لم تترك العنصرية المفضوحة لمرشح حزب "عوتسما يهوديت" (قوة يهودية)، ميخائيل بن آري، مجالا أمام المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، كي لا يبدي تأييده لشطب ترشيحه. وفي المقابل، وبحسب ما جاء في وجهة النظر التي قدمها إلى اللجنة المركزية للانتخابات فإنه يمكن السماح للعنصري إيتمار بن غفير بخوض الانتخابات "رغم الأدلة المقلقة بشأنه"، ورغم ذلك فمن غير المتوقع أن تصادق لجنة الانتخابات المركزية على شطب الترشيح.

يشار إلى أن اللجنة المركزية للانتخابات، برئاسة القاضي حنان ميلتسر، تناقش، اليوم، ثلاثة طلبات لشطب كتلة "عوتسما يهوديت"، وبضمنها وجهة نظر المستشار القضائي للحكومة، والتي أشار فيه إلى جملة من التصريحات العنصرية لبن آري في السنوات الأخيرة.

وأعلن حزب "يسرائيل بيتينو" أنه يعارض شطب الترشيح طالما "لم يتم شطب التجمع الوطني الديمقراطي".

كما أبدى "اليمين الجديد" معارضته للشطب، ومن غير المتوقع أن يشارك ممثلو حزب "كولانو" في التصويت، ما يعني أنه لن تتوفر أغلبية لشطب بن آري أو بن غفير.

ومن المتوقع أيضا أن تناقش اللجنة طلب شطب ترشيح عوفر كسيف في قائمة الجبهة الديمقراطية، وبعد ذلك تناقش طلب شطب قائمة تحالف التجمع مع الموحدة.

يشار إلى أن لجنة الانتخابات المركزية هي لجنة سياسية تتألف من ممثلي كتل الكنيست المنحلة، وتتخذ قراراتها على أساس المواقف السياسية وليس القضائية. وتضم اللجنة 34 عضوا، بحسب التوزيع التالي: الليكود 8، "العمل" 5، القائمة المشتركة 3، "يش عتيد" 3، "كولانو" 3، "شاس" 2، "يسرائيل بيتينو" 2، "هتنوعاه" 2، "يهدوت هتوراه" 2، "البيت اليهودي" 1، "اليمين الجديد" 1، "ميرتس" 1، العربية للتغيير 1.

تصريحات عنصرية

وتضمنت وجهة النظر تصريحات لبن آري في آب/ أغسطس 2018، والتي جاء فيها "يجب تغيير المعادلة أولا، فمن يتجرأ للتحدث ضد يهودي لن يعيش.. لن يعيش.. لن نطرده، ولن نسحب منه المواطنة. لن يعيش.. فرقة إطلاق نار ستقتله.. ستقضي عليه، كما يفهم العرب ذلك. هذه لغتهم.. قولوا إن هذه عنصرية.. عنصري؟ من يقول إنهم مخلصون يستخف بهم. ليس صحيحا أن العربي يريد أن يأكل ويكسب رزقه.. للعربي طموحات قومية.. يصرخ بها، وعلى استعداد للموت من أجلها".

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، وفي مناسبة إحياء الذكرى السنوي لمقتل الفاشي مئير كهانا، قال بن آري: "سنعطيهم (للعرب) 100 ألف دونم كتفضيل مصحح، فربما سيحبوننا. وفي النهاية فهم يحبوننا مذبوحين".

وفي اقتباس آخر عنه يقول "علمنا الراف كهانا أنه لا تعايش معهم. لا يوجد تعايش".

وفي أيار/ مايو من العام 2018 ألقى بن آري خطابا تحدث فيه عن العرب في مدينة حيفا، وقال "العرب في حيفا لا يختلفون عن العرب في قطاع غزة. بماذا يختلفون؟ بأنهم أعداء من الداخل. فهم يخوضون حربا ضدنا في داخل الدولة. لهذا الأمر يوجد تسمية.. يسمونه طابورا خامسا. العرب في حيفا هم طابور خامس. يجب تسمية الكلب باسمه. هم أعداؤنا. يريدون إبادتنا. يوجد بالطبع عرب مخلصين للدولة، ولكن نسبتهم لا تتجاوز 1%".

وتابع "للأسف، غالبيتهم الساحقة شركاء بالكامل مع إخوانهم في قطاع غزة. يجب أن يختار عدونا العربي أحد اثنين: إما أن يكون مخلصا للدولة، أو يذهب إلى سورية... هم يريدون القضاء علينا.. هذا هو هدفهم".

ولم تتوقف تصريحات بن آري، حيث صرح الشهر الماضي "هم يفعلون بنا ما يريدون. يستهدفون أعناقنا، ويجرون خلف بناتنا. ومن يدعي غير ذلك فهو يكذب. كل من يتحدث عن التعايش يهيئ للقتل التالي".

وفي تصريحات أخرى من الشهر الماضي قال "الانتقام هو بأن يكون حزب عوتسما يهوديت في الكنيست مع 10 مقاعد. وعندما نكون هناك سوف يدركون أننا لا نلعب معهم مثل (أفيغدور) ليبرمان. سوف يجدون أنفسهم في البلاد التي جاؤوا منها، وتتحول قريتهم إلى مطار. يجب طردهم إلى البلاد التي جاؤوا منها"، وذلك بزعم أنهم ليسوا أصحاب البلاد الأصليين.

