17/09/2012 - 15:33

"تفاهات" أوسلو ومسؤولية سلام فياض فيما "تهرفون"../ رشيد شاهين

تتفاوت المواقف فيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية التي تعصف بالسلطة الفلسطينية، فلكل ممن يحاول التعامل مع هذه القضية أجندته الخاصة، حيث لا يمكن تصديق المقولات التي حاولت ولا زالت تروج، أن ما يجري في الشارع هو ليس بفعل فاعل، أو أنه حراك أو "حراق" - على رأي الأستاذ البرغوثي-، أو أنه عفوي أو ذاتي غير موجه، خاصة وأن الجميع يدرك أن الساحة الفلسطينية كغيرها من الساحات تلعب بها الكثير من الأيادي الخفية والمعلنة كما الأصابع وخاصة الصهيونية، والقوى والدول والطوابير "الخامسة ..... والعاشرة".

تتفاوت المواقف فيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية التي تعصف بالسلطة الفلسطينية، فلكل ممن يحاول التعامل مع هذه القضية أجندته الخاصة، حيث لا يمكن تصديق المقولات التي حاولت ولا زالت تروج، أن ما يجري في الشارع هو ليس بفعل فاعل، أو أنه حراك أو "حراق" - على رأي الأستاذ البرغوثي-، أو أنه عفوي أو ذاتي غير موجه، خاصة وأن الجميع يدرك أن الساحة الفلسطينية كغيرها من الساحات تلعب بها الكثير من الأيادي الخفية والمعلنة كما الأصابع وخاصة الصهيونية، والقوى والدول والطوابير "الخامسة ..... والعاشرة".

هذا المقال ليس محاولة للدفاع عن السيد سلام فياض - فلديه جيش من الأتباع والموالين والمستفيدين والناطقين القادرين والمطلوب منهم فعل ذلك بالأساس-  بقدر ما هو محاولة لقراءة بدون رتوش للواقع المعاش في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فبرغم كل ما يمكن قوله بحق حكومة د. فياض أو تحميل حكومته من مسؤوليات، إلا أن من غير المنطقي عدم توجيه كل هذا الغضب الذي شاهدناه في شوارع وأزقة مدن وبلدات ومخيمات الضفة الغربية، ضد الفاعل الحقيقي، ألا وهو دولة الكيان الاستيطاني التي تسببت ومازالت بكل مأساة الشعب الفلسطيني أينما كان، حيث يجب توجيه أصابع الاتهام واللوم والمقاومة للاحتلال الذي "يمص" وينهب الوطن والمواطن بكل تفاصيل حياته.

وحتى نكون أكثر واقعية ومباشرة، فإنه لا بد من التذكير، أن اسما أو عنوانا لهذا الرجل – د. سلام فياض- لم يكن معروفا عندما وقع من وقع تفاهمات أو على الأصح "تفاهات" أوسلو، هذه التفاهات التي جلبت ما جلبت على الشعب الفلسطيني من مصائب سيظل يحصد "ثمارها" لسنوات طويلة قادمة.

ما نسمعه من البعض من تهديدات بالتصعيد ضد فياض وحكومته، لم نسمعه عندما كان قطاع غزة يتعرض لمجزرة على أيدي قادة عصابات الكيان في حرب شهد العالم بذاءتها وما حصل فيها من جرائم. إن ما يجري على الأرض، في الشوارع، وفي الأزقة، برغم محاولات تبريره، كان في جزء كبير منه ليس حركة احتجاجية بقدر ما هو حالة من الفوضى التي لا يمكن قبولها، حيث لا يمكن أن نفهم ما هي العبرة من إغلاق شوارع مدن الضفة الغربية أمام حركة الناس، أو تدمير الممتلكات أو حرق الإطارات، حيث لا سيارة احتلالية تمر في هذه الشوارع التي تجري فيها الأحداث، ولا سيارة لمستوطن يمكن ان تعبر المناطق التي يتم فيها إغلاق الشارع وإعاقة حركة السير.

ما تتم إثارته حول الرجل – فياض- ليس سوى "مماحكات ومناكفات" بات الشارع الفلسطيني بشكل عام يدركها، خاصة وأن الجميع يعلم أن فياض ليس هو لب أو أصل المشكلة، وإن كان جزءا من المشكلة.

