قدمّت جمعيّة حقوق المواطن وجمعيّة "شومري مشباط" – حاخاميم من أجل حقوق الإنسان، اليوم (6.12.2005) التماسًا للمحكمة العليا، طالبتا فيه العليا منع هدم بيوت قرية خربة طانا ومنع هدم المباني الزراعيّة التي يستعملها السكان لمعيشتهم، والتي تمّ بناؤها من جديد بعد أن قام الجيش بمسح القرية عن بكرة أبيها في أشهر الصيف.

كذلك طالب الملتمسون المحكمة بإصدار أمر يقضي بتحضير خارطة هيكليّة مفصلّة للقرية وإصدار تصاريح للبناء وفق هذه الخارطة.

وقدّم الإلتماس المحامي عازم بشارة من جمعيّة حقوق المواطن بإسم 15 من سكان القرية وبإسم جمعيّة التطوير والتعاون التي تعمل من أجل تطوير القرية ومن أجل رفاه سكانها.

وطالب المحامي بشارة العليا بإصدار أمر احترازي لمنع الجيش من هدم المباني والبيوت في القريّة إلى أن تنتهي العليا من البت في الإلتماس.

وتقع قرية خربة طانا، وهي قرية زراعية، شرقي قرية بيت فوريك في قضاء نابلس. ويسكن في القرية مئات السكان الذين يعتمدون على الزراعة ورعاية المواشي لكسب رزقهم. ويعيش السكان في بيوت متنقلة وفي مغر وبيوت من الحجر. وتقيم العائلات في خربة طانا على مدار السنة ما عدا في أشهر الصيف حيث ينتقل السكان للإقامة في أراضي زراعية في منطقة قرية بيت فوريك.

في تاريخ 5.7.2005 عندما كان أهل القرية خارجها، اقتحم القرية ممثلو المديرية المدنية وهدموا كل المباني في القرية بواسطة الجرافات الضخمة. وقد هدم ممثلو المديرية حوالي 20 مبنى بضمنهم مبنى المدرسة الوحيد في القرية. وقامت القوات بسد المغر في القرية التي يقيم فيها قسم من السكان. ولم يبق في القرية إلا مسجد قديم ومبنى اَخر.

في أعقاب مسح القرية عن بكرة أبيها توجهت جمعيّة حقوق المواطن وجمعيّة "شومري مشباط" ومؤسسات حقوق إنسان أخرى إلى المستشار القضائي للحكومة وإلى سلطات الجيش وطالبتهما بإجراء التحقيق في قضيّة الهدم وإيجاد البدائل السكنيّة لسكان القرية، بما في ذلك بناء البيوت والمباني التي هدمت من جديد.

بعد شهرين من هذا التوجه، تلقت المؤسسات ردًا مفاده أنّ البيوت والمباني هُدمت لأنها "بنيت من دون الحصول على تصاريح ومن دون وجود خارطة هيكليّة للقرية في منطقة معرفة على أنها منطقة زراعيّة وفقًا لمخطط وضع في فترة الإنتداب. كذلك قام السكان ببناء البيوت في منطقة "904 أ" مناقضين لأمر أعلن عن المنطقة كمنطقة العسكريّة المغلقة".

وأكدت السلطات أنها قامت بإصدار أوامر هدم وأنها قامت بإنذار السكان قبل الهدم، ولكنها لم تذكر في ردها موعد إصدار هذه الأوامر والأشخاص التي تم تسليمها هذه الأوامر. ورفضت السلطات طلب المؤسسات الذي ورد في التوجه الأول حول تحضير خارطة هيكليّة مفصلة للقرية والإمتناع عن هدم المزيد من المباني ووافقت على إيقاف عمليات الهدم حتى هذا الأسبوع.

وشدد المحامي بشارة في الإلتماس أنّ خلافًا لإدعاء سلطات الجيش، لم يتلق السكان أوامر الهدم قبل هدم البيوت ولهذا تعذّر عليهم الإدلاء بأقوالهم أو التماس العليا لمنع الهدم، ومن هنا فإن أوامر الهدم غير قانونيّة.

وأضاف المحامي بشارة أنّ ادعاء الجيش القائل بأن البيوت بنيت في منطقة عسكريّة مغلقة هو ادعاء باطل لأنّ هذه المنطقة لا تعتبر منطقة عسكريّة مغلقة منذ أكثر من 15 عاماً، ولم ير أحد في المنطقة أي حضور للجنود أو أي تدريبات عسكريّة.

وجاء في الإلتماس أيضًا أن السكان الفلسطينيين يعملون في أراضيهم الزراعيّة هناك منذ عشرات السنوات ويرعون المواشي هناك ولم يعترض أحدًا على ذلك.

وقارن المحامي بشارة في الإلتماس بين تعامل السلطات الإسرائيليّة مع القرى الفلسطينيّة وتعاملها مع المستوطنات، فبعكس المستوطنات، لم تصادق السلطات الإسرائليّة بشكل واف على خرائط هيكليّة للقرى الفلسطينيّة على مدار عشرات السنوات بالرغم من حاجات السكان المتغيّرة وبالرغم من تكاثر السكان الفلسطينيين الطبيعي.

السطات الإسرائيليّة من جهتها تعتمد الخرائط الهيكليّة من زمن الإنتداب وتدعي أن البناء غير قانوني، فيما تصادق السلطات على خرائط هيكليّة جديدة للمستوطنات."وبذلك، ادعى المحامي بشارة، "تخل سلطات التخطيط في الأراضي المحتلة بواجبها القانوني الذي يملي عليها استعمال صلاحياتها استعمالاً عادلاً ومستقيمًا وملاءمة الوضع التخطيطي في المنطقة لحاجات السكان المتغيرة وفق مبادئ القانون الدولي".

وتابع "يشكل هدم البيوت والمباني التي يستعملها السكان لالتقاط رزقهم مسًا خطيرًا في كرامة الإنسان وفي حق السكان في العمل وكسب لقمة العيش بكرامة وفي حقوقهم بالملكيّة ويبقيهم الهدم مشردين من دون مأوى".

وشدد الإلتماس على وجوب إبطال أوامر الهدم في ضوء سياسة تطبيق قانون التخطيط الإنتقائية بناءًا على الإنتماء القومي، ففي حين تتبع السلطات الإسرائيليّة سياسة صارمة مع الفلسطينيين، لا تحرك ساكنًا أمام البناء غير القانوني الذي يقوم به المستوطنون، كما جاء في تقرير المحاميّة طاليا ساسون.