07/06/2018 - 18:30

البروباغندا الإسرائيلية والإعلام العربي: لا بث إسرائيليًا للمونديال بالدول العربية

للموضوع حساسيته الخاصة، نظرًا للمزج بين الحالة العربية الشعبية العامة الرافضة للتطبيع مع دولة الاحتلال، والعاطفة التي يكنّها المواطن العربي للعبة كرة القدم وشعبيتها التي تجتاح القلوب، علمًا بأن 4 منتخبات عربية تشارك في كأس العالم 2018.

البروباغندا الإسرائيلية والإعلام العربي: لا بث إسرائيليًا للمونديال بالدول العربية

الجمهور المصري عشية التأهل للمونديال الروسي (أ ب)

عمدت إسرائيل منذ شهور، عبر أبواقها المختصة بنشر دعايتها الموجهة من ناطقين رسميّين باللغة العربية باسم مؤسساتها الاستخباراتية والعسكرية والسياسية، إلى الترويج لخبر بث هيئة البث الإسرائيلية، عبر قناتها باللغة العربية "مكان" مباريات نهائيات كأس العالم 2018، بحيث يستطيع المشاهدون العرب من الأردن، ولبنان، ومصر، والضفة الغربية المحتلة متابعة المباراة، مجانًا ودون الاشتراك بباقات الدّفع.

ولتعزيز مصداقية الدعاية الإسرائيلية أحادية المنظور، أعلنت وزارة الخارجيّة الإسرائيلية، عبر إحدى الصفحات التي تديرها فرق الإعلام الموجه لمواطني الدول العربية "إسرائيل تتكلم بالعربية"، عن "حصولها على حقوق بث مباريات كأس العالم 2018 في روسيا للمرة الأولى"، وكتبت تقول: "بشرى سارة لعشاق الرياضة ومباريات كأس العالم هذا الصيف… يمكن لعشاق الرياضة في الدول القريبة من إسرائيل، في الأردن، ولبنان، ومصر، وفي الضفة الغربية من متابعة مباريات المونديال مجانا على قناة مكان الفضائية الإسرائيلية، التي ستبث معظم مباريات كأس العالم عبر الأقمار الاصطناعية. واقتنت هيئة البث حقوق بث المباريات من روسيا هذا الصيف كما سيتمكن المهتمون من دول الجوار من مواكبة تحليلات طاقم الإعلاميين العرب باللغة العربية خلال البث".

تناقلت العديد من وكالات الأنباء العالمية والعربية الخبر، وعرضته على أنه خدمة تقدمها هيئة البث الإسرائيلي لمواطنيها العرب بالمجان، يستطيع الاستفادة منها المواطنون العرب في الدول العربية المحيطة. اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي وأخذت الروايات والإشاعات تُنسج حول أحقية إسرائيل في شراء حقوق البث من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، في الوقت الذي حصلت فيه قنوات "بي إن سبورتس" القطرية على حقوق البث الحصرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

للموضوع حساسيته الخاصة، نظرًا للمزج بين الحالة العربية الشعبية العامة الرافضة للتطبيع مع دولة الاحتلال، والعاطفة التي يكنّها المواطن العربي للعبة كرة القدم وشعبيتها التي تجتاح القلوب، علمًا بأن المنتخب المصري يشارك في المسابقة الكروية الأهم على الإطلاق والتي تنظم هذا العام في روسيا، إلى جانب ثلاثة منتخبات عربية أخرى هي السعودية وتونس والمغرب.

أطلقت الوزارة الإسرائيلية الخبر الكاذب لتتقاذفه جميع المواقع الإخبارية المصرية والعربيّة، بالإضافة إلى برامج "التوك شو"، وأخذ النقاش ينحرف عن مساره الطبيعي. قليلٌ من الترويج للقناة الإسرائيلية، كثيرٌ من الروابط التي تنقل لك، وبدّقة، ترددات بث الفضائية الإسرائيلية على الأقمار الصناعية، والطرق التي تضمن لك مشاهدتها، ارتداء ثوب التطبيع المدنس حينًا والاقتراب من حرمته حينًا آخر، المفاخرة بإنسانية الاحتلال بمقابل بعض التخوين لأطراف عربية، أبت أن تبث أحداث المباريات للمواطنين العرب إلا بإجبارهم على الدفع، بينما باعت حقوق البث للقناة الإسرائيلية التي تبثه لـ"جيرانها" العرب بالمجان (في إشارةٍ إلى قناة بي إن سبورتس)؛ كل هذا جاء ضمن حملة مركّزة من الرسائل المتنوّعة بهدف التأثير على آراء أو سلوك المواطنين العرب – بروباغندا إسرائيلية بامتياز.

