في ظل كورونا وتزامنا مع ذكرى النكبة: نبش مقدسات ومواقع أثرية بالقرى المهجرة

وثق باحث الآثار والمقدسات العربية والإسلامية في فلسطين، عبد الرازق متاني، العديد من عمليات الحفر والنبش للمقدسات والمقامات بغرض طمسها، مؤكدا استمرار مسلسل الانتهاكات للمقدسات والاعتداءات على المواقع الأثرية، خلال فترة الإغلاق بسبب جائحة كورونا.

في ظل كورونا وتزامنا مع ذكرى النكبة: نبش مقدسات ومواقع أثرية بالقرى المهجرة

مقام وقبر الصحابي تميم ابن أوس قرب الخليل

*نبش وحفر أرضية مسجد حطين قضاء طبرية

*انتهاك وحفر مقام الصحابي تميم ابن أوس الداري الواقع في بيت جبرين قرب الخليل

*الظاهرة آخذة بالانتشار بسبب تقاعس المؤسسة الإسرائيلية ومنع الجمعيات العربية من صيانة وترميم المقدسات

*السلطات الإسرائيلية تغض البصر عن عمليات النبش والحفريات بقصد تدمير المواقع وطمس معالم القرى المهجرة


كشفت إفادات موثقة بالصور للعديد من الشبان العرب الذين تجولوا في المناطق الطبيعية والقرى المهجرة بعد رفع تقييدات الإغلاق للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، انتهاك ونبش أرضية مقامات ومساجد، وحفر وتدنيس قبور لبعض الصحابة ومواقع تاريخية أثرية عربية وإسلامية بالقرى المهجرة، إذ تم الكشف عن هذه الانتهاكات عن طريق الصدفة عشية الذكرى الـ72 للنكبة.

من داخل مقام وقبر الصحابي تميم ابن أوس قرب الخليل

ووفقا للمعلومات التي تم توثيقها وجمعها، يرجح بأن من يقف وراء عمليات النبش والتدمير مجموعات قراصنة الآثار وسارقي القبور والكنوز، علما أن هذه المواقع الأثرية والمقدسات العربية والإسلامية في القرى المهجرة، تخضع لرقابة سلطة الآثار الإسرائيلية التي وضعت اليد عليها بعد النكبة، وتمنع الجمعيات والهيئات العربية من التواصل معها وصيانتها وترميمها.

ومع استمرار مسلسل الاعتداءات والانتهاكات للمقدسات والمواقع الأثرية، لم تحرك سلطة الآثار الإسرائيلية ساكنا لصيانتها ومنع نبشها أو تدميرها، بل تحظر على الجمعيات والفعاليات الفلسطينية صيانة ورعاية المقدسات والمواقع الأثرية التي تتعرض للتدمير الممنهج، وتلاحق أي مؤسسة وجمعية عربية تنشط في الحفاظ على المعالم التاريخية والأثرية في القرى المهجرة.

نبش وحفر أرضية مسجد حطين في قضاء طبرية

وأظهرت الصور والإفادات لشهود عيان ممن تجولوا بالقرى المهجرة خلال شهر أيار/ مايو الجاري، بعد تعليق إجراءات الإغلاق بسبب أزمة كورونا، نبش وحفر أرضية مسجد حطين في قضاء طبرية، وكذلك نبش وحفر مقام الصحابي تميم ابن أوس الداري الواقع في بيت جبرين قرب الخليل.

وتتعرض العشرات من المقدسات والمقامات العربية في القرى المهجرة التي تم طمس معالمها بالغابات والأحراش بعد نكبة العام 1948، وخصوصا في المنطقة الجنوبية من البلاد ومشارف القدس، لعمليات نبش واعتداءات وسطو وسرقة للآثار.

طمس وتدمير

وتتبع المواقع الأثرية التي تم نبشها وحفرها لـ"سلطة الآثار الإسرائيلية" و"دائرة أراضي إسرائيل" التي حولت القرى المهجرة لأحراش ومتنزهات وحدائق عامة، إذ تتعمد إهمال القرى وما تبقى من معالم أثرية، كما تمنع أي جهة عربية من دخول المقامات والمساجد والمقابر للصيانة والترميم، سعيا من المؤسسة الإسرائيلية لطمس وتدمير هذه المواقع العربية ووضع اليد عليها بذريعة أنها آيلة للسقوط.

مئذنة مسجد حطين آيلة للسقوط بسبب النبش ومنع ترميمها وصيانتها

وفي الفترة الأخيرة، لم تسلم المساجد والمقامات والمقابر من اعتداءات ونبش وحفر أرضيات، كما حدث في مساجد الغابسية، عمقا، ومقام الصحابي معاذ بن جبل في قرية عمواس.

ويأتي الكشف عن هذه الانتهاكات والتدمير الممنهج للمواقع الأثرية والمقدسات والمواقع الأثرية من قبل قراصنة الآثار، بفضل جهود مجموعات الرحالة والمتجولين ومجموعة مسارات الداخل، الذين أصبحوا يمثلون صوت المقدسات والقرى المهجرة، وباتوا يوثقون مثل هذه الاعتداءات ويفضحوها.

