لا يمرّ يومان في إسرائيل دون إجراء استطلاعات حول النتائج المتوقّعة للانتخابات الإسرائيليّة المقرّر أجراؤها في التاسع من نيسان/ أبريل المقبل، غير أن اللافت في هذه الانتخابات هو التغييرات في ذيل القوائم، لا في صدارتها المحسومة حتى الآن لصالح "كاحول لافان" (35-38 مقعدًا).

وبحسب استطلاعات الرأي التي عرضت في إسرائيل الأسبوع الماضي، فقد استعاد حزب "الليكود" الحاكم، الذي حلّ ثانيًا، قوّته التي كانت قبل تقديم المستشار القضائي للحكومة الإسرائيليّة توصياته بمحاكمة بنيامين نتنياهو بتهم فساد، وتراوحت قوّته الانتخابيّة المتوقّعة بين 30 و31 مقعدًا.

وفي مقابل الثبات في صدارة "كاحول لافان" و"الليكود"، يبدو ذيل القائمة غير ثابت بالمرّة، خصوصًا على الأحزاب الصغرى المحسوبة على أقصى يمين الساحة الإسرائيليّة، التي تتأرجح على خطّ نسبة الحسم، وسط مخاوف من نتنياهو أن يؤدي عدم تجاوز أحد الأحزاب الصغرى نسبة الحسم إلى عدم تمكّنه من تشكيل حكومة مقبلة، مثلما بيّنت استطلاعات نهاية الأسبوع الماضي، وهو ما يفسّر إصرار نتنياهو على إبرام تحالف بين الأحزاب الصغرى قبل أسبوعين رغم ضمانه عددًا كبيرًا من المقاعد لحزبه، حتى أنه اضطر لتأجيل لقائه مع بوتين لتوحيد هذه الأحزاب التي لاقى توحيدها غضبًا في الأوساط اليهوديّة الأميركيّة.

وتبدو المعركة التي يقودها نتنياهو هذه المرّة أكثر حذرًا من المرّة السابقة، ففي مقابل حملته الانتخابيّة التي تقوم على رفع قوّة الليكود في الكنيست المقبل إلى 40 مقعدًا، تقف الأحزاب التي سيركن إليها نتنياهو لتشكيل ائتلافه المقبل بحسب استطلاع هيئة البث الرسمية "كان"، وهي "اليمين الجديد"، و"اتحاد أحزاب اليمين" و"شاس" و"كولانو" عند خمسة مقاعد فقط، ما يعني أنّ كل مندوب سيذهب "لليكود" من هذه الأحزاب سيساهم في تقليص الفجوة بينه وبين "كاحول-لافان" إلا أنّه من المحتمل أن يساهم في الحيلولة دون عبور حزب واحد من هذه الأحزاب نسبة الحسم، ما يعني أن معسكر اليمين لن يكون قادرًا على تشكيل حكومةٍ بمفرده، بحسب محلّل الاستطلاعات في صحيفة "هآرتس"، أمنون هراري.

نتنياهو خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأخير (أ ب)

ويرجع هراري سبب تركيز حملة نتنياهو الانتخابيّة، خلال الأسبوع الماضي، على رئيس "كاحول-لافان"، بيني غانتس، إلى أن أعضاء حزب "الليكود" الذين تركوه وانضموا لـ"كاحول لافان" هم الوحيدون القادر نتنياهو على اجتذابهم دون تعريض معسكر اليمين للخطر؛ وهي نفس الطريقة التي ينتهجها "كاحول لافان" الذي يسعى لاستقطاب مصوّتي اليمين على تعريض حزب "ميرتس" للخطر والحيلولة دون تجاوزه نسبة الحسم.

يُذكر أن استطلاعات الرأي خلال الأسبوع الأخير بيّنت أن حزب "يسرائيل بيتينو"، برئاسة وزير الأمن الإسرائيلي السابق، أفيغادور ليبرمان، لن يتجاوز نسبة الحسم.

كيف تعامل نتنياهو مع نتائج الاستطلاعات؟

لم يؤثّر تقديم المستشار القضائي للحكومة الإسرائيليّة، أفيحاي مندلبليت، توصياته بمحاكمة نتنياهو في ملفات فساد على نتائج استطلاعات الرّأي، على عكس ما كان متوقعًا، لكن هذه النتائج جاءت نتيجة اجتماعات ماراثونيّة عقدها نتنياهو مع قيادات حزب الليكود، إذ التقاهم 3مرّات بين يومي الجمعة والأحد الماضيين، وهو ما أدّى إلى تحوّل في كل خطاب نتنياهو الانتخابي من التركيز على شخصه المطارد إلى "إنجازات حكومته" في خطابه يوم الإثنين الماضي.

وأمر نتنياهو قيادات الليكود، وفق محرر الشؤون الحزبية في "هآرتس"، يوسي فيرتير، بعدم إظهار النشوة أو إبداء ثقة مطلقة بالنفس "هذه المرّة نحن في ملعب مختلف تمامًا. هذه المرّة أمامنا خصم ليس يتسحاك هرتسوغ ولا تسيبي ليفني"، في إشارة لقادة "المعسكر الصهيوني" الذي نافس نتنياهو عام 2015.

ووفقًا لفيرتير، استشاط نتنياهو غضبًا حين سئل من قيادات حزبه عن إمكانية تشكيل حكومة "وحدة وطنية"، تضم حزب "الليكود" و"كاحول لافان"، وقفز من مكانه قائلًا "لا تقولوا ذلك في أيّة حالٍ من الأحوال" ومنع نوّابه من تصريح أي شيء بهذا الخصوص، إلا تصريحات نتنياهو تركت انطباعًا أنه "كلما اشتدّ نتنياهو في النفي، كلما كان أقلّ صدقًا".

وخلال الاجتماع طلبت قيادات الليكود من نتنياهو عدم الاستمرار في التشديد على أنه "مطارد" أو "ملاحق" إنما التشديد على "الإنجازات" التي مرّرتها حكومته.

وخلال الأسابيع الأخيرة، طرحت فكرة تشكيل "حكومة وحدة وطنية" في إسرائيل بين "كاحول لافان" و"الليكود"، كان أبرز من طرحها المرشّح الثاني في قائمة "كاحول لافان"، يائير لبيد، وهي التصريحات التي تقلفها حزب "اليمين الجديد"، في محاولة للحصول على أصوات من الليكود.