04/11/2017 - 20:24

الـ24 ساعة التي حسمت "الحرب" وقادت إلى النكبة

أما ما يهمنا نحن كفلسطينيين في كتاب روبنشطاين، فهو طرحه لنموذج المقاومة ممثلة بالشهيد القائد عبد القادر الحسيني، أمام نموذج التسليم والاستسلام العربي ممثلا بجيوش الأنظمة الفاسدة وأسلحتها الفاسدة.

الـ24 ساعة التي حسمت

في غمرة الانشغال الفلسطيني/ الإسرائيلي بمئوية وعد بلفور، صدر هذه الأيام كتاب الصحافي داني روبنشطاين "نحن أو هم - القسطل والقدس، الـ24 ساعة التي حسمت الحرب"، والذي يتتبع فيه من خلال سيرة القائد عبد القادر الحسيني، الطريق التي قادت الفلسطينيين إلى النكبة.

الكاتب يصف الليلة الواقعة بين السابع والثامن من نيسان/ أبريل 1948، بأنها كانت مظلمة بشكل خاص، انحجب فيها القمر واختبأت النجوم خلف الضباب، وعندما هدأت في الساعة الثانية فجرا أصوات الرصاص في المعركة على القسطل – القمة التي تسيطر على الطريق الممتدة من الساحل إلى القدس - شعر قائد كتيبة الجهاد المقدس عبد القادر الحسيني، بأن عملية الاقتحام التي قام بها رجاله لإعادة احتلال القمة قد توقفت.

عندها قرر، رغم تعبه وقلقه، صعود الجبل بنفسه من دون مرافقين، لرؤية ما حصل، وفي الساعة الرابعة صباحا تقريبا وعلى مقربة من القمة، اقترب على ما يبدو بطريق الخطأ، من موقع قيادة كتيبة "موريا" التابعة لـ"الهاغاناة"، وهناك جرى إطلاق النار عليه واستشهاده.

هكذا استشهد القائد العسكري الفلسطيني، عبد القادر الحسيني، الذي تمتع بشعبية واسعة، وفي وصفه، يقول روبنشطاين، إنه كان استثنائيا للغاية، رشحته خلفيته العائلية، كابن لإحدى العائلات الأرستقراطية، لأن يكون رجل أعمال كبير أوصاحب مهنة حرة، طبيبا أو محاميا. وبدلا من ذلك فضل التراكض مع الشبان البدو، فتيان التلال، حيث جرى طرده في صباه من ثلاث مدارس، بينما أثار خلال حفل تخرجه من الجامعة الأميركية بالقاهرة جدلا واسعا، حين مزق شهادته أمام الطلاب والمحاضرين.

وبحسب روبنشطاين، في أحداث 1936 – 1939، انضم الحسيني لصفوف المقاتلين، وعندما انتهت الثورة واصل القتال ضد البريطانيين في العراق. (...) وبالطبع، كراهيته للحكام العرب. فقد رأى فيهم خونة للقضية الفلسطينية.
وفي كانون الثاني/ يناير 1948 كان في صوريف، قرب "غوش عصيون"، حيث قاد قاعدة تدريب قوة الجهاد المقدس، التي اصطدمت بوحدة "البلماح" التي انطلقت بمساعدة المستوطنات، فهزمها في المعركة (...)، ويتابع روبنشطاين قائلا، إن قائد غوش عصيون في 1948، عوزي نركيس، كان في عام 1967 قائد المنطقة الوسطى، فأراد تصفية الحساب القديم وأمر مقاتلي الدورية المقدسية بتفجير منازل صوريف.

روبنشطاين يرى أن ثلاثة أحداث متزامنة، التي تمثلت باستشهاد الحسيني وسقوط القسطل، ثم مذبحة دير ياسين ومعركة "مشمار هعيمك"، التي هُزمت فيها قوات فوزي القاوقجي، هي التي حسمت مصير الحرب ومنحت النصر لإسرائيل التي لم تولد بعد، وتسببت بمصيبة الفلسطينيين المتمثلة النكبة.

الحسيني كان قد عاد ليلة استشهاده من دمشق غاضبا، حيث كان هناك في طلب السلاح والمال، لتعزيز وتمويل معركة الدفاع عن القدس، فتعاطى معه ممثلو الدول العربية باحتقار، اذ رأوا فيه شخصًا بلا تأهيل عسكري، ورأوا في رجاله أنفارًا، وفي النهاية تلقى شاحنة واحدة، فعاد إلى القدس غاضبًا محبطًا، ولحق بقواته في القسطل وقُتِل مع الفجر، كما كتب عنه ناحوم برنيع، تحت عنوان " مات ولكن إرثه حي"، خلال استعراضه لكتاب داني روبنشطاين.

ويعتقد روبنشطاين حازما، أن استشهاد الحسيني وسقوط القسطل كانت نقطة تحول في الحرب، وأن معركة القسطل كانت المعركة الأخيرة التي خاضها الفلسطينيون، حيث اجتاحت البلاد في 15 أيار/ مايو وحدات نظامية من الدول العربية غيرت وجه الحرب.

أما ما يهمنا نحن كفلسطينيين في كتاب روبنشطاين، فهو طرحه لنموذج المقاومة ممثلة بالشهيد القائد عبد القادر الحسيني، أمام نموذج التسليم والاستسلام العربي ممثلا بجيوش الأنظمة الفاسدة وأسلحتها الفاسدة.

ذلك بالإضافة إلى أنه يطرح العديد من الأسئلة التي ما زالت مفتوحة، وأهمها: لماذا قررت الدول العربية مصادرة قيادة الحرب من الفلسطينيين، أصحاب القضية الذين كانت تجري هذه الحرب على أرضهم؟ ولماذا لم يتم دعم عبد القادر الحسيني وتعزيز كتائب الجهاد المقدس؟ وهي جميعها أسئلة تكشف الأجوبة عليها تواطؤ أنظمة الرجعية العربية مع الاستعمار البريطاني والحركة الصهيونية في المؤامرة على فلسطين.

 

التعليقات