19/11/2012 - 12:07

هستيريا الانحياز الإعلامي الغربي لإسرائيل../ عمار أبو عرقوب*

على الرغم من بعض المقالات القليلة المنتقدة لإسرائيل في إعلام أوروبا والولايات المتحده، إلا أن صحافة ما يسمى بالعالم المتحضر تعج بالمدافعين عن الإرهاب الإسرائيلي والمعادين للطموحات الفلسطينية المطالبة بالحرية والعدالة. فمن المؤسف أن الكثير من صحافيي الغرب لم تتقطع نياط قلوبهم أو تتمزق نفوسهم أسىً على آلاف الأطفال الذين تسفك إسرائيل دماءهم ليل نهار، ومن المؤسف كذلك وجود جيش من الإعلاميين المتأسرلين والذين تشغل بالهم قضية واحدة: التسويق لوجهات النظر الصهيوينة. فيما يلي يقوم كاتب هذه السطور بتبيان كيف يقوم الإعلام الغربي بتصوير القنابل الإسرائيلية التي تفتك بالأطفال الفلسطينيين على أنها أعمال غير وحشية

هستيريا الانحياز الإعلامي الغربي لإسرائيل../ عمار أبو عرقوب*

على الرغم من بعض المقالات القليلة المنتقدة لإسرائيل في إعلام أوروبا والولايات المتحده، إلا أن صحافة ما يسمى بالعالم المتحضر تعج بالمدافعين عن الإرهاب الإسرائيلي والمعادين للطموحات الفلسطينية المطالبة بالحرية والعدالة. فمن المؤسف أن الكثير من صحافيي الغرب لم تتقطع نياط قلوبهم أو تتمزق نفوسهم أسىً على آلاف الأطفال الذين تسفك إسرائيل دماءهم ليل نهار، ومن المؤسف كذلك وجود جيش من الإعلاميين المتأسرلين والذين تشغل بالهم قضية واحدة: التسويق لوجهات النظر الصهيوينة. فيما يلي يقوم كاتب هذه السطور بتبيان كيف يقوم الإعلام الغربي بتصوير القنابل الإسرائيلية التي تفتك بالأطفال الفلسطينيين على أنها أعمال غير وحشية:

* المتسبب بالعنف دائماً وأبداً هو الطرف الفلسطيني. على الرغم من وجود الكثير من الأقلام التي تنتقد ما يسمى بـ"رد الفعل الإسرائيلي المفرط بالقوة"، إلا أن الإعلام الغربي لن يفاجئنا ويقول لنا إن إسرائيل هي التي بدأت بالعدوان على الفلسطينيين. أغلب التقارير تدعي أن إسرائيل "ترد" على الهجمات الصاروخية الفلسطينية، أو "تنتقم" أو "تثأر" للإسرائيليين. "فوكس نيوز" على سبيل المثال، المحطة الأمريكية الأكثر تعاطفا مع إسرائيل، ذكرت ذلك بوضوح في تغطيتها لبداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزه: "إسرائيل ترد على هجمات حماس الصاروخية".

* إسرائيل دائماً وأبداً تدافع عن نفسها. يحرص الكثير من الصحافيين في الغرب على تذكير قرائهم بأن إسرائيل يحق لها الدفاع عن النفس ضد الهجمات الفلسطينية. أكثر العبارات التي ضج الجمهور من قراءتها في الصحف اليومية هي "لا توجد دولة في العالم تحتمل إمطار مواطنيها بوابل من الصورايخ". الفلسطينيون في المقابل، لا أحد يتحدث عن حقهم بالدفاع عن النفس وأنه "لا يوجد شعب في العالم يحتمل العيش تحت الاحتلال لعشرات السنين".

* حدف السياق. الشغل الشاغل للمحللين ولكتاب أعمدة الرأي هو صورايخ حماس وأمن إسرائيل. الاحتلال والحصار والفظاعات التي ترتكبها إسرائيل تكاد تكون غائبة عن الإعلام في الدول الغربية. لا يبدو ذلك مستغرباً، فطابور الصحافيين المدافعين عن إسرائيل يرغبون في إظهار المقاومة الفلسطينية دائماً على أنها غير قانونية وغير مبررة.

