حين بدأت المعركة الانتخابية في إسرائيل بدا رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في مأزق: توصيات للمستشار القضائي بتقديمه للمحاكمة في أية لحظة بقضايا فساد؛ فارق كبير بينه وبين قائمة "كاحول لافان" المتصدرة؛ تباينات في الليكود بسبب نتائج البرايمرز؛ وأحزاب يمينية متطرفة دون نسبة الحسم.

في الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية، أي هذا الأسبوع، يبدو الوضع مختلفًا: قمّة مع الرئيس الأميركي في واشنطن تضمنها منح الجولان هدية أميركية، والأربعاء، هدية روسية أخرى، تمثلت بجثة جندي إسرائيلي فقد عام 82 في لبنان، وبين الهديتين، زيارة من الرئيس البرازيلي واستعادة زمام المبادرة في الساحة السياسية الإسرائيلية، رغم إثارة الرعب في صفوف ناخبيه من الليكود.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أعلن المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الأربعاء، بينما يتحضر نتنياهو لزيارة العاصمة الروسية، موسكو، الخميس، لإجراء محادثات مع الرئيس فلاديمير بوتين، برفقة رئيس الموساد، يوسي كوهين، للوقوف على تفاصيل العملية "الاستخباراتية"، أعلن استعداد موسكو لمناقشة خطة نتنياهو، لحل الأزمة السورية، التي من المتوقع أن يعرضها على بوتين خلال الزيارة المرتقبة.

تتوج كل ذلك بالهدية التي قدمها بوتين لنتنياهو غداة الانتخابات الإسرائيلية المقررة في التاسع من نيسان/ أبريل الجاري، والتي تمثلت بإعادة جثة الجندي زخاريا باومل، أحد الجنود الإسرائيليين الثلاثة الذين فُقدت آثارهم في أعقاب معركة السلطان يعقوب، في بداية الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982.

زخاريا باومل

أكدت التقارير الصحافية الإسرائيلية أن إسرائيل حققت تقدمًا في ملف الجنود الثلاثة المفقودين في معركة السلطان يعقوب، عقب التدخل العسكري الروسي في سورية، الذي وفر لعناصر الموساد الإسرائيلي والمخابرات العسكرية الإسرائيلية، فرصة للدخول والبحث ومحاولة تحديد موقع الجنود الذين نقلوا إلى سورية، خلال السنوات الماضية.

وفي أيار/ مايو عام 2016، سلمت روسيا، الحكومة الإسرائيلية، دبابة إسرائيلية شاركت في معركة السلطان يعقوب، كانت معروضة في دمشق كذكرى للانتصار في المعركة، سلمها جيش النظام السوري إلى الجيش الروسي، نقلت إلى متحف الأسلحة في موسكو، لتنقل بعدها إلى إسرائيل.

وعاد الموضوع ليتصدر عناوين الصحف الإسرائيلية، في أيار/ مايو الماضي، عقب تصريح للأمين العام المساعد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، طلال ناجي، لقناة الميادين، ذكر فيه أن إسرائيل عقدت اتفاقًا مع تنظيمات "داعش" و"جبهة النصرة"، الذين كانوا قد سيطروا على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في ذلك الوقت، يقضي بنبش "مقبرة الشهداء" في المخيم بحثًا عن رفات الجنود الإسرائيليين.

ويبدو أن الشرطة العسكرية الروسية تولت هذه المهمة (البحث عن رفات الجنود الإسرائيليين) لاحقًا، إذ سرعان ما سيطرت القوات الروسية وقوات النظام السوري على المخيم في نهاية أيار/ مايو 2018.

وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، كشف متحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، في مؤتمر صحافي عقد في أعقاب سقوط الطائرة الروسية (إيليوشن 20) في سورية، إن الحكومة الإسرائيلية، طلبت من روسيا مساعدتها في تحديد موقع جثث الجنود الإسرائيليين الثلاثة.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية حينها، إن الجنود الروس عملوا لمدة أشهر في المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بالتنسيق مع قوات النظام السوري، في محاولة لتحديد موقع جثث الجنود.

وأكدت التقارير الإسرائيلية أن الجهة التي عثرت على جثة باومل (لم تذكرها)، أرسلت إلى إسرائيل العديد من الجثث لأنها لم تتمكن من التعرف على الجثث يقينًا، ولفتت إلى أن الجانب الإسرائيلي قام بالفعل بالعديد من اختبارات الحامض النووي على معظم الجثث، ونفت احتمالية أي صلة بينها وبين الجنديين الآخرين المفقودين في المعركة، فيما تم التعرف على جثة باومل.

