هل تنجح الحكومة المصريّة في كبح جماح التضخّم؟
للشهر الرابع على التوالي، يتراجع التضخّم السنويّ في مصر، خلال حزيران/ يونيو الماضي، مع استمرار جهود تبذلها الحكومة والبنك المركزيّ للعودة إلى مستهدفات التضخّم.
ووفقًا لبيانات الجهاز المركزيّ للتعبئة العامّة والإحصاء في مصر، الأربعاء، سجّل معدّل التضخّم في يونيو الماضي 27.5 بالمئة مقابل 28.1 بالمئة خلال أيّار/ مايو السابق له.
وأرقام التضخّم المسجّلة في يونيو تعتبر الأدنى منذ كانون الثاني/ يناير الفائت، وتجاوزت أكثر من 35 بالمئة في شباط/ فبراير 2024، قبل أن تشهد رحلة تراجع منذ آذار/ مارس.
أسباب التراجع
يأتي تراجع التضخّم في مصر على الرغم من تعويم الجنيه المصريّ في 6 مارس الماضي، ليستقرّ سعره قرب 48 جنيهًا لكلّ دولار، من 31 جنيهًا سابقًا.
إلّا أنّ انتعاش السوق الموازية للعملة، كانت سببًا رئيسًا في ارتفاعات التضخّم، بسبب لجوء المستوردين للحصول على حاجتهم من النقد الأجنبيّ لتغطية كلفة الواردات.
ووصل الدولار في بعض الأحيان بالسوق الموازية مستوى 70 جنيهًا، ما يعني أنّ فرق سعر الصرف مع السوق الرسميّة البالغ قبل التعويم 31 جنيهًا كان يتحمّله المستهلك النهائيّ للسلع المستوردة.
ومنذ تعويم الجنيه، بدأ الدولار يتدفّق على مصر، على شكل استثمارات أجنبيّة ومنح ماليّة وقروض سواء من البنك الدوليّ أو صندوق النقد الدوليّ.
وتجاوز إجماليّ المبالغ المقوّمة بالدولار، الّتي دخلت البلاد منذ التعويم حاجز 40 مليار دولار، بحسب بيانات حكوميّة رسميّة.
وأدّت وفرة الدولار إلى إنهاء وجود السوق الموازية للعملة، ومعها توقّف توجّه التجّار للحصول على الدولار من قنوات غير القطاع المصرفيّ، نتج عنه تراجع أسعار السلع.
وفي مارس/ آذار الماضي، تراجع التضخّم في مصر إلى 33.3 بالمئة، مقارنة مع 35.7 بالمئة في فبراير السابق له، وهو أوّل شهور تعويم الجنيه المصريّ.
وفي أبريل/ نيسان الماضي، بلغ التضخّم في البلاد 32.5 بالمئة، ثمّ انخفض إلى 28.1 بالمئة خلال مايو الفائت، قبل أن يستقرّ في يونيو عند 27.5 بالمئة.
هبوط رغم تغيير الدعم
ويأتي هبوط التضخّم في مصر كذلك، على الرغم من رفع أسعار الخبز المدعّم بنسبة 300 بالمئة اعتبارًا من مطلع حزيران/ يونيو الماضي إلى 20 قرشًا للرغيف مقارنة مع 5 قروش سابقًا.
كما رفعت الحكومة في 22 آذار/ مارس الماضي أسعار الوقود بواقع جنيه واحد لجميع فئات البنزين، و175 قرشًا للسولار (الجنيه يتألّف من 100 قرش).
وتنعقد لجنة تسعير المنتجات البتروليّة خلال وقت لاحق من الشهر الجاري، لتحديد أسعار البنزين، سواء بالتثبيت أو التحريك، وذلك وفقًا للتوقيت الدوريّ لانعقادها.
ويترقّب المصريّون القرارات الجديدة للّجنة، التابعة لوزارة البترول والثروة المعدنيّة، وما ستقرّره بشأن زيادة أسعار البنزين.
وبعد أن أقرّت الحكومة المصريّة رفعًا بنسبة 300 بالمئة في أسعار الخبز المدعوم، فإنّها تستعدّ لخفض الدعم عن أسعار الكهرباء والوقود خلال الفترة المقبلة، وفق توقّعات المحلّلين.
وبحسب تحليلات بنوك استثمار عالميّة ومحلّلين في بورصة مصر، فمن المتوقّع أن يرتفع التضخّم في مصر مجدّدًا بدءًا من أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول المقبلين، في حال أعلنت الحكومة زيادات في أسعار الوقود والكهرباء تباعًا.
والثلاثاء، قال رئيس الحكومة المصريّة مصطفى مدبولي، إنّ بلاده سترفع أسعار الوقود والكهرباء خلال عام ونصف العام بشكل تدريجيّ، للاستمرار في برنامج الإصلاح الاقتصاديّ والماليّ الّذي تطبّقه مصر.
ويعقد البنك المركزيّ المصريّ، الخميس المقبل، اجتماع لجنة السياسة النقديّة لاتّخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة على الجنيه، وسط هبوط التضخّم للشهر الرابع على التوالي.
وتسجّل أسعار الفائدة في مصر 27.25 في المئة للإيداع و28.25 في المئة للإقراض، وفي آخر اجتماع للبنك المركزيّ الشهر الماضي قرّر إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير.