العليا الإسرائيلية ترد الالتماس المطالب بتحرير جثمان الأسير وليد دقة
ردت المحكمة العليا الإسرائيلية في مدينة القدس، اليوم الإثنين، الالتماس المطالب بالإفراج عن جثمان الأسير وليد دقة من مدينة باقة الغربية.
وأشارت المحكمة إلى أن "قرار وزير الأمن كان معقولا ومتوازنا، وبالتالي لا يوجد مكان للمحكمة للتدخل بالقرار المتخذ".
مدير "عدالة": المحكمة العليا أثبتت بقرارها رفض تسريح جثمان وليد دقة أنها لا تختلف كثيرا عن بن غفير
قال مدير مركز "عدالة" الحقوقي، المحامي د. حسن جبارين، لمراسلة "عرب 48"، إيناس مريح، بشأن رد المحكمة العليا للالتماس الذي تقدم به المركز من خلال المحامية د. سهاد بشارة، إن "قرار المحكمة العليا الذي صدر اليوم، الإثنين، برفض الالتماس لتحرير جثمان الشهيد وليد دقة هو قرار عنصري، وذلك لأسباب عدة، أولا: لأن القانون ينص على التعامل مع المواطنين على قدم المساواة، في حين أن القانون يتعامل بشكل عنصري مع مواطن فقط لأنه عربي. ثانيا: وقد بات واضحاً بأن القوانين بعد تاريخ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، لا يتم تعديلها بواسطة الكنيست، بل تتغير بواسطة الأحكام التي من ورائها المحكمة العليا والنيابة والمستشارة القضائية الحكومة".
وأشار جبارين إلى أنه "لأول مرة تستند المحكمة العليا بشكل مباشر وصريح على قانون القومية في قرارها، إذ يبرر ويسوغ القاضي يتسحاك عميت في قراره بأنه ووفقاً لقانون أساس القومية فإنه يجب على الدولة الحفاظ على حياة اليهود، وبهذا فإنه بالإمكان احتجاز جثمان دقة من أجل مبادلته بجثث إسرائيليين. والموقف هنا يتناقض مع موقف سابق للمحكمة العليا والقاضي يتسحاك عميت، عندما قال بأن قانون أساس القومية لا يغير القانون بل هو قانون فقط تصريحي. والآن نرى بأن هذا القانون ليس تصريحيا بل هو قانون معتمد وله أنياب وبالإمكان خلق وضعية قانونية جديدة. هذا الموقف الجديد الذي تبناه القاضي عميت الذي يُحسب على الجناح الليبرالي للمحكمة، يدل على التغيير الجذري في مواقف المحكمة العليا تجاه العنصرية الواضحة والبارزة".
وتابع أنه "مثال على أن السلطات القضائية تعامل الفلسطينيين كأعداء، وتحتجز جثامينهم لتكون ورقة لديها في المفاوضات العسكرية، وعلى مدى استعداد المحكمة العليا لإصدار أحكام مخالفة للقانون نفسه، لأنه لا يوجد صلاحيات أو تفويضات وفقاً للقانون الإسرائيلي تبيح أو تتيح احتجاز جثة مواطن واستخدامها كورقة على مائدة المفاوضات. واليوم نرى تحولاً وتغييراً جذرياً، واضحاً وجلياً في القضاء الإسرائيلي تجاه المواطنين الفلسطينيين في الداخل. وللتأكيد على هذا التحول نذكر مثالاً سابقاً ينطوي على قرار قضائي صدر في العام 2017 عن المحكمة العليا، وقضى بتحرير جثامين ثلاثة شهداء من أم الفحم: محمد أحمد محمد جبارين (29 عاما)، ومحمد حامد عبد اللطيف جبارين (19 عاما)، ومحمد أحمد مفضل جبارين (19 عاما)، وهؤلاء الثلاثة هم من نفذوا في 14 تموز/ يوليو 2017، عملية عسكرية نادرة في المسجد الأقصى، والتي أفضت إلى قتل عنصر من عناصر الشرطة، ورغم ذلك فقد وافقت المحكمة العليا على تحرير جثمانيهم بعد ثلاث مداولات قضائية، وخلال أقل من شهر على احتجاز السلطات الإسرائيلية لجثاميهم".
وأوضح د. جبارين أن "قرار المحكمة العليا في ملف الشهيد وليد دقة، والذي أتم عقوبة السجن البالغة ثلاثين عاماً، ومددت العقوبة لمدة قصيرة نتيجة قيامه بمخالفة في قضية إدخال هواتف نقالة للسجن، ورغم ذلك كله لم توافق المحكمة على تحرير جثمانه، مع أنه لا يوجد هناك قانون يخول السلطات صلاحية احتجاز جثمان مواطن يحمل جنسية الدولة، رغم وجود تعديل على القانون يتعلق في مراسيم التسليم والدفن فقط. نعم يعتبر الشهيد وليد دقة رمزاً من رموز الحركة الأسيرة، يختلف وضعه عن أسرى آخرين، لكن يجب على المحكمة أن تتعامل مع الملفات القضائية من ناحية قانونية، لا من ناحية رمزية. القاضي عميت كتب في القرار متوجهاً للجمهور الإسرائيلي، نحن نعي أن هذه سابقة قانونية. بهذا هو يقول بأنه قام بخطوة سابقة في احتجاز جثمان مواطن، وللتوضيح فإن المشهد خلال جلسة المداولات اليوم في قاعة المحكمة، حيث حضر أعضاء كنيست عن اليمين المتطرف، كان أشبه بعرض مسرحي عنصري، تخلله الشتم والصراخ في وجه المحامية د. سهاد بشارة من مركز عدالة، والتي رافعت خلال جلستها أمام الهيئة القضائية في مطلب العائلة لتحرير جثمان الشهيد دقة، حيث لم يعترض القضاة على الهتافات العنصرية والصراخ ضد د. بشارة، والتي اضطرت للخروج من المحكمة تحت حراسة مشددة خشية على حياتها، وهذا المؤشر يدل بشكل قاطع على التغير الجذري ما بعد السابع من أكتوبر، مع ملاحظة أننا قبل هذا التاريخ لم نعش في ظل أجواء ديمقراطية، بل لطالما تحدثت عن أبرتهايد النظام الذي يسيطر على مفاصل الدولة، لكن حدة هذا الأبرتهايد وصلت إلى استعداد الدولة لمخالفة سلطة القانون ذاتها، التي قامت هي نفسها بوضعه في الوقت الذي تريده وبدون ضوابط".