* توظيف اللغة وأسرلتها من أجل خدمة الاحتلال الإسرائيلي. ويحدث ذلك من خلال استخدام توصيفات شديدة اللهجة في حالة الهجمات الفلسطينية، ومفردات ناعمة لوصف الأعمال العسكرية الإسرائيلية. وقد اعتدنا في السابق على هذا النمط من قبل محطات تلفزيونية وصحف عالمية مثل الـ"بي بي سي"، والـ"سي إن إن"، والـ"نيويورك تايمز". العمل الفلسطيني المسلح يتم تجريمه بعبارات منحازة لا تليق بإعلام يدعي الموضوعية والمهنية: "عملية إجرامية"، "هجوم دموي"، "فظاعات".. الخ. استخدام مثل هذه اللهجة القاسية بحق الفلسطينيين أصبح نادرا في السنوات الأخيرة، ولعل السبب في ذلك أن المقاومة الفلسطينية لم تعد قادرة أو راغبة في إيقاع أعداد كبيرة من الإصابات في صفوف الإسرائيليين. ومع ذلك، تظل هناك دائماً محاولات ممنهجة لإنتاج صحافة غربية ناعمة في تغطية الاعتداءات الإسرائيليه.

أبرز الأمثلة على ذلك جاء من الموقع الإكتروني لقناة الـ"بي بي سي" البريطانية والتي ذكرت في تغطيتها لليوم الأول من العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة أن "3 إسرائيليين قتلوا بالصواريخ من قطاع غزة، و 15 فلسطينيا توفوا جراء القصف الإسرائيلي". لا شك في أن الفرق اللغوي الكبير بين "قتلوا" و"توفوا" يكشف لنا أن القناه البريطانيه تكتظ بالمهرطقين الإعلاميين المعادين للفلسطينيين.

ومن أكثر وسائل العجرفة اللغوية المتبعة في الصحافة الغربية هي استخدام صيغة المبني للمعلوم لصياغة أخبار تتعلق بقتل إسرائيليين، والمبني للمجهول للإشارة إلى قتل الفلسطينيين. صحيفة "شيكاغو تربيون" الأمريكية تعطينا مثالاً فظاً تنضح منه المعايير الغربية المزدوجة، حيث عنونت إحدى نشراتها عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزه بالشكل التالي "صورايخ حماس تقتل 3 إسرائيليين؛ الوفيات الفلسطينيه ترتفع الى15". الفرق واضح حتى لأقل الأعين خبرة في التنظير والتحليل الإعلامي. فقتل حماس للإسرائيليين واضح ولا لبس فيه، وأما قتل إسرائيل للفلسطينيين فهو مصاغ بعبارات تجميلية توحي بأن هناك غموضا ولبسا في السبب الكامن وراء "الوفيات الفلسطينيه".

* وضع الصراع مع الإحتلال الإسرائيلي بمصطلحات استشراقية، وهو بالمناسبة أسلوب لا يكل الغرب أو يمل منه، حيث يتم توظيف الصورة النمطية السلبية السائدة في الغرب عن العرب والمسلمين من أجل تسويق الادعاءات الإسرائيلية. أبرز الأمثلة على ذلك ربط الفلسطينيين بالإرهاب والتطرف، فلا يكاد يخلو مقال أو افتتاحية في الصحافة الأوروبية أو الأمريكية من الإشاره إلى أن حماس منظمة إرهابية ومتطرفة. فنرى مثلا أكبر الصحف الهولندية "دي تلغراف" تقول إن الطيران الإسرائيلي قصف مقر رئاسة الوزراء الذي استقبل فيه قادة حماس "الإسلامية الرديكالية" رئيس الوزراء المصري هشام قنديل. ولا يفوت الصحيفه في نفس الوقت نقل ما كتبه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في تغريدة على تويتر من أن اسرائيل "قصفت85 موقعاً إرهابيا". أما صحيفة "داغن نيهتر" السويدية فقد اختارت أن تنقل لنا ما قاله "الخبير المتخصص في الإرهاب" ماغنوس نوريل من أن العملية العسكرية الإسرائيلية "ضرورية" لوقف الإرهاب. ولأن الكثيرين في الغرب لديهم تصورات سلبية عن الإسلام، اختار الكثير من الكتاب التركيز على أن حماس هي منظمة إسلامية جهادية تخوض "حربا مقدسة" ضد إسرائيل، وفي ذلك ايحاء بأن مشكلة الشرق الأوسط هي صراع بين "الجهادية العالمية" و"الإسلام المتطرف" من جهة، و"إسرائيل" و"قيم التحضر" من جهة أخرى. صحيفه "زيدوتشيه سايتون" الألمانية أشارت إلى ذلك بصراحة حيث قالت إن حماس تخوض حربا مقدسة ضد إسرائيل وتسعى إلى إنشاء دولة إسلامية في فلسطين التاريخية.
 

التعليقات