صراع على الهوية في حيفا: شطب الاسم العربي لحي وادي الجمال

قررت لجنة التسميات في بلدية حيفا، حديثا، ألا توصي المجلس البلدي بإضافة اسم "وادي الجمال" العربي إلى جانب اسم "عين هيام" العبري في حي وادي الجمال بالمدينة.

صراع على الهوية في حيفا: شطب الاسم العربي لحي وادي الجمال

منظر عام في وادي الجمال

قررت لجنة التسميات في بلدية حيفا، حديثا، ألا توصي المجلس البلدي بإضافة اسم "وادي الجمال" العربي إلى جانب اسم "عين هيام" العبري في حي وادي الجمال بالمدينة.

وأعرب عدد من الناشطين في حي وادي الجمال في حيفا عن استيائهم من قرار لجنة التسميات في بلدية حيفا الذي اتخذته في جلستها التي عُقدت، يوم 12 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، عدم التوصية للمجلس البلدي بإضافة اسم وادي الجمال العربي إلى جانب اسم "عين هيام" العبري على اليافطات الخاصة بحي وادي الجمال.

وحول هذا القرار، حاور "عرب 48" عددا من الناشطين في الحي الذين أجمعوا على أنه لا يمكن شطب التاريخ العربي وتغييره في حيفا، طالما الأجيال تحفظه من مخططات الطمس والشطب والتشويه.

واستعرضت الناشطة المجتمعية، فدوى سروجي، والتي تعمل منذ عقدين من أجل إعادة إطلاق الاسم العربي على الحي إلى جانب الاسم العبري المبتدع "عين هيام" الخطوات وتاريخ الحراك الحيفاوي من أجل تثبيت اسم الحي العربي.

وقالت سروجي لـ"عرب 48" إنه " في العام 1951 تغير اسم الحي إلى 'عين هيام' حسب أرشيف البلدية، وفي العام 2006 حُرك الموضوع مجددا، وطلبوا إزالة الاسم العربي بشكل نهائي من على كافة اليافطات الموجودة في الحي، لنعلن رفضنا في العام 2013 وبضرورة تسمية الحي باسمه العربي الحقيقي إلى جانب الاسم العبري، ووافقت لجنة التسميات حينها على ذلك، وتم قبول وضع اسم وادي الجمال، على أن هذا الاسم هو الاسم القديم للحي والمتداول منذ عشرينيات القرن الماضي. وفي العام 2018 قام أعضاء البلدية عن الجبهة بالتحدث للصحافة وقالوا إن اليافطة الخضراء حديثة العهد، مع أنها كانت منذ العام 2013، وطلبوا تصحيح خطأ مطبعي ورد فيها، وحاولوا أن ينسبوا الأمر لجهودهم في وضع اليافطة. وفي آذار/ مارس 2020 تقدمتُ بطلب لبلدية حيفا، عن طريق لجنة التسميات بإرفاق عريضة موقعة من 1000 مواطن طالبنا فيها بإضافة اسم وادي الجمال، وفي يوم 2 آب/ أغسطس 2021، عُقدت جلسة للجنة التسميات بإدارة رئيسة بلدية حيفا، عينات كاليش، في البلدية صودق فيها على إضافة الاسم لجانب الاسم العبري على كافة اليافطات الرسمية المتعلقة بحي وادي الجمال. وبعدها قامت المعارضة ضد رئيسة البلدية بإجراء تغييرات في بعض اللجان، بينها لجنة التسميات، إذ ترأست اللجنة عضو البلدية، المحامية سريت غولان شطاينبرغ، ليتم تحديد جلسة للتداول في قضية اسم حي وادي جمال، يوم 5 كانون الأوّل/ ديسمبر الجاري، لكنها لم تعقد، لعدم تمكن عدد من الأعضاء الحضور، وتأجلت الجلسة لغاية 12 كانون الأول، وتغيب كافة أعضائها العرب، رغم معرفتهم عن مواضيع النقاش في جدول الأعمال، وبضمنها اسم وادي الجمال".

