31/10/2010 - 11:02

تجنيد العرب- طلب مقفي../ خالد خليل

تجنيد العرب- طلب مقفي../ خالد خليل
لو كان موشي ارنس في موقع رسمي مسؤول لم يكن ليتجرأ على قول ما قاله مؤخرا فيما يتعلق بتجنيد العرب، حتى وان كان تحليلا منطقيا متماسكا ومنسجما مع التطورات التي أفرزتها سياسة السلطة تجاه المواطنين العرب. فالوظيفة الرسمية تحتم الالتزام والانضباط بالبرامج والاستراتيجيات المعدة سلفا، وليس بالإمكان تغييرها.

ارنس يرى بتجنيد العرب مسارا ضروريا لترويضهم، وبالتالي كسب ولائهم للدولة بشكل طبيعي وتدريجي وعن قناعة، وليس بواسطة قوانين مفروضة قسرا. هذا الاستنتاج قد يكون صحيحا من ناحية التفكير المجرد الذي لا يأخذ بالاعتبار كافة الجوانب وخاصة الجانب الإرادي المتعلق بالناس مجموعة الهدف.

القوانين القسرية وسياسة التخويف والترهيب مثلها مثل سياسة الإغراء فشلت في ترويض العرب في الماضي والحاضر ولن تنجح في المستقبل، لأن جماهيرنا راكمت تجربة وخبرة وشجاعة تتضمن عناصر الإفشال لتلك القوانين ولهذه السياسة، وهذا ما تجلى غائبا في تحليلات ارنس التي تضمنها مقاله المنشور في صحيفة هآرتس يوم الثلاثاء الماضي.

فمن غير الطبيعي ومن غير المنطقي ومن غير المعقول أن نصل نحن العرب أهل البلاد الأصليين إلى قناعة الولاء للدولة الصهيونية مهما عظمت الإغراءات، فجرحنا المفتوح جراء الجريمة الصهيونية الكبرى في فلسطين، أوسع كثيرا من أن تدمله سياسة الترغيب والإغراء. والكرامة الوطنية والقومية خط أحمر عصي على المساومة والتسويات.

إذا كان آرنس تعلم من بعض الحالات الفردية أن أمر الترويض الجماعي وارد، فإننا نؤكد له ولغيره أنه يعيش في وهم جديد يضاف إلى الأوهام القديمة التي ولدتها سياسات القمع والترهيب.

في الماضي كان الأطفال يمارسون لعبة المراهنة من خلال تخمين كمية „البنانير” في قبضة الغريم، وعندما يخسر أحد الأطراف كل ما لديه تتاح له إمكانية التخمين الأخير، وهذه تسمى الطلب المقفي، أي النهائي، لكنه يتضمن إمكانية الفوز مجددا والاستمرار بالمراهنة.

يبدو أن اقتراح آرنس تجنيد العرب من أجل كسب ولائهم للدولة يقع في دائرة الطلب المقفي بعد خسارة جميع الرهانات السلطوية، لكن هذا الطلب لا يتضمن إمكانية الفوز حيث أن الموقف الوطني لجماهيرنا غير قابل للمراهنة.

من الواضح أن القيادات الإسرائيلية اليمينية بتياراتها المختلفة ما زالت أسيرة نظرة الشك والريبة من الوجود العربي في البلاد، وجميعها تنطلق من قاعدة العداء له أو التعامل معه على أنه وجود معاد، مما يعني ضرورة وضعه تحت المراقبة الدائمة في إطار مخططات ترسمها السلطة له حتى وإن وافقت هذه التيارات على التعايش مع هذا الوجود دون الترانسفير، كما يطرح اليمين المتطرف.

وهذه القيادات ذاتها التي تقترح تجنيد العرب هي التي تطرح أيضا الدولة الواحدة من منظار صهيوني مضمونه مواصلة سياسة إقصاء العرب من أي مشاركة سياسية متساوية على الرغم من قناعتها بضرورة تحسين أوضاعهم تحت سقف الأمن القومي اليهودي.

التعليقات