قالت جهات استخبارية إسرائيلية، مؤخرا، إنها تعتقد أن التنسيق الأمني مع أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية قد يتضرر خلال ثلاثة شهور بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور للسلطة.

وكان هذه الجهات الاستخبارية قد حذرت، مؤخرا، المستوى السياسي من التصعيد في الضفة الغربية ومن تزعزع مكانة السلطة الفلسطينية بسبب الأزمة الاقتصادية التي تواجهها وخطة السلام الأميركية (صفقة القرن) وإنجازات حركة حماس في صراعها مع إسرائيل.

وتشير تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بحسب صحيفة "هآرتس" اليوم، فإن السلطة الفلسطينية ستجد صعوبة في أن تحكم في المناطق التي تقع تحت مسؤوليتها، ولذلك فمن الممكن أن تندلع مواجهات بين سكان الضفة الغربية وبين قوات الأمن الإسرائيلية، و"بشدة غير معروفة".

وأضافت المصادر ذاتها أن إسرائيل ودولا آخري يجب أن تتخذ إجراءات لمنع الانهيار الاقتصادي، خاصة وأن أموال المساعدات القطرية، 480 مليون دولار للفلسطينيين في قطاع غزة والضفة، تعتبر حلا مؤقتا، ولذلك فهناك ضرورة لمبادرة أوسع.

وتشير تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أيضا إلى أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، محبط بسبب "عدم مكافأته على التعاون الأمني، في حين أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي اللتين تحاربان إسرائيل تحققان إنجازات جدية لاقتصاد قطاع غزة".

ونقل عن مصدر أمني مطلع على التفاصيل قوله إن "عباس يجد صعوبة في شرح ذلك لسكان الضفة الغربية، الذين يرون المساعدات التي تدخل قطاع غزة بعد أيام القتال".

كما تعتقد الأجهزة الأمنية أن عباس، وفي جيل 83 عاما وبعد 15 عاما في المنصب، "منشغل بالميراث الذي سيخلفه وراءه، ولذلك فهو لن يرغب بالموافقة على خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للسلام، والتي ينظر إليها كإذلال مستقبلي للفلسطينيين ومس بروايتهم".

وجاء في التقرير أن عرض "صفقة القرن"، المتوقع في الشهور القريبة، قد يؤدي إلى تصعيد في الضفة الغربية. وبحسب التقديرات الإسرائيلية فإن عباس على استعداد لإجراء مفاوضات، ولكن بالنسبة له فإن الاتفاق لا يمكن أن يتركز في السلام الاقتصادي، وإنما يجب أن يشمل القضايا الجوهرية التي تحظى بدعم الشعب الفلسطيني، وبضمنها التواجد الإسرائيلي في الضفة الغربية.

وأشار التقرير إلى عوامل أخرى محتملة للتصعيد، وبضمنها خطوات إسرائيلية من جانب واحد، مثل توسيع البناء في المستوطنات، والإجراءات التي عمدت إليها قبل الانتخابات، مثل الخصم من أموال الضرائب الفلسطينية، وتشويش الاتصالات  الخليوية للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال. وهذه الإجراءات، بحسب التقديرات الأمنية الإسرائيلية، مست بشكل خطير بقدرة السلطة الفلسطينية على الحكم، وتحد من قدرة عباس على التحرك".

وكان مصدر أمني إسرائيلي قد صرح مؤخرا أن "إسرائيل تحاول الحفاظ على السلطة الفلسطينية على قيد الحياة، كمريض في حالة حرجة، من خلال التغذية القسرية"، مضيفا أن الخطوات الإسرائيلية تهدف لكسب الوقت، ولكنها لن تغير الوضع بشكل جدي.

إلى ذلك، جاء في التقرير، أيضا، أن الجيش الإسرائيلي وقف، مؤخرا، على محاولة لحركة حماس لاستغلال وضع السلطة الفلسطينية لتشكيل خلايا تابعة لها في الضفة.

