رغم صعوبة التكهن بنتائج انتخابات الكنيست الرابعة في غضون سنتين، التي ستجري في 23 آذار/مارس المقبل، إلا أن نتائج استطلاعات الرأي المنشورة حتى الآن تؤكد على استمرار الأزمة السياسية، خاصّة في حال فشل زعيم حزب الليكود ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في تشكيل حكومة هذه المرة أيضا، ما دفع سياسيين ومحللين إلى عدم استبعاد انتخابات خامسة وربما سادسة أيضا.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

وتنبع أسباب هذه الأزمة وعدم القدرة على تشكيل حكومة مستقرة من شخص نتنياهو، وبشكل خاص كونه متّهمًا بمخالفات فساد جنائية. فقد جعلت لائحة الاتهام ضده أحزابا ترفض الانضمام إلى حكومته، مثل حزبي "ييش عتيد"، برئاسة يائير لبيد، و"يسرائيل بيتينو"، برئاسة أفيغدور ليبرمان، إلى جانب تحفظهما من الدخول إلى ائتلاف بمشاركة الحريديين.

وسبب آخر للأزمة هو أن نتنياهو يتنكر ويخرق اتفاقيات وتفاهمات بينه وبين أحزاب أخرى، مثلما حدث في حالة تحالفه مع حزب "كاحول لافان"، برئاسة بيني غانتس، بعد الانتخابات الأخيرة في آذار/مارس الماضي. فرغم الاتفاق الائتلافي المعقد بينهما، والذي شمل التناوب على رئاسة الحكومة ومنصب "رئيس حكومة بديل" لغانتس، إلا أن نتنياهو بدأ يتحدث عن عدم تنفيذه بعد تشكيل الحكومة مباشرة.

إلى جانب ذلك، هناك الخلاف داخل اليمين، وخاصة بين نتنياهو ورئيس حزب "يمينا"، نفتالي بينيت. وخلال المفاوضات الائتلافية بينهما في أعقاب الانتخابات السابقة، سعى نتنياهو إلى استبعاد "يمينا". كذلك بادر ليبرمان، منذ انتخابات نيسان/أبريل عام 2019، إلى رفض متواصل للانضمام لحكومة يشكلها نتنياهو. ولا يتوقع أن يتراجع ليبرمان عن موقفه هذا. ويضاف إلى ذلك انشقاق عضو الكنيست والوزير السابق، غدعون ساعر، عن الليكود وتأسيس حزب "أمل جديد"، الذي انضم إليه وزراء وأعضاء كنيست بعد انسحابهم من الليكود. وجاءت خطوة ساعر بعدما أيقن أن نتنياهو يسعى إلى "تخليد" نفسه في رئاسة الحكومة.

يشار إلى أن الليكود مُمثل في الكنيست حاليا بـ36 عضوا، إلا أن لائحة الاتهام ضده وأداءه في مواجهة جائحة فيروس كورونا، وإقراره خطوات في هذا السياق، تصفها المعارضة وكذلك حليفه في الحكومة، "كاحول لافان"، بأنها تصب في مصلحته السياسية وأنه يسعى من خلالها إلى التهرب من محاكمته، جعلت شعبية نتنياهو تتراجع، وبرز هذا التراجع في جميع الاستطلاعات المنشورة في الشهرين الأخيرين، وتوقعت حصول الليكود على أقل من 30 مقعدا، وربما 27 أو 28 مقعدا.

ويوجد تحت تصرف نتنياهو كتلة مؤلفة من حزب الليكود والأحزاب الحريدية، شاس و"يهدوت هتوراة"، وتحالف الصهيونية والفاشية، برئاسة عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير. وتتوقع الاستطلاعات أن تحصل هذه الكتلة على 50 مقعدا في الكنيست أو أقل. ومن أجل تشكيل حكومة، سيحتاج نتنياهو إلى دعم من 61 عضو كنيست على الأقل.

والاحتمالات المطروحة، هي أن ينضم حزب بينيت، الذي تتوقع الاستطلاعات حصوله على 11 – 12 مقعدا، إلى ائتلاف نتنياهو. ورغم الخلافات بينهما، وكراهية نتنياهو لبينيت، إلا أن نتنياهو قد يسعى إلى ضم بينيت إلى حكومته، في حال كان ذلك سيمكنه من تشكيل حكومة. ومن أفضليات ائتلاف كهذا بالنسبة لنتنياهو، أنه سيوفر له فرصة للخروج إلى انتخابات أخرى متى شاء ووفقا لمصلحته، بعد خلاف يفتعله مع بينيت، الذي يدرك أن خصومته مع نتنياهو زادت من شعبيته، وأطلق مؤخرا شعار "شكرا بيبي" في حملته الانتخابية.

بدوره، يرفض ساعر حتى الآن إمكانية الانضمام إلى حكومة يشكلها نتنياهو، ويطرح نفسه كمنافس له. لكن ساعر، الذي منحت الاستطلاعات حزبه، بعد تأسيسه، عدد مقاعد في الكنيست قريب من عدد مقاعد الليكود، ووصلت إلى 22 مقعدا، تراجع في الأسابيع الأخيرة إلى 13 مقعدا، لا تسمح له حتى بأن يكون مرشحا لرئاسة الحكومة.

اقرأ/ي أيضًا | استطلاع: المشتركة 8 مقاعد ولا حكومة لنتنياهو

وحل "ييش عتيد" برئاسة لبيد كثاني أكبر حزب، وفقا للاستطلاعات، التي تمنحه الآن 17 – 18 مقعدا. ويبدو أن ارتفاع شعبيته ناجم عن موقفه من "المتهم نتنياهو" واستهجانه لسلوك الحريديين وعدم التزامهم بتعليمات كورونا، رغم امتناع لبيد عن مهاجمة الحريديين. وفي حال سعى لبيد إلى تشكيل حكومة مع ساعر وليبرمان وبينيت، وغانتس في حال تجاوز نسبة الحسم، فإنه سيكون مدعوما من 53 عضو كنيست. وليس واضحا إذا كان حزب العمل سينضم لحكومة كهذه، يغلب عليها الطابع اليميني المتطرف، كما أنه يستبعد انضمام حزب "ميرتس" إليها، فيما تبقى القائمة المشتركة، والقائمة العربية الموحدة (الحركة الإسلامية الجنوبية) في حال تجاوزت نسبة الحسم، خارج هذه اللعبة. وبذلك تكون الساحة السياسية الإسرائيلية قريبة من جولة انتخابية خامسة.