روى أهالي وشهود عيان وأقارب الضحايا المدنيين الأبرياء الذين سقطوا جراء العدوان الأميركي على بلدة السكرية في مدينة البوكمال التابعة لمحافظة دير الزور تفاصيل الاعتداء الذي قام به الجنود الأميركيون أمس الأول الأمر الذي يدحض جملة وتفصيلاً الادعاءات التي ساقتها القوات الأميركية المعتدية لتبرير هذه الجريمة.

وقالت سعاد الجاسم، زوجة أحد الضحايا التي نجت من المجزرة الأميركية بأعجوبة وشهدت بأم عينها مقتل زوجها وإصابة أحد أطفالها وتشريد الباقين: "فوجئنا حوالي الساعة الخامسة عصراً بهبوط طائرتين في مكان إقامتنا ترجل منهما عدد من الجنود الأمريكيين، بينهم من يتكلم العربية، ودخلوا الخيمة التي أسكن فيها أنا وزوجي الذي يعمل حارساً للمشروع وأولادي".

وأوضحت أن اطفالها أصيبوا بالذعر الشديد، وحاولوا الفرار من الخيمة التي دخلها الجنود الأمريكيون. وعندما حاولت تهدئتهم وبمجرد توجهها نحوهم بدأ الجنود بإطلاق النار عليهم دون مبرر، علماً أنه لم يكن هناك ما يهددهم، ثم أطلقوا النار على العمال الموجودين في الموقع، والذين كانوا يؤدون عملهم في المبنى والذي ينحصر في اطار أعمال البناء لتغادر بعدها الطائرات الموقع بعد ان أطلقت النار على شخص آخر هو صياد سمك خارج المبنى.

وأكدت أن الذعر أدى بها إلى الإغماء ولم تصح إلا في المشفى لتعرف أن الجنود الأميركيين قتلوا زوجها الذي يعمل حارسا في المبنى لإعالة أسرته وأطفاله إضافة إلى سبعة آخرين هم عمال البناء.

بدورهم أكد أقارب بعض الضحايا أن كل الذين استهدفتهم هذه الجريمة يعملون في مجال البناء، ووجودهم في المكان محصور بذلك.

وأوضحوا أن الموقع المستهدف يقع ضمن منطقة زراعية وهو عبارة عن مزرعة حديثة العهد وقيد الإنشاء محاذية لنهر الفرات مباشرة، ولها سور ومدخلان؛ الأول يطل على الأراضي الزراعية والثاني باتجاه النهر، إضافة إلى مبنى لايزال قيد الإنشاء على الأرض، وأن كل المناطق المجاورة لهذه المزرعة هي عبارة عن أراض زراعية حيث يمارس جميع سكان المنطقة الزراعة.

وقد وصف وزير الخارجية السوري وليد المعلم الغارة الأميركية بأنها "اعتداء إرهابي" يريد الأميركيون عبره أن "يبعثوا برسالة سياسية إلى حلفائهم في المنطقة مفادها أنه لا شيء تغير في العلاقات السورية الأميركية، وأن الأمور ليست جيدة مثلما تبدو".

واعتبر المعلم في مؤتمر صحفي أمس، الثلاثاء، في لندن أن الغارة تهدف "إلى قطع علاقات سوريا مع أوروبا لا سيما فرنسا وبريطانيا"، وقال إن بلاده "تلقي بالمسؤولية على عاتق الحكومة الأميركية".

كما لمح المعلم إلى دور الحكومة العراقية، وقال إن السيطرة على الحدود بصورة فاعلة تتطلب شراكة وتعاونا مع الدول المشتركة في الحدود، مضيفا أنه يجب توجيه الأسئلة حول دور العراق في الغارة عقب اتفاقيته الأمنية مع الولايات المتحدة.
وكانت قد شيعت مدينة البوكمال يوم أمس، الإثنين، ضحايا العمل العدواني الذي استهدف المدنيين الأبرياء في بلدة السكرية.

ورافق الآلاف من أبناء المنطقة موكب التشييع حتى وصوله الى قرية حمدان حيث ووريت جثامين الضحايا الثرى في مثواها الأخير.

وأجمع المواطنون والمشيعون على أن هذا الاعتداء الأميركي الذي أزهق أرواح المدنيين الأبرياء يعكس منطق العدوان والتدمير الذي تستخدمه الولايات المتحدة الأميركية ضد المدنيين دون أي رادع قانوني أو أخلاقي.

