ارتفع تمثيل الأحزاب الحريدية في الكنيست، في أعقاب الانتخابات التي جرت، أمس الثلاثاء، بثلاثة مقاعد. حزب شاس، الذي توقعت الاستطلاعات في الأشهر الأخيرة تراجع قوته وربما لن يتجاوز نسبة الحسم، ارتفعت قوته من 7 مقاعد إلى 8. كما ارتفعت قوة كتلة "يهدوت هتوراة" من 6 مقاعد إلى 8. وبهذه النتيجة، 16 عضو كنيست حريديا، يصفهم رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بأنهم شركاؤه الطبيعيين، فإنهم "سيحصلون على كل شيء يطلبونه" في المفاوضات الائتلافية، حسبما يتوقع المحللون.

وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أنه فور نشر قنوات التلفزيون المركزية نتائج عينات الاقتراع، لدى إغلاق الصناديق، في الساعة العاشرة من مساء أمس، هاتف رؤساء الأحزاب الحريدية - أرييه درعي (شاس)، يعقوب ليتسمان ("أغودات يسرائيل")، موشيه غفني ("ديغل هتوراة") ويشكل الحزبان الأخيران كتلة "يهدوت هتوراة" – نتنياهو، وتعهدوا بأن يوصوا أمام الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، بتكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة المقبلة.

وفيما يصف نتنياهو الأحزاب الحريدية بأنهم "شركاء طبيعيين" في حكوماته، إلا أن قادة هذه الأحزاب حشيت، طوال الحملة الانتخابية، من احتمال انتقال ناخبيهم إلى التصويت لأحزاب الليكود، "زيهوت" برئاسة موشيه فايغلين، و"اليمين الجديد" برئاسة نفتالي بينيت وأييليت شاكيد. وأعلن رؤساء الأحزاب الحريدية أنهم سيوصون على نتنياهو في جميع الأحوال، وهو ما تم تفسيره على أنه محاولة من جانبهم لتمرير رسالة إلى ناخبيهم، مفادها أنه "صوتوا لنا، وهذا تصويت لصالح نتنياهو". ويبدو أنهم بذلك نجحوا في جذب ناخبيهم في المدن والبلدات الحريدية.   

حملة انتخابية مكثفة

بدأ حزب شاس حملته لانتخابات الكنيست في أعقاب انتخابات السلطات المحلية، التي جرت في نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وكان شاس قد حقق نجاحات في الانتخابات المحلية. لكن الاستطلاعات توقعت تراجع قوة شاس، خاصة بعد وفاة الزعيم الديني لحركة شاس، الحاخام عوفاديا يوسف، وبسبب تخوف قيادة الحزب من نزوح ناخبيه نحو الليكود، بهدف إنقاذ حكم نتنياهو. ويبدو أن درعي استوعب هذه التوجهات لدى ناخبيه، وخاض حملة انتخابية مركزة، بدأها بشعار "نتنياهو بحاجة لأرييه (أسد) قوي"، واستخدم لاحقا شخصية الحاخام يوسف، وحذر ناخبيه من أن "مشروع الحاخام يوسف في خطر"

وأدت هذه الحملة الانتخابية إلى شعور ساد مؤيدي حركة شاس من أن حزبهم قد لا يعبر نسبة الحسم. وخلال أشهر الحملة الانتخابية لم يجر درعي مقابلات مع وسائل الإعلام، لكن في الأسبوع الأخير أجرى مقابلات مكثفة كهذه، وفي مرحلة معينة اتهم نتنياهو بنكران الجميل، وان شاس تتجه نحو الانهيار، في أعقاب محاولات نتنياهو لجذب ناخبي كافة أحزاب اليمين للتصويت لليكود.

وإلى جانب الرسائل النصية ومقاطع الفيديو التي أرسلت بكمية كبيرة ووتيرة هائلة إلى الهواتف النقالة، بإرسال رسالة كهذه كل ساعة في اليوم الذي سبق الانتخابات، سعى درعي إلى إعادة حاخامات خرجوا من شاس بعد انشقاق رئيس الحركة السابق، إيلي يشاي. وكان لهذا الأداء تأثير كبير على بقاء مؤيدي شاس مخلصين لها. وفي هذه الأثناء لا يوجد خصم أو منافس لدرعي داخل شاس، علما أنه يتوع أن يواجه لائحة اتهام بشبهات فساد، في الفترة القريبة المقبلة.  

نجحت كتلة "يهدوت هتوراة" في زيادة قوتها في الانتخابات الحالية، بعد أن تلقت الدعم من إيلي يشاي، وبسبب عدم وجود خصومات داخلية. وتبين أن الناخبين الحريديين ما زالوا يصوتون بتوجيهات حاخاماتهم.

وتشير التوقعات إلى أن حكومة نتنياهو المقبلة لن تكون حكومة يمينية فقط، وإنما حكومة حريدية بامتياز، إذ أنه إضافة إلى 16 عضو كنيست من الأحزاب الحريدية، هناك خمسة أعضاء كنيست آخرين من كتلة اتحاد الأحزاب اليمينية، الذين ينتمون إلى التيارين الصهيوني – الديني والحريدي – القومي. وبقوة كهذه، سيصعب على نتنياهو رفض مطالبهم، سواء بالميزانيات للمؤسسات الدينية والحريدية، أو بدفع تشريعات بموجب الرؤية والمصالح الحريدية، قد تحول إسرائيل إلى دولة إكراه ديني، وهذا مؤشر إلى اتساع الشرخ بين اليهودية الأرثوذكسية المسيطرة في إسرائيل وبين اليهود الإصلاحيين والمحافظين، الذين يشكلون الأغلبية الساقة بين يهود الولايات المتحدة.