أكد مدير عام منظمة "بتسيلم"، حغاي إلعاد، أن المحكمة العليا الإسرائيلية بقرارها، أمس الأربعاء، بالمصادقة على هدم قرية خان الأحمر قرب القدس المحتلة وترحيل سكانها، أجازت ارتكاب جريمة حرب بموجب القانون الدولي، ولذلك فإن المحكمة شريكة في هذه الجريمة. ورأى الخبير القانوني، البروفيسور مردخاي كرمنيتسر، أن قرار المحكمة يشكل غطاء قانونيا لجريمة نهب أراضي الفلسطينيين.

وكتب إلعاد في مقال في صحيفة "معاريف" اليوم، الخميس، أن "قضاة العليا حاولوا وضع غطاء قانوني لجريمة حرب أجازوها، لكن النقل القسري لسكان محميين داخل منطقة محتلة هو انتهاك خطير للقانون الدولي. وفي محاولة لكي يبرروا هذه الجريمة لأنفسهم أو للعالم، أنشأ القضاة في قرارهم عالما متخيلا، يعمل فيه جهاز تخطيط يهتم بالفلسطينيين، أو على الأقل يأخذ احتياجاتهم بالحسبان".

وأضاف أنه تعيّن على القضاة زيارة خان الأحمر كي يشاهدوا كيف يعيش الفلسطينيون في التجمعات البدوية، حيث تنعدم كافة أنواع الخدمات، ومقارنة ذلك مع العيش في المستوطنات. "من لديه ماء ومن ليس لديه، من لديه شوارع ومن ليس لديه، من مرتبط بالصرف الصحي ومن ليس مرتبطا، من لديه كهرباء ومن ليس لديه، من بإمكانه البناء والسيطرة ونهب الأراضي ومن لن يحصل على تصريح بناء أبدا".

وشدد إلعاد على أنه "بعد 51 عاما (للاحتلال) ثمة حاجة بالفعل لخيال متطور وبلادة مشاعر وعمى أخلاقي كي لا يرى الحقائق. وهاهم، قضاة ينجحون بأن يخرجوا من تحت أيديهم قرار حكم كله مشهد مشوه للواقع، بينما الواقع أسود من السواد أخلاقيا وقانونيا. وكي لا يروا ما هو ماثل أمام أعينهم، رفع القضاة عيونهم نحو السماء واقتبسوا كافة الادعاءات الإجرائية... واقترحوا ارتكاب الجريمة ’بطرق سلمية’".

إلعاد إلى أن "القرار المخزي لقضاة المحكمة العليا يدل، لمن لا يزال لديه شكا، أن الرازح تحت الاحتلال لا يمكنه البحث عن العدالة في محكمة المحتل. والدوس على العدالة يشق الطريق لارتكاب جريمة، والقضاة الجالسون في المحكمة العليا سيكونوا شركاء في المسؤولية عن جريمة هدم مجتمع خان الأحمر، إذا ارتكبت".

غطاء قانوني لجهاز الظلم

ورأى كرمنيتسر أن قرار المحكمة العليا لا ينبغي أن يكون مفاجئا، بعد قرار سابق رفض الالتماسات ضد هدم البيوت. "لذلك، استندت المحكمة إلى أرض صلب من الناحية القانونية برفضها الالتماسات (أمس). وإذا كان هناك شيئا مفاجئا في القرار، فهو التعامل الحذر، وربما المتشكك، من جانب معظم القضاة لادعاءات الدولة بشأن ذريعة إخلاء السكان: شق شارع، وحتى الاهتمام بسلامة أولاد المدرسة في القرية".

وأكد كرمنيتسر على أن "من يعرف الواقع الميداني، وفي المناطق (المحتلة) عموما، يعرف أن سبب طرد السكان الفلسطينيين يكمن في غالب الأحيان بالرغبة باستبدالهم بمستوطنين يهود، بواسطة توسيع مستوطنة يهودية قائمة أو إقامة مستوطنة جديدة... وغاية جهاز التخطيط هو خدمة الاستيطان اليهودي، الذي يُحرك سياسيا بواسطة توجيه للسيطرة على المنطقة ’جـ’ بواسطة توسيع المستوطنات، لتسهيل ضم هذه المنطقة إلى إسرائيل".

وشدد على أنه "من أجل تحقيق ذلك، يعمل الجهاز كي يبعد الفلسطينيين بقدر الإمكان. وبدلا من تمكينهم من التخطيط والبناء، يفرض عليهم خنقا بتخطيط لا يستجيب لاحتياجاتهم الأساسية وبعدم إصدار تصريح بناء. ونشاطها المركزي هو هدم البيوت التي يبنيها السكان، بدون خيار، بلا تصريح، من أجل سلب الأرض منهم... ومنح الدعم القانوني لأوامر جهاز الظلم، ليس قضاء وإنما ضم. وجهاز قضائي كهذا ليس جديرا بأن يسمى هكذا، والمسافة بينه وبين العدالة كالمسافة بين الشرق والغرب".

واضاف أنه "خلافا للقانون الأردني، الذي كان يسري في المناطق قبل احتلالها، فإن إبعاد الفلسطينيين من تأدية أي دور بقرارات التخطيط والبناء، هي عملية ينبغي التشكيك في قانونيتها. وهي موبوءة بالتمييز وغير بريئة وغير معقولة بشكل متطرف". ولفت إلى أن "عدد الحالات التي صودق فيها على تصاريح بناء للفلسطينيين ضئيلة، ما يدفعهم إلى الامتناع عن تقديم طلب بسبب عدم جدوى ذلك".