رمت إسرائيل الطعم، وكما في الكثير من الأحيان... التقطه العرب، سهوا كان ذلك أم خيارًا، في جميع الأحوال الأعذار في هذا المعرض أقبح من الذنوب؛ أخذت المواقع السعودية وأخرى مصرية أنباء بعناوين مدوية على غرار "إسرائيل تصدم قنوات "بي إن سبورتس" وتنقل مباريات كأس العالم مجانا"، "بي إن سبورتس باعت حقوق بث المونديال الروسي لهيئة البث الإسرائيلية".

وفي أعقاب ذلك، أصدرت "فيفا" بيانًا أوضحت من خلاله أن شبكة قنوات "بي إن سبورتس" القطرية هي الناقل الحصري لنهائيات كأس العالم، المقرّرة إقامتها في روسيا صيف هذا العام، وذلك في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، وتبين أن إسرائيل (المدرجة على لائحة الاتحاد الأوروبي للعبة)، اشترت حقوق البث في إسرائيل فقط، وعبر القنوات الأرضية الإسرائيلية، بمبلغ 6.3 مليون يورو.

بعد ذلك بأيام، عدلت صفحة الخارجية الإسرائيلية منشورها تباعًا لتصل إلى صيغة تنفي وتكذب وتناقض ما تم الإعلان عنه بداية أنه "يمكن لعشاق الرياضة في الدول القريبة، في الأردن، ولبنان، ومصر، وفي الضفة الغربية من متابعة مباريات المونديال مجانا على قناة مكان الفضائية الإسرائيلية التي ستبث معظم مباريات كأس العالم عبر الأقمار الاصطناعية"، حتى كتبت في صيغتها النهائية المعدلة والتي جاءت بعد خمسة أيام من نشرها منشورها الكاذب: "قناة مكان الإسرائيلية المجانية ستبث مباريات المونديال بالعربية في خطوة تاريخية تؤكد مكانة اللغة العربية واحترام إسرائيل لها".

التسلسل الزمني للتعديلات على منشور الخارجية اللإسرائيلية (فيسبوك)

بالإضافة إلى ذلك يمكن التأكد بكل بساطة من حقيقة خبر بث القناة الإسرائيلية "مكان" لمباريات نهائيات كأس العالم 2018 للدول العربية المحيطة (مصر والأردن ولبنان) عند الولوج إلى صفحة الاستفسارات في موقع القناة ومعاينة السؤال المباشر: "هل يمكن مشاهدة بث قناة كان خارج إسرائيل"، يأتي الجواب واضحا مباشرًا بأنه: "لا. بسبب محدودية حقوق البث، سيكون محتوى كأس العالم متاحًا للعرض في إسرائيل فقط". ويوضح الموقع أن البث سيكون عبر البث الرقمي الأرضي (الكوابل) لقنوات هيئة البث في إسرائيل حصرًا؛

إذا ما الفائدة التي حققتها الخارجية الإسرائيلية من إعلانها الكاذب وتقديمها معلومات ناقصة، وبالتالي معلومات كاذبة، بامتناعها عن تقديم المعلومات كاملة منذ البداية؟ قد تستفيد إسرائيل على أكثر من نحو من هذا الإعلان عن البث المجاني، أهمها هو دفع الكثير من مواطني الدول العربية المجاورة إلى تثبيت القناة الرسمية الإسرائيلية في أجهزتهم التلفزيونية ما يضمن دخول الخطاب الرسمي لدولة الاحتلال إلى العديد من المنازل العربية ما يجعلهم عرضة للسقوط ضحية الخطاب الإعلامي الإسرائيلي الموجه في تغطية فصول القضية الفلسطينية.

وسوف تستضيف روسيا بطولة كأس العالم لكرة القدم لأول مرة في تاريخها في الفترة الممتدة بين 14 حزيران/يونيو و15 تموز/ يوليو 2018.

وستحتضن مباريات البطولة 11 مدينة روسية هي: موسكو، وكالينينغراد، وسان بطرسبورغ، وقازان، وفولغاغراد، ونيجني نوفغورود، وسامارا، وسارانسك، ورستوف نا دونو، وسوتشي، ويكاترينبورغ.

 

التعليقات