أفرزت انتخابات الكنيست الأخيرة سيطرة حزبين كبيرين، وهو مشهد لم يحصل منذ عقدين في إسرائيل، حيث حصل حزبان كبيران على أكثر من نصف عدد المقاعد، 35 مقعدا لكل من الـ"ليكود" و"كاحول لافان".

وأكدت تحليلات على أن هذا الفرز لم يكن نتيجة تطورات موضوعية تتوج عملية بدأت منذ سنوات، كما بينت أن جمهور المصوتين الإسرائيليين يتحرك بين الأحزاب داخل الكتل.

وبحسب موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" على الشبكة، فمن نواح كثيرة يعتبر التكتل في كتلتين كبيرتين يعتبر ظاهرة إيجابية، حيث يكون الجهاز السياسي المتركز في أحزاب كبيرة، وليس منقسما إلى شظايا أحزاب، أكثر استقرارا ونجاعة بشكل عام، وتعكس بشكل جيد مصالح غالبية الجمهور، بدلا من مصالح ضيقة لقطاعات منفردة.

وكانت المرة الأخيرة التي حصل فيها أحد الحزبين الكبيرين على أكثر من 30 مقعدا في انتخابات الكنيست الـ14 عام 1996، حيث حصل حزب "العمل" برئاسة شمعون بيرس على 34 مقعدا، بينما حصل الـ"ليكود" برئاسة بنيامين نتنياهو على 32 مقعدا، وفاز نتنياهو برئاسة الحكومة بسبب التصويت بشكل منفصل للرئاسة.

وفي العام 1992 حصل حزب "العمل" برئاسة يتسحاك رابين على 44 مقعدا، بينما حصل الـ"ليكود" برئاسة يتسحاك شمير على 32 مقعدا.

وفي الانتخابات الحالية، حصل كل من الـ"ليكود" و"كاحول لافان" على 35 مقعدا، وبالإمكان تشكيل ائتلاف حكومي لوحدهما مع غالبية في الكنيست، ولكن احتمالات حصول ذلك تبقى منخفضة.

ويقول بروفيسور غدعون راهاط، عضو طاقم العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس، والباحث في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، إنه من الممكن الادعاء أن سبب نجاح الأحزاب الكبيرة هو رفع نسبة الحسم إلى 3.25%، ولكنه يعتقد أن هذا تفسير جزئي، حيث أن 7 أحزاب، على الأقل، كانت تتأرجح تحت وفوق نسبة الحسم.

ويعزو سبب ذلك إلى الرسالة التي دأب عليها زعيما الحزبين الكبيرين، والتي تفيد أن الرئيس الإسرائيلي سيلقي مهمة تشكيل الحكومة على الحزب الذي يحصل على أكبر عدد من المقاعد، وأقنعا الجمهور أن حجم الحزب مهم.

ويترافق ظاهرة تعزز قوة الحزبين الكبيرين في هذه الانتخابات مع تقلص الأحزاب الوسطى (بحسب عدد المقاعد)، ففي كل معركة انتخابية منذ العام 1992 كان هناك حزب واحد، على الأقل، حصل على أكثر من 10 مقاعد. وفي السنوات الأخيرة ارتفع العدد إلى حزبين وثلاثة أحزاب، واحتلت دورا مركزيا، ولكنها ستختفي من هذه الكنيست القريبة.

وينفي راهاط أن تكون ظاهرة التكتل في حزبين كبيرين تتويجا لعملية استمرت لسنوات طويلة أو أن تتكرر في المعارك الانتخابية المقبلة. وبحسبه فإن جمهور المصوتين الإسرائيليين يتحرك بين الأحزاب داخل الكتل، وإن كل معركة انتخابية لها ديناميتها.

تجدر الإشارة إلى أنه عمليا فإن الـ"ليكود" حصل على 34 مقعدا، حيث أن المقعد 28 في قائمته يحتله إيلي بن دهان من "اتحاد أحزاب اليمين"، وذلك بموجب اتفاق نتنياهو مع "البيت اليهودي" و"الاتحاد القومي"، لضمان التنافس بقائمة مشتركة لـ"البيت اليهودي" و"عوتسما يهوديت"، علما أن بن دهان يستطيع العودة إلى كتلة "البيت اليهودي" بعد الانتخابات.

وعلى صلة، زادت الأحزاب الحريدية من قوتها، حيث حصلت كل من "شاس" و"يهدوت هتوراه" على 8 مقاعد لكل منهما، بينما تهاوى حزب "العمل" إلى 6 مقاعد، علما أن "المعسكر الصهيوني" حصل على 24 مقعدا في انتخابات 2015.