وختم جبارين حديثه بالقول إن "القانون والقضاء هما ذاتهما قبل 7 أكتوبر وبعده، إلا أن ما تغير وبشكل جذري هو تغير في سلوك المحاكم بعد تاريخ 7 أكتوبر، وتمثل ذلك في قبول المحاكم لادعاءات النيابة العامة بسهولة، وتقبل النيابة العامة للمواقف العنصرية الصادرة عن الوزراء وعلى رأسهم بن غفير الذي دفع لاحتجاز الجثمان، وقد أثبتت المحكمة العليا بقرارها القاضي رفض تسريح جثمان وليد دقة أنها لا تختلف كثيراً عن بن غفير".
وكان المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) قد قرّر، يوم 2 أيلول/ سبتمبر 2024، ألّا تحرّر إسرائيل جثامين 7 شهداء من مناطق 48، بينهم الشهيد الأسير وليد دقة.
وذكرت تقارير إسرائيلية أن الكابينيت قرّر الإبقاء على جثامين الشهداء، لأغراض تبادل أسرى، كورقة مساومة.
واستُشهد دقة في السجن، في 7 نيسان/ أبريل الماضي، بعد قضاء 38 عامًا في السجون الإسرائيلية، بعد صراع مع المرض.
وكان مركز "عدالة" قد تقدم، يوم 16 نيسان/ أبريل 2024، بالتماسٍ للمحكمة العليا الإسرائيلية بالنيابة عن زوجة الشهيد الأسير وليد دقة وأخيه، مطالبًا فيه بالإيعاز لكل من سلطة السجون الإسرائيلية والشرطة الإسرائيلية بتسليم جثمانه إلى أسرته من أجل أن يوارى الثرى على الفور ودون مماطلة، وذلك في أعقاب نقله صباح السّابع من نيسان/ أبريل إلى مستشفى "أساف هروفيه"، وهو ما يزال في عهدة سلطة السجون، ليعلن عن وفاته لاحقًا مساء ذاك اليوم، بعد صراع مع مرض السرطان.
وفي الالتماس الذي قدّمه كلّ من المديرة القانونية لمركز "عدالة"، د. سهاد بشارة، والمدير العامّ لـ"عدالة"، د. حسن جبارين، أكّد على أن كلّ من "سلطة السجون الإسرائيلية وشرطة إسرائيل يؤخرّان بشكل غير قانوني وغير دستوري تسليم جثمان الفقيد إلى أجل غير مسمّى، منتهكين بذلك الحقّ في الكرامة لكلّ من الفقيد وأسرته بلا أي صلاحية وخلافًا لسلطة القانون".
وقال "عدالة" إن "الالتماس سلّط الضوء على سلسلة الانتهاكات التي تورّطت بها مصلحة السجون في هذا الملف، إذ أنها لم تكتفِ بمنع أسرة الفقيد من زيارته لأكثر من نصف سنة رغم معرفتها بأنه يعاني من مرض عضال، إلا أنها لم تبلغهم أيضًا بنقله إلى المستشفى صبيحة يوم وفاته، بسبب تدهور حالته الصحية، ولم يوفّروا لهم إمكانية زيارته في ساعاته الأخيرة، حتّى أنها لم تقم بإبلاغ الأسرة بوفاته ولم تزودها بشهادة وفاة".
وأوضح الالتماس أنه "لا يوجد قانون إسرائيلي يسمح لسلطة السجون الإسرائيلية والشرطة الإسرائيلية باحتجاز جثمان الشهيد ولا يوجد تشريع صريح يقضي بسماح السلطات الإبقاء على جثمان المتوفى في حالات كهذه. وعليه، فإنّ الإبقاء على جثمان وليد دقة لهو فعل يتعدّى كونه غير قانوني فقط بل يهدف إلى الإساءة للعائلة والفقيد".
وأفاد مركز "عدالة" بأنه "لم تكتفِ مصلحة السجون والشرطة بالانتهاكات الدستورية العديدة والأفعال الانتقامية بحقّ الأسير الشهيد وليد دقة وعائلته، في حياته ومماته، من منعه من رؤية أسرته أو إعلام الأخيرة بمستجدات وضعه الصحي، إلى هدم خيمة عزائه وتفريق الحاضرين بالقوة واعتقال بعضهم وهم في حالة حداد، لتروّع أهل الفقيد بحرمانهم من دفنه بشكل لائق. إن تكاتف أذرع الأمن المختلفة ما هي إلا امتداد لسياسة عنصرية مقيتة تمعن في الإساءة والأذى".