واعتبرت أن "التغيب كان تقصيرا بحق قضية وادي الجمال، وقانونيا لا يجوز انعقاد الجلسة في ظل غياب عدة أعضاء من مشرب واحد، لتكون اللجنة أحادية التوجه، وعتبي الوحيد على التقاعس الدائم من قبل أعضاء الجبهة، وخصوصا شهيرة شلبي التي هي عضو معين من الإدارة الحالية في لجنة التسميات، وتمت المصادقة على تعيينها في اللجنة بالمجلس البلدي المعارض لرئيسة البلدية، إذ أنه حتى بإمكان أية عضو منتخب في لجنة معينة في حالة غيابه عن الجلسات، وهو على علم ببنود الاجتماع، أن يرسل رأيه ومطالباته للمواضيع المدرجة على جدول أعمال الجلسة، ولكن هذا لم يحدث. وذات الأمر أي التقاعس حدث بحق د. عروة سويطات في لجنة المحافظة على التراث المعماري في حيفا، إذ تغيب أعضاء الجبهة حين تم إخراجه من اللجنة، ولم يرسلوا توصياتهم".

لبنى ناصر

وختمت سروجي بالقول إنه "في يوم 12 كانون الأول، تم إبطال قرار رئيسة البلدية المسؤولة عن لجنة التسميات الذي تمت المصادقة عليه، يوم 2 آب، بشكل ساخر، إذ عقبت المسؤولة عن اللجنة بأنه ليس من الأهمية وجود عريضة موقعة من ألف مواطن من حيفا يطالبون بإعادة اسم وادي الجمال، لأنه وبحسب رأيها، القرارات والمناقشات ليست برنامجا ترفيهيا، فحتى إبطال القرار تم بشكل ساخر. يا للأسف، الأمر عنصري للغاية والتمييز فيه جلي وواضح، وقرا الإبطال ليس نهائيا بشكل عملي، فأي قرار تتخذه أية لجنة يجب أن يصادق عليه المجلس البلدي، ونحن لم نصل إلى مرحلة المصادقة من قبل المجلس البلدي. حاليا، نحن في مرحلة الاستشارة القضائية، وبانتظار قرار المستشارة القضائية في البلدية، لأن هناك الكثير من الإجراءات التي تخالف القانون، ومن بين هذه الإجراءات وجود شخص لا يجب حضوره اجتماعات لجنة التسميات، وهو من المعارضين أصلا للأمر".

وقالت الناشطة المجتمعية، لبنى ناصر، من حي وادي الجمال لـ"عرب 48" إنه " من حق سكان وادي الجمال أن يطلق على حيهم اسمه العربي 'وادي الجمال' فهو اسم الحي قبل قيام دولة إسرائيل، فإذا كانوا يريدون إطلاق اسم 'عين هيام' على الحي من أجل السكان اليهود في الحي فلا بأس، ولكن أن يقوموا بمحو اسم الحي الحقيقي فهذا ليس من شأنهم، ولن نتنازل عن حقنا في الاحتفاظ باسم وادي الجمال".

وأكدت أن "نضالنا في مواجهة تهويد الحي يمتد لسنوات طويلة مضت، ونحن كسكان حي وادي الجمال مستمرون في النضال حتى النهاية ضد كل من سينتزع حقوقنا، سواء كانت البلدية أم غيرها".

وختمت ناصر بالقول إن "المواطنين العرب يشكلون الأغلبية في الحي. يجب أن يأخذوا موافقتنا ليغيروا اسم حينا العربي، وإذا ما أرادوا من باب سلطة الأمر الواقع وضع اسم عبري فيجب أن يلازمه الاسم العربي، وادي الجمال، ولا يستطيع أحد على وجه الأرض شطب التاريخ أو تغييره أو طمسه، ونحن لسنا مستعدين للتنازل عن تاريخنا وتراثنا ما حيينا".

وفي السياق، قال الناشط السياسي، ولاء سبيت، من حي وادي الجمال، لـ"عرب 48": "أنا ابن حي وادي الجمال، وأعد نفسي ناشطا، وبدايةً أود القول إن حي وادي الجمال هو حي عربي عريق، شأنه في ذلك شأن كل أحياء مدينة حيفا العربية العريقة، ولسنا مستعدين لطمس هويتنا وتاريخنا وتراثنا وحتى ذاكرتنا".

