08/05/2020 - 15:27

سعودي يعلّم إسرائيل التاريخ

قدّم السعوديّ المختصّ بلغات جنوب الجزيرة العربية (كما يعرّف نفسه)، عبد الرزاق القوسي، درسًا للإسرائيليين في تاريخ أرض فلسطين، نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيليّة، اليوم، الجمعة.

سعودي يعلّم إسرائيل التاريخ

القوسي سبق أن زار إسرائيل والتقى كاتس

قدّم السعوديّ المختصّ بلغات جنوب الجزيرة العربية (كما يعرّف نفسه)، عبد الرزاق القوسي، درسًا للإسرائيليين في تاريخ أرض فلسطين، نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيليّة، اليوم، الجمعة.

إن كنت تقرأ "معاريف" لهذا اليوم، فلن تستوقفك المقالة. تستوقفك صورة كاتبها العربي وشماغه، أمّا إذا أخفي اسمه، أو لم توضع صورته على المقال، فلن تجد نفسك إلا أمام نصّ تصل السطحيّة فيه حدّ الاستفزاز، وقد تظنّ أنّ المحرّر أخطأ في تصنيف المادّة، وبدل أن يضعها في زاوية الأطفال واليافعين، وضعها في زاوية المقالات.

هل تبنّى الكاتب الرواية الصهيونيّة عن أرض فلسطين؟ يا ريت. على الأقلّ يمكن للقارئ حينها أن يعرف أن الكاتب اجتهد وطالع الأيديلوجيا الصهيونيّة ومدارسها وكتّابها ونواقصها وصراعاتها، واجتهاداتها البحثيّة لإثبات ادّعاءاتهم في أرض فلسطين؛ وحتى لو اختار أقصاها تطرفًا، تعرّف أنها نتاج جهد وتدبير.

ما ورد أقلّ من ذلك بكثير، شيء يمكن تسميته بـ"الرواية الويكيبيديّة"، أي أن يدخل الكاتب إلى "ويكبيديا" ويختار ما يعنّ على باله من تاريخ، ويسقطه على تاريخ فلسطين، فقط نكايةً بالفلسطينيين وتوددًا للإسرائيليين. والنتيجة؟ لا داعي لترجمة النصّ، فقط تخيّلوا الصورة الآتية: طالب في مدرسة ابتدائيّة طلبت إليه معلّمته أن يكتب عن تاريخ الصين لمجلة المدرسة الأسبوعيّة. يدخل "ويكيبيديا" ينتقي ما يشاء ثم يخيط التاريخ على هوى عدد الصفحات المطلوبة منه.

فمن دفق التاريخ الذي ينهل منه القوسي استنتاجه العبقري "في العام 1947 اتخذ قرار لتقسيم الأرض الفلسطينيّة لدولتين. عربيّة ويهوديّة. اليهود أعلنوا عن دولتهم سنة 1948، لكنّ الفلسطينيين لم يفعلوا ذلك. الأمم المتحدة اعترفت بدولة اليهود، ومن تلك اللحظة بدأ الفلسطينيون بفقدان الوقت. لو أن العكس هو الذي حصل، والفلسطينيون هم الذين أعلنوا عن دولتهم وامتنع اليهود عن ذلك، لذهبت فرصة إقامة دولة يهوديّة" أو أنّ "السلطة الفلسطينيّة في الضفة الغربية في طريقها لنهاية طريقها. ستتلاشى مع مرور الزّمن، وستختفي معها القضيّة الفلسطينيّة".

المهم، كما سلف، هو أن "الكاتب" هذا هو أول كاتب سعودي يكتب في صحيفة إسرائيليّة صراحةً. لكنّ تهافت النصّ وسطحيّته أقلّ من أن يحصل على هذا اللقب. وليس مستغربًا أن لا تقوم الصحيفة بنشر المقال على موقعها الإلكتروني، خجلا ربّما، ممّن يذهب بعيدًا في التودّد لإسرائيل، حتى يخترع لهم تاريخًا هم يخجلون من ادّعائه بهذه البساطة.

إنّ هناك شيئًا واحدًا مهمًا في هذا النوع من "التطبيع" أنه يكشف عن مدى "التواضع الفكري" لمن يقدم عليه، وهو ما يستدعي، بالضرورة، احتقارًا إسرائيليًا شوفينيًا مقابل هذه الاستماتة.

التعليقات