في كتابهما "المليون الذي غيّر الشرق الأوسط"، يتحدّث الكاتبان ليلي غليلي ورومان برونفمان عن خيبة أمل اليسار الإسرائيلي، الذي اعتقد أنّ بروفيل المهاجرين الروس "البيض والمثقفين"، يصب لصالح معسكر السلام، إلّا أنّ المهاجرين اتجهوا نحو معسكر اليمين وأحدثوا تحولا في الخارطة السياسية الإسرائيلية.

ويورد الصحافي هيلو غلزو ذلك في مقال نشر في ملحق صحيفة "هآرتس" الأسبوعي، اليوم، الجمعة، يختلف مضمونه مع الرأي السائد، الذي يقول إنّ التأثير الحاسم للهجرة المذكورة انقشع مع بداية سنة 2000، عندما اندلعت الانتفاضة الثانية وتلاشت أفواج الهجرة، ويشير إلى أنّه خلال العشرين سنة التي مضت على الفوز الأخير لـ"معسكر اليسار الإسرائيلي"، وفد إلى إسرائيل، في عملية متدرجة، 600 ألف مهاجر جديد، ينتمي غالبيتهم إلى ثلاث مجموعات، هي: متحدّثو الروسية من روسيا وأوكرانيا، متحدّثو الفرنسية من فرنسا وبلجيكا، ومتحدّثو الإنجليزية من الولايات المتحدة وكندا.

ويقرّر المقال، استنادًا إلى استطلاعات رأي وآراء خبراء، أنّ الهجرة الزاحفة تلك صبت، أساسا، في صالح اليمين، ولولاها لما حصلت كتلة اليمين على 61 عضو كنيست في انتخابات عام 2013، وهي مرشحة للحصول على 62- 63 عضوًا، كما تشير الاستطلاعات في الانتخابات الجارية.

ويعتبر الباحث الرئيسي في وزارة الهجرة والاستيعاب الإسرائيلية، بروفيسور زئيف حنين، الذي يقتبسه هيلو في المقال، أيّة محاولة لرؤية الهجرة الروسية الجديدة المسماة "هجرة بوتين" بأنها تحمل مخزون أصوات لليسار، ليست إلا ضربًا من التهيؤات، فالاعتقاد بأنّ المهاجرين الذين جاءوا من موسكو وسان بطرسبورغ سيقفزون إلى أحضان "ميرتس" و"يش عتيد"، لم يثبت صحته في الواقع، فهم  ليبراليّون، "لكن ليست الليبراليّة على نسق الغرب أوروبي التي تلغي القومية وتحتقر الوطنية".

تلك المعتقدات غير مقبولة على مهاجري "الاتحاد السوفييتي السابق"، ولذلك، فإنّ أنماط التصويت في صفوفهم شبيهة لأنماط تصويت المهاجرين السابقين، و75% منهم يؤيدون اليمين.

ويقول حنين إنّ استطلاعات الرأي التي أجراها تبيّن أنّ غالبية المهاجرين يصوتون لليمين، حيث أفاد استطلاع أجري بواسطة معهد "بوري" عام 2017، وشمل 209 مهاجرين قدموا إلى إسرائيل بعد عام 2014، أن 6% فقط عرّفوا أنفسهم كـ"يسار"، بينما قال 35% منهم أنّهم سيصوتون لحزب "يسرائيل بيتينو"، و22% قالوا إنّهم سيصوتون لليكود، و6% قالوا إنّهم سيصوتون لـ"يش عتيد" في حين حصل حزبا العمل و"ميرتس" على نسب ضئيلة جدا.

ويفيد حنين أن 70% من المهاجرين الروس يصوتون إمّا لحزب روسي يحمل أجندةً إسرائيليّةً عامّةً، مثل "يسرائيل بيتينو"،  وإمّا لحزب يمين- وسط مع جناح روسي قويّ مثل الليكود، في حين يميل الشبان للتصويت لليكود وكبار السن لـ"يسرائيل بيتينو".

الأمر ذاته يحدث بين مهاجري فرنسا،  حيث يشير الكاتب إلى نتائج استطلاع أجري لصالح جريدة "ماكور ريشون" قبل نحو عام، بيّنت أن 7% منهم فقط يعرفون أنفسهم كـ"يسار"، و4% على أنّهم مصوّتو مركز- يسار، مقابل 26% قالوا إنّهم سيصوتون لليكود و17% للبيت اليهودي، بينما حصلت سائر الأحزاب على نسب قليلة جدًا.

وبالنسبة للمهاجرين من الولايات المتحدة، يستند الكاتب إلى معطيات يوردها رئيس قسم علم السلوكيات في كلية هداسا، بروفيسور حاييم فاكسمان، تفيد أنّ غالبية المهاجرين هم من التيار الأرثوذكسي المحسوب على اليمين، مشيرًا إلى أنّ 49% من الإسرائيليين، الذين يحملون الجنسية الأميركيّة صوّتوا في انتخابات 2016 لدونالد ترامب، علما بأنّ الغالبية الساحقة من يهود الولايات المتحدة يصوتون للحزب الديمقراطي.