31/10/2010 - 11:02

حكومة على فراش الموت.. / وليد أيوب

حكومة على فراش الموت..  / وليد أيوب

تجاوز ما جاء في تقرير لجنة «فينوغراد»، في هوله وفداحته، كلّ ما تخيّله الإعلاميون وما لم يتخيّله المحلّلون وما استحال أن يتصوره أولمرت وبيرتس وحالوتس، برغم أنهم يدركون ما فعلته أياديهم وما عجزت عن تنفيذه، لسوء الإدارة وسوء التقدير وغياب التجربة، ولكون «العدو» قويّا صمد على تراب وطنه ولقّن جيش «الدفاع» الإسرائيلي درسا، بل أخذه إلى دورة بماركة لبنانية إسمها «إللي راح ما عاد ينعاد»، كما كان «تساهل» قد دأب على أن يجري نزهة في هذه الأرض العربية أو أن ينتهك تلك المدينة أو المنطقة.

إعترف «فينوغراد» - وهو الإعتراف الإسرائيلي الأول بالفشل منذ قيام الدولة العبرية - بأن حساب الربح والخسارة يشير إلى خسارة إسرائيلية جسيمة ليس أفدحها انكشاف الجيش الإسرائيلي بشرا عاديّين يخافون ويفكّرون بالأم والأب والأبناء وبالصديقة أو «الحفراه».. ما يعني أنه يمكن هزمه ويمكن دحره ويمكن تحقيق الحق فالقوة ليست حكرا عليه.. وهي القوة التي دأب على اعتمادها كابحا ورادعا يهابهما العرب فلا يجرؤون على التحرّك والمبادرة.

وثبت مما انكشف في التقرير الأولي لـ «فينوغراد»، والمخفي أعظم بما لا يقاس، أن عناصر حزب الله، ومؤيديه، وسواد الشعب اللبناني إنما منحتهم الطبيعة إدارة سديدة ورشيدة تعرف كيف تحسب الحساب الصحيح ومن أين تؤكل الكتف الإسرائيلية.

قال «فينوغراد» إن رئيس الحكومة، إيهود أولمرت يتحمّل المسؤولية الكبرى كونه رأس الهرم.. وقال، أيضا، إن أولمرت كان أرعن متسرّعا واتخذ القرارات بعشوائية دون استشارة من كان يجب عليه أن يستشيرهم. بل أكّد التقرير أن رئيس الأركان، دان حالوتس، غرّر بالرجل وضحك على ذقنه بإخفاء معلومات وحقائق وتقديرات القادة الآخرين عنه، ولهذا فإنه يتحمّل مسؤولية الفشل.
وكان ناقصا على «فينوغراد» أن ينعت وزير «الأمن»، عمير بيرتس، بالغبي جهارة، إذ نعته بقلّة التجربة وعدم معرفة ما يجري، وأن حالوتس غرّر به ايضا وسحبه خلفه من أنفه.. وكأن بيرتس «ما قبل على حاله» وهو الوزير الكبير، أن يبدو صغيرا ولا يعرف شغله، فلم يلجأ إلى خبراء يشيرون عليه ماذا يجب أن يفعل وكيف يتصرّف في كل حالة من حالات الحرب، وهو لهذا يتحمّل مسؤولية الفشل.
أما حالوتس، بحسب «فينوغراد» فهو سوس البلاء وسرّ ما جرى لـ «تساهل» من انكسار وخيبة وهزيمة.. فقد أدار حربا من موقع المتغطرس الكذاب الذي لا يسمع للآخرين ولا يملك مقدرة التقييم الصحيح، وقد يؤكّد «فينوغراد» على أن رئيس الأركان السابق هو هو الذي أوصل الهزيمة إلى قلب «الدار» الإسرائيلية.

لم تنته الحرب على لبنان، إسرائيليا. فقد نرى إلى أنّها مستمرّة بينهم، بل إن لهيبها يستعر من يوم إلى آخر.. ونرجّح أنّنا سنشهد ليّ أذرع ما بين أولمرت وتسيبي ليفني، وما بين يتسحاكي. وما بين بيرتس وخصومه الذين ينتظرون محقه بعد أقل من شهر، فيما حالوتس «يتعلّم» مهنة أخرى في أمريكا..
لقد وضع تقرير «فينوغراد» مسمارا آخر في نعش حكومة أولمرت، وهو مسمار أربعيني من العيار الثقيل، حتى إننا نرى إليه بداية نهاية الرجل سياسيا. بل قد يكون «فينوغراد» سببا في اضمحلال الحزب اللمامة الذي يتزعّمه أولمرت إلى درجة الغياب عن الساحة السياسية، كما حدث مع أحزاب أخرى ظهرت كما «الفقع» بعد رعدة سياسية، فما لبثت أن أدركها النزع الأخير.

نقدّر أن أولمرت، الذي بدا مترنّحا، سيحاول النهوض على رجليه من سقوط أكّدته استطلاعات الرأي وانفراط المسبحة بانفضاض صحبه من حوله.. ونقدّر أن شخوص الحزب اللمامة، وهم براغماتيون من النوع الذي لا يلصق أبدا، سيسارعون إلى نفضه والتعجيل في انزياحه عن ريادة الحزب، كمحاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

ونقدّر، أيضا، أن أولمرت سيأخذ معه بعضا من الصف الثاني والثالث في الحزب، وقد يكون بيرس أحدهم، في حين ستحظى ليفني بحصة الأسد وبمعظم شخوص الصف الأول، وقد ينفلت مئير شيطريت فيأخذ نصيبه أيضا، لينقسم الحزب الهلامي إلى أقسام ثلاثة قد لا يعبر منها أي ضلع نسبة الحسم في انتخابات متوقّعة آتية.

التعليقات