ونقل عن ضابط إسرائيلي قوله، في اجتماع مغلق، أن حماس تتحكم بشكل تما بعناصرها في الضفة الغربية، وأن سيطرة الجيش الإسرائيلي تصعب على حماس تدعيم قواتها في الضفة بشكل جدي، مضيفا أن السيطرة العملانية والاستخبارية للجيش الإسرائيلي في الضفة تؤدي إلى فشل محاولات تنظيم صفوف حماس في الضفة في مراحل التخطيط.

وبحسب معطيات الجيش الإسرائيلي، ففي العام 2018 أحبط الجيش والشاباك نحو 820 "خلية إرهابية" في الضفة، نصفها تتماثل مع حركة حماس.

كما أشار التقرير إلى أن السلطة الفلسطينية أيضا تحاول محاربة حماس من خلال اعتقال ناشطي الحركة، أو بواسطة التنسيق الأمني مع إسرائيل. كما تمنع السلطة الفلسطينية حركة الجهاد الإسلامي من فتح مستشفى بني في الضفة، لأنها تعتقد أنها لا تستطيع أن تسمح للتنظيمات في قطاع غزة بتقديم احتياجات لسكان الضفة.

وقال ضابط إسرائيلي، مؤخرا في اجتماع مغلق، بحسب الصحيفة، أنه بسبب عدم استقرار السلطة الفلسطينية، فإن فصائل فلسطينية متماثلة معها بدأت بتخزين السلاح. وبحسبه، فإن هذه الفصائل تتسلح استعدادا لما بعد عباس، وبدافع الخشية على الأمن الشخصي.

وأضاف الضابط نفسه أن أجهزة الأمن الفلسطينية لا تزال موالية للسلطة الفلسطينية، وتعمل في الحفاظ على التنسيق الأمني مع إسرائيل، باعتبار أن ذلك هو "مصلحة مشتركة".

ومع ذلك، تشير تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إلى أن انهيار السلطة الفلسطينية، وعدم دفع الرواتب قد يدفع عناصر أجهزة الأمن الفلسطينية إلى البحث عن مصدر دخل بطرق أخرى قد تمس بإسرائيل وبالسلطة الفلسطينية، مثل الاتجار بالوسائل القتالية والمعلومات، والعمل في مجالات أخرى على حساب عملهم في أجهزة الأمن.

وتضيف أن "إسرائيل تحافظ على الوضع الاقتصادي القائم من خلال السماح لسكان الضفة بالعمل في إسرائيل وفي المناطق الصناعية الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة، وكذلك تسمح للعرب الفلسطينيين في إسرائيل بالدخول إلى مناطق السلطة وإدخال أموال إلى الاقتصاد الفلسطيني بواسطة الصفقات والمشتريات".

تجدر الإشارة إلى أنه من بين أسباب الأزمة الاقتصادية للسلطة الفلسطينية هو قرار إسرائيل نهب مخصصات ذوي الشهداء والأسرى، من خلال خصمها من أموال الضرائب الفلسطينية، مما دفع بالسلطة إلى رفض تلقي أموال الضرائب بعد الخصم، والتي تشكل 65% من ميزانيتها. وبالنتيجة فإن نحو 160 ألف موظف تلقوا نصف رواتبهم في الشهور الأخيرة. وبسبب الأزمة الاقتصادية فإن أكثر من 90% من سكان الضفة يجدون صعوبة في دفع قروضهم، التي تصل إلى 2.8 مليار دولار، بحسب تقديرات فلسطينية وتقديرات البنك الدولي.

وكان البنك الدولي قد نشر، الشهر الماضي، تقريرا حول الاقتصاد الفلسطيني، أشار إلى أن نسبة البطالة في الضفة تصل إلى 31%، وأن الخلافات حول أموال الضرائب ستزيد ديون السلطة بمبلغ يتراوح ما بين 400 مليون حتى مليار دولار. ينضاف إلى ذلك أن نصف حوانيت الضفة تتحدث عن تراجع في المبيعات في شهر رمضان، كما أن عدة شركات كبيرة في الضفة قد خسرت نحو 80% من قيمتها في بورصة فلسطين في نابلس، كما أن وقف المساعدات، العام الماضي، من قبل منظمات أميركية، مثل "USAID" قد مس بوضع الفلسطينيين، وخاصة في شهر رمضان.