوات الأمنية والنيابة العامة المصرية إلى هيئة المحكمة، ووصفها بأنها ملفقة ووهمية.

وفي حديث لـ"عرب 48"، يؤكد شقيق معاذ، المحامي نائل زحالقة أن "معاذ لم يحظ بمحاكمة عادلة من قبل القضاء المصري". مشيرا إلى أن "الحكم على المخالفة التي نسبت لمعاذ ظلمًا، لو افترضنا كونها حقيقية، فهي لا تتعدى الـ8 سنوات بحسب القانون المصري".

تفاصيل القضية

في العام 2011 عمل معاذ كمشرد سياحي، وأثناء عملية فحص عادية على الحدود، اكتشف أن صندوقا خشبيا، وُكل لمعاذ نقله لمرشد سياحي أوكراني آخر تواجد في شرم الشيخ، يحتوي على قطعة سلاح من نوع "كلاشنكوف"، مثل التي تستخدمها القوات الأمنية المصرية.

أنكر معاذ ملكيته لقطعة السلاح أو أي صلة تجمعه بها، وادعى في المحكمة أنه لم يكن على علم بمحتويات الصندوق، مشيرا إلى أنه "نقلها على سبيل الخدمة، قدمها لمن طلب منه تمرير الصندوق للمرشد الأوكراني".

حوكم معاذ عسكريًا، وأصدرت المحكمة العسكرية ضده وضد المرشد الأوكراني حكمًا بالسجن المؤبد، ونصّت لائحة الاتهامات الموجهة إليهما، على أنهما كانا يعتزمان توريط قوات الأمن المصرية بهجمات إرهابية في سيناء، وهو الأمر الذي نفاه معاد منذ اليوم الأول لاعتقاله.

"معاد حُكم ظلما"، يقول شقيقه نائل، مضيفًا "لم نترك بابا إلا وطرقناه، سواء في الدوائر الحكومية في إسرائيل أو في مصر أو من خلال التوجه إلى المسؤولين، ولم تكن هناك أي محاولات جدية من الأطراف المعنية للإفراج عنه".

وعن حالة معاذ، ذكر شقيقه أنه "نتواصل معه من خلال الزيارات، مرة كل ستة أشهر، في البداية كانت معنويات معاذ متينة وكان صامدا، لأنه كان واثقا من أن يفرج عنه بما أنه متيقن أن ما نسب له كان باطلا، كان يشعر أنه يعيش في كابوس سينتهي في أي لحظة، وأنه لن يحاكم"

وأوضح زحالقة أنه "مع مرور السنين تدهورت حالة معاذ النفسية كثيرا ووضعه النفسي بات سيئا جدا الآن، يشعر بفقدان الأمل والاستسلام، حتى وصل به الأمر أن يطلب منا عدم زيارته، لأن هذا يثقل عليه".

المحاكمة في "زمن الطوارئ"

وعن الإجراءات القضائية، أوضح زحالقة أن "معاذ حوكم وفقًا لقانون الطوارئ في مصر، وبناء على قانون الطوارئ فإن المتهم لا يملك حق الاستئناف".

وأوضح أن "المساحة التي يمتلكها المتهم في هذه الحالة (المحاكمة وفقًا لقانون الطوارئ) تتمثل بما يسمى بـ‘التظلم‘، حيث يحق لك بين فترة المحاكمة وإصدار الحكم تقديم اعتراض خطي لا يناقش في جلسة رسمية، وهو أن تطلب من رئيس الجمهورية أن يمتنع عن المصادقة على الحكم بسبب أخطاء وقعت في لائحة الاتهام. للأسف، فإن الحكم ضد معاذ كان في فترة الثورة المصرية، ولم يكن هناك رئيس لجمهورية مصر، ولم تكن الأوضاع السياسية مستقرة".

واستطرد "قدمنا تظلمًا مفصلًا، يرتكز على سوابق من المحاكم المصرية، حيث لا يمكن إدانة شخص في الظروف والحيثيات التي كانت في ملف معاذ، ولكن التظلم رفض والحكم ثُبت عليه، وقانونيا لم يكن لدينا أي وسيلة اعتراض أخرى".

وأوضح أنه "في نهاية العام 2017، أصدرت المحكمة الدستورية قرار حكم، يبطل بند الاتهام الذي أدين بموجبه معاذ بصفته بندًا غير قانوني، ووفقا لذلك يمنح المتهم حق إعادة المحاكمة، قدمنا طلبًا لإعادة المحاكمة ولكن الطلب قوبل بالرفض".

ويعزو زحالقة ذلك إلى أن "محاكمة معاد تأثرت من الأوضاع السياسية غير المستقرة التي مرت بها مصر، أضف على ذلك هوية معاذ أيضا (هوية إسرائيلية) كان لها ضلع في الموضوع، وللمفارقة والعدل، فإن أقصى مخالفة يمكن أن يرتكبها حامل الهوية الإسرائيلية في مصر هي التخابر لصالح إسرائيل، والتاريخ يبين أن من اتهموا بهذه التهم سابقا حُكموا لمدة 15 عاما، فلماذا يحكم على معاذ بالمؤبد؟ حتى وإن كانت التهم صحيحة، هذا يدل على أن الحكم لا يمت للواقع بصلة".

يشار إلى أن المئات من أهالي قرية كفر قرع، تظاهروا أمس الجمعة، عند مدخل القرية للمطالبة بإطلاق سراح الشاب زحالقة، حيث رفع المتظاهرون لافتات عليها صور السجين، وشعارات تضامنية مع عائلته.

وجاءت هذه التظاهرة بعد تشكيل لجنة شعبية خاصة لقضية زحالقة الشهر الماضي، من قبل نشطاء بالتعاون مع عائلة زحالقة.

وخلص نائل زحالقة في ختام حديثه لـ"عرب 48" إلى أن "هذه الخطوة الأولى من أجل كشف قصة معاذ، والتوضيح للناس أنه بريء من التهم الموجهة إليه، سوف نصعد في خطوات مستقبلية، وسوف تكون المساحة مفتوحة لكل إجراء ممكن في هذا السياق".

التعليقات