إيلي بدران

وأكد أن "وادي الجمال اسم ضارب في القدم، ولا يعرف للحي اسم سواه، فالموروث اللغوي لا تغيره كتابة عابرة، والأجيال الناشئة ستستمر بالحفاظ على هوية المكان واسمه وتاريخه، على الرغم من كل محاولات التهويد وتحريف التاريخ، وطالما نحن صامدون هنا فلن نسمح لأحد بتغيير اسم حينا لأي اسم آخر".

ومن جانبه، قال الناشط الجماهيري، إيلي بدران، من سكان حي وادي الجمال لـ"عرب 48" إن "ثقتنا أن موضوع اسم الحي سيثار مجددا بمهنية وقوة ودعم جماهيري، إذ لم يكن قرار إلغاء إعادة اسم الحي الأصلي 'وادي الجمال' إضافة إلى اسم الحي العبري مفاجئا، بل كان متوقعا".

وأضاف أن "من يتابع مجريات الأحداث عن كثب داخل أروقة البلدية، يعلم أن هذه القرارات يتم طرحها أيام عديدة قبل الدخول إلى اللجان والتصويت حتى وإن كانت بدعوة مفاجئة من المعارضة، كما أن طرح موضوع اسم الحي من جديد بعدما أقر بشكل مهني في السابق ما كان ليُفسّر بحسن نية. ومع هذا، يا للأسف، تغيب الصوت العربي في لجنة الأسماء هذه المرة أيضا".

وختم بدران بالقول إنه "نعم، نحن أبناء حيفا لسنا بحاجة إلى اعتراف من لجنة التسميات باسم حيينا، ونعم الاسم 'وادي الجمال' كان وسيبقى، لكن علينا ألا نجعل هذه الجمل المشحونة بالمبادئ الجميلة أن تتحول لذريعة خمولنا كمجتمع أو تقاعسنا كممثلي جمهور في الدفاع عن هوية مدينتنا وأحيائنا، وعلينا إبداء المواقف الصريحة من سياسات تحارب كل ما هو عربي وجزء من هويتنا ما قبل الحدث، ومن خلال الحدث أيضا بحضورنا الفعال والمهني، وليس فقط بشعارات، لنجبر ما قد كُسر".

وعقبت عضو بلدية حيفا عن الجبهة، وعضو لجنة التسميات، شهيرة شلبي، على اتهام أعضاء الجبهة في بلدية حيفا بالتقاعس، لـ"عرب 48" بالقول إن "الاسم العربي لحي وادي الجمال سيبقى، سواء اعترفت البلدية بذلك أو لم تعترف. لقد طلبتُ وأعضاء آخرون تغيير موعد الاجتماع. وكذلك طلب هذا عضو اللجنة، د. كميل ساري، وهو ابن الحي ومختصّ في علم الآثار".

وأضافت أن "القرار اتخذ بذريعة عدم الاطلاع على الملفات والوثائق التي تم تقديمها في اجتماعات سابقة، والتي تثبت أن اسم 'وادي الجمال' كان متداولا في السجلات الرسمية والخرائط في فترة الانتداب، وحتى بعد قيام الدولة لغاية العام 1954، كذلك ادّعوا أن عملية تغيير اسم الحي رسميًا تتطلب إجراءات قانونية أمام الحكومة ووزارة الداخلية. وبالتالي لن يتم إدراج الموضوع على جدول أعمال المجلس البلدي في جلسته المقبلة، ولكنه سيبقى مطروحًا أمام لجنة التسميات".

وختمت شلبي بالقول إن "اللافتات الخضراء في مدخل الحي تحمل الاسم العربي 'وادي الجمال' إلى جانب الاسم العبري 'عين هيام' منذ عدّة سنوات. نرفض الاعتراضات العنصرية التي طرحتها بعض الجهات العنصرية اليهودية. وكذلك نرفض تحويل الموضوع إلى مناكفات داخل الشارع العربي. ولقد تواصلنا مع د. كميل سار،ي وسنعيد طرح الموضوع مع جميع الوثائق التي تم تحضيرها في السابق".

التعليقات