وفي أيلول/ سبتمبر من العام 2018، في أعقاب مقتل آري بولد، قال بن آري متوجها إلى رئيس المجلس الإقليمي في "غوش عتسيون" إنه يطلب فصل جميع العمال العرب باعتبارهم "قتلة".

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، هاجم بن آري عرب اللد، وقال إن "المحتل العربي في اللد يواصل العربدة اليوم. يجري احتلال إسرائيل من الداخل".

وكان قد صرح تصريحات مماثلة بشأن العرب البدو، في تموز/ يوليو 2018، وقال "أنتم تعرفون أن البدو يتزوجون من عربيات من غزة والخليل، وجميعهن يأتون إلى هنا. ويحصلن على مخصصات التأمين الوطني، ويلدن أبناءهن في المستشفيات على حسابنا. ورغم أن بعضهم يخدم في الجيش نتيجة إغراءات مالية، إلا أنني أعرف أنه لا يمكن الاعتماد عليهم. هناك أجندة: إذا خدموا في الجيش سيكونون مخلصون لنا، وإذا لم يفعلوا لن يكونوا مخلصين". بيد أنه يضيف ""يجب معالجة أمرهم، ولكن في البلاد التي جاؤوا منها".

أما بالنسبة لإيتمار بن غفير، فقد أبدى المستشار القضائي للحكومة تهاونا إزاء عنصريته، وادعى أن "مجموع الأدلة بشأنه مقلقة، وتقترب من المجال الذي يمنع فيه من التنافس في انتخابات الكنيست" بيد أنه أضاف أنه لا يوجد أدلة كافية لرفض ترشيحه.

ورد حزب "عوتسما يهوديت" على ذلك بالقول إن المستشار القضائي للحكومة عارض، يوم أمس، شطب حزب التجمع الوطني الديمقراطي وتحالف الجبهة والتغيير، مضيفا أن هذه الأحزاب تحرض ضد الدولة وتدعم الإرهاب بشكل صريح، وتشجع العمليات ضد اليهود، كما أن ممثليهم في الكنيست يعتقدون أن قتل الجنود والمستوطنين هو طريقة مشروعة لمقاومة إسرائيل.

وقال حزب "عوتسما يهوديت" إن "موقف المستشار القضائي للحكومة هو الدليل الأكبر على أن مندلبليت والمدعي العام، شاي نيتسان، هما اللذان يديران شؤون الدولة".

وأضاف أن المستشار القضائي الذي "يمنح الشرعية لأعداء إسرائيل، ويطلب شطب بن آري غير جدير بأن يكون مستشار قضائيا للدولة".

بن آري تلميذ كهانا

يشار إلى أن بن آري مرشح في المكان الخامس في قائمة تحالف أحزاب اليمين، وذلك بعد أن دفع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الأحزاب للتحالف لتجنب خسارة مقاعد لليمين، مقابل تعهدات بمنح "الاتحاد القومي" وزارتي المعارف والإسكان، إضافة إلى مقعدين في المجلس الوزاري المصغر، والمكان 28 في قائمة الليكود للكنيست.

وكان بن آري أحد المقربين من الراف المقتول مئير كهانا الذي أسس وترأس حركة "كاخ" التي أخرجت عن القانون، ومنع كهانا من الترشح للكنيست. ويصرح بن آري بأنه "يرفض مصافحة العرب"، ويدعو لتهجيرهم من البلاد (ترانسفير). كما سبق وأن "حذر" من وضع تلاميذ يهود مع أبناء اللاجئين الذين يدخلون البلاد طلبا للعمل، بادعاء أن ذلك "يعرضهم لأمراض خطيرة نتيجة فيروسات يحملها أبناء اللاجئين".

ويعيش بن آري (55 عاما) في مستوطنة "كرني شومرون"، وهو ناشط سياسي منذ سنوات طويلة. خدم في الجيش في سلاح المدرعات، ودرس في أهم المدارس الصهيونية الدينية "مركاز هراف"، وحصل على شهادة الدكتوراة في موضوع "دراسات أرض إسرائيل".

وبسبب عضويته في حركة "كاخ"، التي وضعت ضمن قائمة المنظمات الإرهابية في الولايات المتحدة، منع من دخول الولايات المتحدة في الفترة التي كان فيها عضو كنيست. ونشط بعد ذلك في فعاليات احتجاج ضد الحكومة لطرد طالبي اللجوء، و"تشجيع هجرة أعداء إسرائيل (الإشارة إلى العرب )، وإقامة نظام حكم بموجب "الأخلاق اليهودية كديمقراطية يهودية، تحافظ على مصالح الدولة القومية اليهودية كقيمة ترفض أية قيمة كونية".

وفي انتخابات العام 2009، أقيم حزب "أرض إسرائيل لنا"، برئاسة بن آري، واحتل المكان الرابع في قائمة موحدة تضم عدة أحزاب يمين تحت مسمى "الاتحاد القومي". وحصلت القائمة على أربعة مقاعد، أتاحت لتلميذ كهانا الدخول للكنيست. ولاحقا انفصل بن آري وعضو الكنيست آريه إلداد عن القائمة، وشكلا قائمة جديدة باسم "عوتسما ليسرائيل" (قوة لإسرائيل)، خاضت انتخابات الكنيست عام 2013، ولكنها لم تتجاوز نسبة الحسم. ولاحقا تم تغيير اسم الحزب إلى "عوتسما يهوديت".