أكد الجيش الإسرائيلي "وصول الرفات إلى إسرائيل منذ بضعة أيام"، مضيفا أنه تم التعرف عليه بواسطة اختبار الحمض النووي وجرى نقله على متن طائرة تابعة لشركة العال الإسرائيلية، من دولة ثالثة، لم يحددها، ورفض الإفصاح عن كيفية وموقع العثور على رفات باومل، ضمن ما وصفها بعملية استخباراتية. كما لم يتطرق نتنياهو لتفاصيل عن ذلك في خطابه.

وحرص نتنياهو على "ظهور حزين"، خلال إعلانه عن استعادة جثمان باومل، الذي استهله بأنه "اليوم نزيل الغموض ونغلق حلقة"، ووصف هذه اللحظات بأنه "أكثر اللحظات المؤثرة" خلال فترة حكمه، كما تعهد بمواصلة الجهود للعثور على الجنود الآخرين المفقودين، في إشارة إلى الجنديين الآخرين والجنود المعتقلين لدى حركة حماس في قطاع غزة.

نيمار... والمزيد من الأصوات

لم يفوّت نتنياهو زيارة الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، التي بدأت الأحد الماضي، واستمرت لثلاثة أيام، دون أن يحاول استغلالها لحصد مزيدًا من الأصوات. وعند الحديث عن البرازيل والناخب الإسرائيلي، فإن كرة القدم هي المدخل.

اهتم نتنياهو بأن يزور بوليسنارو، البلدة القديمة في القدس المحتلة والتقاط الصور عند حائط البراق، إلا أن "اكتفاء" البرازيل بافتتاح مكتب اقتصادي في القدس، وتراجعها عن نقل سفارتها إلى المدينة المحتلة تيمنًا بالرئيس الأميركي، دفع نتنياهو إلى البحث عن طريقة أخرى يترجم خلالها زيارة بوليسنارو إلى مزيد من الأصوات.

تسمية

لتحقيق ذلك، وجه نتنياهو دعوة لأحد أبرز نجوم كرة القدم في العالم، نيمار، إلى "زيارة إسرائيل"، بواسطة فيديو سجله برفقة الرئيس البرازيلي على هامش زيارته إسرائيل هذا الأسبوع.

وأظهر القسم الأول من الشريط بولسونارو مبتسما قبل أن يعطي الكلام لنتنياهو الواقف بجانبه، فتوجه الأخير بالإنجليزية لنيمار وصديقه راكب الأمواج البرازيلي الشهير، غابريال ميدينا، بالقول "رجاء، عليكما أن تزورانا، أنتما مدعوان، نيمار وميدينا، أحضروا الجميع معكما!".

وفي الجزء الثاني من الشريط نفسه، ظهر نيمار، أغلى لاعب كرة قدم في العالم، وهو يرد على الدعوة بالقول بالإنجليزية قائلا: "مرحبا بيبي (نتنياهو) وبولسونارو. أشكرك على دعوتك. إسرائيل، نحن قادمان!"، كما أظهر الشريط ميدينا وهو يرد بدوره إيجابا على الدعوة نتنياهو.

نتنياهو قادر على "امتصاص" الأصوات

وفي سياق آخر، رفض قادة أحزاب اليمين في إسرائيل، المشاركة في تجمع انتخابي لمعسكر اليمين، من المقرر أن تنظم يوم الأحد المقبل، في ساحة باريس بالقدس، وذلك تجنبًا للاجتماع مع نتنياهو في نفس المكان لـ"قدرته على امتصاص الأصوات من داخل المعسكر".

وكشف التلفزيون الرسمي الإسرائيلي (كان)، أن في اللحظة التي تيقن فيها رئيس "اليمين الجديد" نفتالي بينيت، وشريكته في الحزب، وزيرة القضاء، أييلت شاكيد، أن الخطاب المركزي في تجمع أنصار اليمين في القدس ستكون من نصيب نتنياهو، اعتذروا عن الحضور.

ولفتت القناة إلى أن الأمر لم يقتصر فقط على شاكيد وبينيت، فإن رئيس "البيت اليهودي" رافي بيرتس، ورئيس "الاتحاد القومي"، بتسالئيل سموتريتش، عبّروا عن الموقف ذاته.

وأشارت القناة إلى أن زعماء الأحزاب اليمينية، يحاولون تجنب ما حدث قبيل الانتخابات الماضية، خلال تجمع أحزاب اليمين في ميدان رابين في مدينة تل أبيب، حيث جلسوا جميعًا على المنصة وشاهدوا نتنياهو "يمتص" أصواتهم جميعًا، ما أشارت إليه الاستطلاعات لاحقًا، وأكدته نتائج الانتخابات.

اقرأ/ي أيضًا | استطلاع: الليكود يتصدر واليمين يعزز قوته

اقرأ/ي أيضًا | إسرائيل تستعيد جثة جندي فُقد بمعركة السلطان يعقوب