عمل مقص الرقيب الإسرائيلي جاهدا من أجل شطب مقاطع من بروتوكولات اللجنة الوزارية الأمنية المنبثقة عن الحكومة الإسرائيلية، خلال حرب حزيران/يونيو العام 1967، التي نشرها أرشيف الدولة الإسرائيلي أمس، الخميس، بمناسبة مرور خمسين عاما على ذلك العدوان الإسرائيلي.

وأشارت صحيفة 'هآرتس اليوم، الجمعة، إلى أن المقاطع المحذوفة في البروتوكولات، تحدثت عن جرائم حرب وانتهاك حقوق إنسان وتعامل غير أخلاقي مع الأسرى العرب، ارتكبها الجنود الإسرائيليون، أو أن الجيش والقيادة الإسرائيلية لم توجه تعليمات لقواتها تحذر من ارتكاب جرائم كهذه. ويرفض القيم على الأرشيف تفسير شطب بعض المقاطع، لكنه قال إن السبب هو 'التخوف من المس بأمن الدولة وعلاقاتها الخارجية'.  

وأضافت الصحيفة أن مقاطع شطبها الرقيب من البروتوكولات تم نشرها في الماضي في كتب ومقالات وتقارير، بعد أن حصلت في حينه على تصريح من الرقابة، وبإمكان الجمهور الاطلاع عليها. وفي إحدى الحالات، شطبت الرقابة مقاطع كاملة من وثيقة، رغم أن الوثيقة تظهر في موقع أرشيف الإسرائيلي الالكتروني.

وبين المقاطع التي شطبتها الرقابة، حوار بين وزير الأمن، موشيه ديان، ووزير الداخلية، حاييم موشيه شبيرا، خلال اجتماع للجنة الشؤون الأمنية، عقد في 6 حزيران/يونيو 1967. وسأل شبيرا ديان: 'هل بإمكانك إصدار أمر للجنود، بأن يتصرفوا ويتعاملوا هناك (مع العرب) بصورة إنسانية؟ أنا خائف جدا'. لكن ديان رفض وقال: 'الوضع ليس بهذا الشكل الذي يحتاج إلى إصدار أمر خاص. وإذا كان هذا الأمر الوحيد الذي أوجهه للجيش، فإن هذا سيكون كأننا نقرّ بوجود سلوك غير إنساني'. وشطبت الرقابة رد شابيرا، فيما قال ديان: 'ليس الأمر العسكري هو الذي ينقص هنا'. وهنا تدخل رئيس الحكومة، ليفي أشكول، في النقاش وقال: 'لا نريد حدوث ممارسات كهذه. واليوم ذكروا شيئا عن ذلك في الإذاعة'.

ويتبين من كتاب المؤرخ الإسرائيلي توم سيغف، بعنوان '1967'، الذي يتضمن هذا النقاش، أن ما شطبته الرقابة هو أن شبيرا عبر عن خوفه من ارتكاب الجنود الإسرائيليين مجازر بحق العرب وذكر في هذا السياق مجزرة كفر قاسم، التي ارتكبها جنود إسرائيليون في اليوم الأول من العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956.

وفي وثيقة أخرى، شطب الرقيب مقطع من أقوال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، أهارون ياريف،، رغم أن هذا المقطع منشور في الموقع الالكتروني لأرشيف الجيش، ويتحدث فيه عن مخاطر محدقة بإسرائيل من جانب الجيش المصري وبضمن ذلك 'إنزال ضربة من أجل تدمير ديمونا' في إشارة إلى المفاعل النووي الإسرائيلي. وذكرت البروتوكولات التي نشرت أمس أن طائرات مصرية حلقت فوق مفاعل ديمونا النووي في شهر أيار/مايو 1967.   

اقرأ/ي أيضًا | "تحرير" وليس احتلالًا!

وقال الباحث الإسرائيلي المناهض لانتشار السلاح النووي، الدكتور أفنير كوهين، إن 'كشف جزئي لمواد تاريخية هو أمر مضلل ومربك. وهذا الأمر يسبب أن اليوم، بعد خمسين عاما على الحرب، ما زال فهمنا التاريخي للأحداث التي أدت لنشوبها مشوشة'. وأضاف كوهين، وهو مؤلف كتاب 'إسرائيل والقنبلة' النووية، أنه 'لا شك لدي في أن جزءا من المقاطع التي حجبتها الرقابة تتطرق إلى السلاح النووي. ولو اطلعنا عليها، لكان بإمكانهم جعلنا نفهم رواية بديل لوصف الحرب. لكن هذه الإمكانية ليست قائمة أبدا بالنسبة للرقابة'.