نبش وحفر

ووثق باحث الآثار والمقدسات العربية والإسلامية في فلسطين، عبد الرازق متاني، العديد من عمليات الحفر والنبش للمقدسات والمقامات بغرض طمسها، مؤكدا استمرار مسلسل الانتهاكات للمقدسات والاعتداءات على المواقع الأثرية، خلال فترة الإغلاق بسبب جائحة كورونا، أبرزها نبش وحفر ساحات مسجد حطين في قضاء طبرية، ونبش مقام الصحابي تميم ابن أوس الداري الواقع في بيت جبرين قرب الخليل.

مقام الصحابي معاذ ابن جبل في قرية عمواس المهجرة تعرض للانتهاكات والحفريات

واستعرض متاني لـ"عرب 48" آليات النبش والحفر بالمقدسات والمقامات بغرض سرقة الكنوز والبحث عن الذهب وقرصنة الآثار، مبينا أن "هذا المسلسل الممنهج للاعتداءات يتم من قبل سارقي الكنوز والآثار، إذ أن الظاهرة آخذة بالانتشار بسبب تقاعس المؤسسة الإسرائيلية التي تمتنع عن معالجة الشكاوى الرسمية التي قدمت، وكذلك تغض البصر عن عمليات النبش والحفريات بقصد تدمير المواقع وطمسها".

واستذكر باحث الآثار والمقدسات العربية والإسلامية عمليات نبش وحفر للعديد من المقامات والمساجد في فلسطين التاريخية خلال العام الأخير، والتي كان أبرزها المقام والمقبرة في قرية عمواس على مشارف اللطرون، وكذلك عمليات السطو والسرقة للآثار في مقام ومسجد الصحابي معاذ بن جبل، وتدمير أرضيات الكثير من المساجد والمقامات، كما حدث في مساجد الغابسية، عمقا، وكذلك نبش وتدمير المقابر المسيحية والإسلامية في القرى المهجرة.

انتهاك واعتداء

وأعرب متاني عن اعتقاده بأن حجم الدمار والانتهاكات والاعتداءات والتخريب للمقدسات والمواقع الأثرية بالقرى المهجرة أوسع بكثير، مبينا أن ما يتم اكتشافه هو من خلال أعمال توثيق فردية ومن خلال مسارات وجولات لمجموعة مسار من الداخل التي تتجول أيضا بالقرى المهجرة، وليس من اختصاصها توثيق الانتهاكات وعلميات النبش والحفريات.

وحمّل المؤسسة الإسرائيلية كامل المسؤولية عما تتعرض له المقدسات العربية والإسلامية من انتهاكات وعمليات تدمير ممنهجة، واتهمها بـ"إطلاق العنان لسارقي الآثار بمواصلة عمليات الحفر والنبش في المقابر والمقامات والمقدسات بقصد تدميرها وطمس معالمها، علما أن غالبيتها العظمى باتت مهددة بالاندثار وآيلة للسقوط".

وأوضح أن "التدمير الممنهج للمقامات والمقدسات، ينضاف إلى المخططات التهويدية والاستيطانية الهادفة لوضع اليد على أراضي وعقارات اللاجئين والمواقع في القرى المهجرة، ويأتي في ظل منع السلطات الإسرائيلية المؤسسات والجمعيات العربية من التواصل مع المقدسات والمواقع الأثرية بغية صيانتها وترميمها، بل يتم ملاحقة كل من يتواصل مع المعالم التاريخية والأثرية والمقدسات في القرى المهجرة وتغريمه وتقديمه للمحاكمة".

ترميم وصيانة

ودعا متاني الهيئات والجمعيات والفعاليات العربية بالداخل إلى "وضع ملف القرى المهجرة والمقدسات على أجندتها، من خلال التواصل وترميم وصيانة المقامات والمقدسات على مدار العام وليس فقط بالتزامن مع ذكرى النكبة"، مشددا على "ضرورة متابعة الانتهاكات والاعتداءات قضائيا، إلى جانب فضح عمليات النبش والقرصنة والتدمير للمعالم العربية والأثرية والإسلامية في القرى المهجرة".

وناشد باحث الآثار والمقدسات العربية والإسلامية، المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والإنسانية، بـ"ممارسة الضغوطات على الحكومة الإسرائيلية لوقف مسلسل الانتهاكات والاعتداءات الممنهج على المقدسات والمقابر والمساجد، وإلزامها السماح بالحفاظ وصيانة لما تبقى من معالم القرى المهجرة والمواقع الأثرية التي تثبت هوية وعروبة وحضارة المكان"، مبينا أن "الحفاظ على المقدسات والآثار الذي تضمنه المواثيق الدولية هو واجب أخلاقي وإنساني وقيمي قبل أن يكون واجب إسلامي وعربي".

التعليقات