اعتُبرت الأحزاب الحريدية حتى الآن كتلة سياسية مستقرة، من حيث عدد ممثليها في الكنيست وكحليف لزعيم حزب الليكود ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو. ويبدو أن هذا الوضع قد يتغير الآن، عشية انتخابات الكنيست، التي ستجري في آذار/مارس المقبل، وذلك على خلفية "تمرد" داخل حزب "أغودات يسرائيل"، الذي يرأسه الوزير يعقوب ليتسمان، والذي يشكل مع حزب "ديغل هتوراة" برئاسة عضو الكنيست موشيه غفني، كتلة "يهدوت هتوراة".

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

وممثلا هذا "التمرد" هما نائب وزير التربية والتعليم، مئير بوروش، وعضو الكنيست يسرائيل آيخلر، اللذان يستعدان لخوض صراع غير مسبوق على السيطرة داخل "أغودات يسرائيل". ونقلت صحيفة "هآرتس" اليوم، الخميس، عن مصادر في "يهدوت هتوراة" قولها إنه يتوقع أن يعلن بوروش وآيخلر، في الايام المقبلة، عن استقلاليتهما داخل حزبهما وأن يضعا تحديا أمام ليتسمان. وقال أحد المصادر إنه "بعد أكثر من عقدين، انتهى حكم ليتسمان".

ويتوقع أن يبعث بوروش وآيخلر برسالة إلى "ديغل هتوراة"، يعلنان من خلالها أنه منذ الآن فصاعدا لن تجرِ المفاوضات بين الحزبين مقابل ليتسمان فقط، وأن "ليتسمان لا يمثلنا بعد اليوم".

ومن شأن هذا "التمرد" أن يؤثر على المنافسة بين نتنياهو وبين وخصمه رئيس حزب "أمل جديد"، غدعون ساعر، إلى جانب تأثيره على الحلبة الحريدية. إذ تفيد التوقعات بأن بوروش وآيخلر سيوجهان رسالة إلى نتنياهو أيضا، يقولان فيها إن ليتسمان لم يعد يمثل "أغودات يسرائيل" كله.

وقال مقرب من بوروش وآيخلر إنه "عندما يتحدث نتنياهو مع غفني وليتسمان ويضع قوائم حول من معه ومن ضده، سيضطر إلى أن يأخذ بالحسبان أن اصبعين في يهدوت هتوراة لم يعودا في جيبه. وإذا أراد شيئا ما سيضطر إلى الاتفاق عليه معهما مباشرة، لأن هذين الاصبعين لا يدينان له بشيء". وقد جرت توجهات بهذه الروح إلى مقربين من نتنياهو. كما أن بوروش وآيخلر لم يستبعدا، خلال مقابلات صحافية معهما، انضمامهما إلى ساعر.

ليتسمان (المكتب الإعلامي للكنيست)

وفيما رفض مقربون من ليتسمان التطرق إلى الموضوع، نقلت الصحيفة عن مصدر في "يهدوت هتوراة" قوله إن خطوة بوروش وآيخلر هي مناورة سياسية من أجل الحصول على أماكن أفضل في قائمة المرشحين وسيطرة على مؤسسات حريدية. وأضاف المصدر نفسه أنه لن يكون لخطوتهما تاثيرا على الحزب، أو على المنافسة بين نتنياهو وساعر خصوصا.

وأوضح المصدر نفسه أن "الإعلان عن استقلالية لن يؤثر على أداء الحزب. ولم يتصرف بوروش حتى اليوم وفق إملاءات ليتسمان. وتوجد مؤسسات وإدارة للحزب التي تتخذ في نهاية الأمر قرارات ملزمة للجميع".

وحسب الصحيفة، بدأ محور بوروش وآيخلر يتبلور خلال السنة الأخيرة حول عدة مواضيع، لكن "تأسيسه الرسمي" جرى قبل شهر، عندما تشاورا مع الحاخام يسخار دوف روكاح، وهو زعيم آيخلر الروحي، والذي منح دعما كاملا لهذا "التمرد". كذلك جنّد بوروش دعم أعضاء في "مجلس كبار التوراة"، الذي يشكل الزعامة الروحية لحزبه.

وتسيطر "الكتلة المركزية" التابعة لجماعة "حسيدية غور" على حزب "أغودات يسرائيل"، ويمثلها ليتسمان منذ نهاية التسعينيات. ووفقا للصحيفة، فإن هناك "حساب دموي" بين بوروش وليتسمان، بعدما أيد الأخير المرشح لرئاسة بلدية القدس السابق، نير بركات، في حين كان بوروش منافسه.

من الجهة الأخرى، يمثل آيخلر جماعة "حسيدية بعلز"، ويعتبر أن جماعته أكبر من جماعة "حسيدية فيجنيتس"، التي يمثلها عضو الكنيست يعقوب تيسلر، ولذلك يطالب بأن يسبق تيسلر من حيث مكانه في قائمة المرشحين.

ونقطة خلاف أخرى تتعلق بتشكيل قائمة مرشحي كتلة "يهدوت هتوراة". فقد كانت نسبة مرشحي "أغودات يسرائيل" 60% و"ديغل هتوراة" 40%. وقبل سنتين وافق ليتسمان على تتشكل قائمة المرشحين من مندوب عن "أغودات يسرائيل" يليه مندوب عن "ديغل هتوراة"، ويتهم بوروش وآيخلر أن ليتسمان استسلم لهذه التوزيعة دون أي شروط، وأن هذا الاتفاق دفع مندوب "حسيدية بعلز" إلى مكان متأخر في قائمة المرشحين.

اقرأ/ي أيضًا | استطلاع: الليكود يتراجع وحولدائي يزيد المشهد الانتخابي ضبابية

ويسود توتر في حزب "ديغل هتوراة" أيضا، على خلفية شائعات حول عزة غفني التنحي عن عضوية الكنيست بسبب وضعه الصحي. وقال مصدر مطلع للصحيفة إن "الذي يدير الحزب من خلف الكواليس ليس معنيا بمغادرة غفني، لأنه يدرك أنه ستبدأ حروبا على خلافته وستكون قاسية وتمس بالحزب. وينتظر جميع أعضاء الكنيست عن الحزب حاملين سكينا بين أسنانهم لليوم الذي يلي غفني. وهذا لن يكون مشهدا جميلا".