دعونا نفترض أن سلام فياض ترك موقعه استجابة لما يعتقده البعض أنها ضغوط من الشارع أو من القوى أو لأي سبب كان، ودعونا نفترض أنه جاء أي كان من حركة فتح أو حماس أو الشعبية أو أي فصيل آخر، فماذا يمكن لأي من هؤلاء أن يقدم أكثر أو أفضل مما قدمه السيد فياض، أليس هنالك سقفا لأي من هؤلاء اسمه اتفاق أوسلو سيء الصيت، أَوَ ليس هناك اتفاق اقتصادي أسوأ صيتا من نتاجات أوسلو اسمه اتفاق باريس، هل يمكن لأي من هؤلاء أن يقفز على ذلك، أم تُرى يملك أيٌ من هؤلاء أدوات سحرية لكي يقفز على تلك الاتفاقات ويحقق أفضل مما تحقق على يدي سلام فياض.

ليس صحيحا أن ما يجري هو فقط بدوافع ذاتية عفوية لا علاقة لها بالفصائل، فلقد خبرنا جيدا أنه لو كان هذا - الحراك- الذي يجري عفويا أو تبنته جهات بعينها مثل حركة حماس أو غيرها، لشاهدنا ما نعلمه جميعا من قمع بلا هوادة.

إنه – حراك- تتبناه جهات معينة مرتبطة بمعنى أو بآخر بحركة فتح، التي تسيطر عمليا على السلطة الفلسطينية، هذا الحراك الذي يجري برضا السلطة والجهات "الكارهة" أو المتنافرة والمنافسة  لفياض، في أغلب مقاصده إظهار السيد فياض وكأنه المسؤول الأول والأوحد عما يجري من "انهيار اقتصادي" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي كما نعتقد محاولات بائسة، لتحميل الرجل كل الفشل الذي جلبه اتفاق أوسلو وما أنتجه هذا الاتفاق، وهو اتفاق بات من المعروف أن من تبناه ووقع عليه هم من يتسيدون منظمة التحرير الفلسطينية والتي تتحكم بها وتسيرها حركة فتح وليس السيد فياض.

الانهيار الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية، هو النتيجة الطبيعية لواقع اقتصادي تحت الاحتلال، ومن اعتقد يوما أن بالإمكان الاستقلال الاقتصادي في ظل احتلال استيطاني بغيض، وفي بلد تحكمه اتفاقات الحكم الذاتي "الأوسلوية"، إنما يعيش في حالة من الوهم "والفنتازيا" والخداع والمكابرة. حيث الأراضي الفلسطينية في حالة من التبعية المطلقة للاحتلال وسلطاته، ولا يمكن لها بأي حال أن تعيش بمعزل عن أهداف الاحتلال ومراميه البغيضة. ولن تفيد كل النظريات ولا "التنظيرات" التي نسمعها ممن يدعون أنهم "ختموا" العلم الاقتصادي، وأنه من الممكن أن تتحسن الأوضاع في الأراضي المحتلة في ظل وجود قوى الاحتلال، وهي سوف تبقى نظريات "وتنظيرات" نظرية لن تسمن ولن تغني من جوع، حيث لا خلاص من هذا الواقع إلا بالخلاص من الاحتلال وهيمنة دولة العدوان على الأرض والإنسان في فلسطين.

ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، هو تعبير عن واقع مرير يختلط فيه الذاتي مع العام، والوطني مع غير الوطني، والمراوغة مع الحقيقة، وهو حالة من البؤس واليأس ناجمة عن انسدادا وفقدان بالأمل في حل قريب أو بعيد للوضع الراهن، أنه واقع يشير إلى أن المشكل الرئيس والأساس يتجسد بالاحتلال أولا وأخيرا، وكل ما تلا ذلك يبقى تفاصيل يمكن التوصل إلى حلول لها بأبسط أو أعقد السبل.

المشكلة يا سادة هي الاحتلال لا أكثر ولا أقل، المطلوب ممن يحاولون تصعيد حركة الاحتجاج أن يعلنوا بوضوح وبلا مواربة أو تدليس، أن لديهم أجندات خاصة بهم، وأن يمتلكوا الشجاعة بالقول إن الاحتلال هو السبب، وبحسب ما نعتقد فإن محاولات تحميل فياض كل ما يجري إنما هي محاولات لتبرئة دولة الاحتلال من مسؤولياتها وإن فياض بريء مما تهرفون.

التعليقات