من جهتها أدانت الامانة العامة لجامعة الدول العربية الهجوم الذي شنته مروحيات أميركية على منطقة البوكمال شمال شرقي سورية والذي ذهب ضحيته مدنيون أبرياء.

وأكدت الجامعة في بيانها أن هذا الانتهاك لا يساعد على الاستقرار في المنطقة ويفتح الباب لتوترات جديدة ويدمر مصداقية التحرك نحو السلام والاستقرار في العراق وجواره.

وأكد البيان تضامن الجامعة العربية مع سورية في حقها في الدفاع عن أراضيها وحماية شعبها وصون سيادتها وأراضيها، وطالب بإجراء التحقيق اللازم لمعرفة مختلف جوانب وملابسات هذا الاعتداء البشع ومحاسبة الجهات المسؤولة عنه وتحميلها كافة الالتزامات الناتجة عن الخسائر في الارواح والاضرار المادية الأخرى.

كما أعرب منسق السياسية الخارجية بالاتحاد الأوروبي خافيير سولانا عن قلقه من الغارة الأميركية على سوريا.

كما أعربت اسبانيا وفرنسا عن قلقهما بسبب العدوان على البوكمال وتقدمان تعازيهما لسقوط ضحايا مدنيين. وأكد ميغيل انخيل موراتينوس وزير الخارجية الاسباني قلق المملكة الاسبانية لما وقع على الحدود السورية العراقية معربا عن تعازيه لسقوط الضحايا المدنيين.

وعبر موراتينوس خلال اتصال هاتفي من البيرو مع وزير الاعلام السوري عن اهتمام بلاده بهذه التطورات وحرصها على العمل من اجل الاستقرار في المنطقة، ووضع حد لمثل هذه الاحداث الخطيرة.

ومن جهة ثانية أعربت فرنسا عن قلقها البالغ وأسفها لسقوط مدنيين سوريين، مؤكدة تمسكها بالاحترام الكامل لسلامة اراضي الدول وتدعو الى ضبط النفس.

واكد بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية ان فرنسا تأمل كشف كل الحقيقة حول هذه العملية التى أودت بالعديد من الأشخاص وبينهم أطفال. وأوضح البيان أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وجه التعازي الحارة إلى عائلات الضحايا وأقربائهم.

وفي طهران أدانت وزارة الخارجية الإيرانية بشدة الاعتداء الأمريكي السافر على منطقة البوكمال على الحدود مع العراق، والذي أدى إلى سقوط ضحايا من الأبرياء المدنيين.

كما أدان المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي والمؤتمر العام للأحزاب العربية العدوان الأمريكي على منطقة البوكمال السورية، مؤكدين أنها تشكل انتهاكاً فاضحاً للسيادة السورية وللأمن القومي العربي.

وأكدت المؤتمرات الثلاثة في بيان صادر عنها أن العدوان الأمريكي هو استمرار للنهج العدواني الذي تقوم به الإدارة الأمريكية الحالية رغم الويلات والمصائب التي جرها هذا النهج على الولايات المتحدة نفسها والعالم بأسره.

وقالوا إنه إذا كانت الإدارة الأمريكية الراحلة بعد أيام تعتقد أن هذا العدوان يمكن أن يصرف الأنظار عن الأزمة المالية والاقتصادية التي أغرقت بلادها والعالم فيها وإذا كانت هذه الإدارة تسعى إلى تحسين مواقعها الانتخابية بعد الفشل المتصاعد لسياستها بنظر الناخب الأمريكي، فإننا نعتقد أن مثل هذه الغارة ستزيد الأزمة تأزماً والفشل تفاقماً لاسيما أن لسورية خبرة طويلة في مواجهة هذا النوع من العدوان.

وأضافوا إن هذا العدوان يأتي في إطار تنفيذ التهديدات الأمريكية التي أعلنها مسؤولون كبار بهدف فرض الاتفاقية الأمنية المشؤومة على العراق والتي تريد من خلالها استمرار الاحتلال واستخدام العراق كقاعدة للعدوان على أشقائه وجيرانه.

ودعت المؤتمرات الثلاثة المنظمات الشعبية العربية وأحرار العالم إلى التضامن مع سورية والتحرك لمواجهة السياسات العدوانية والممارسات الإرهابية التي باتت السمة البارزة للإدارة الأمريكية ضد المنطقة والعالم بأسره.