شاركت حشود من العرب الفلسطينيين في البلاد، بعد ظهر اليوم الثلاثاء، بمسيرة ومهرجان العودة العشرين إلى قرية الكابري المهجرة، التي تنظمها لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين.

ورفع المشاركون الذين توافدوا إلى الكابري من مختلف البلدات في الجليل والمثلث والنقب والساحل وعلى اختلاف انتماءاتهم السياسية، الأعلام الفلسطينية وصور الأسرى ولافتات حملت شعارات تطالب بحق العودة وأخرى عبرت عن الدعم والمساندة للأسرى في إضرابهم عن الطعام. كما رددوا الهتافات والأهازيج الوطنية. 

واستحوذ إضراب الحرية والكرامة الذي يخوضه الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية، لليوم السادس عشر على التوالي، على اهتمام كبير من المشاركين بالمسيرة حيث اعتبروا أن قضية الأسرى تستحق الأولوية كونهم ضحوا من أجل الشعب والوطن.

وانتهت المسيرة بمهرجان خطابي على أراضي الكابري المهجرة، حيث وصل عشرات الآلاف من المشاركين في مسيرة العودة إلى مكان المهرجان، ونصبت في ساحة المهرجان خيام لتجسيد العودة، ومعروضات النكبة الفلسطينية، فيما خصصت الخيمة الأولى للأسرى المضربين عن الطعام بحضور أمهات أسرى ومعرض صور للأسرى في السجون الإسرائيلية.

وأدار المهرجان المحامي وسام عريض والشابة عدن حجازي، حيث افتتح المهرجان بأداء قسم العودة وردد المشاركون قسم العودة: 'أقسم بالله العظيم أن أتمسك بأرض الوطن وأرض آبائي وأجدادي، وحق العودة المقدس إلى دياري الأصلية، وأن أرفض بالسر والعلن كل البدائل إن كانت تعويضا أو توطينا، والله على ما أقول شهيد'. ثم قُدم النشيد الوطني الفلسطيني 'موطني'، وكلمات من ممثلين عن لجنة المتابعة، لجنة المهجرين، الحركة الأسيرة، وكلمة لليسار الإسرائيلي المناهض للصهيونية. 

وألقى سكرتير لجنة الدفاع عن المهجرين، واكيم واكيم، كلمة اللجنة، مرسلا تحيته للأهل في الشتات، ورسالة لحكام إسرائيل مؤكدا أن 'يوم استقلالكم هو يوم نكبتنا، ونحن هنا لنؤكد مجددا أننا نقدم رسالتنا بأن استقلالهم بني على نكبتنا وهدم 532 قرية عربية فلسطينية وأعلنوا عنا غائبين رغم حضورنا، وراهنوا على أن الكبار يموتون والصغار ينسون، وها هم الصغار يتقدمون مسيرتنا'.

وأضاف أن 'هذا الشعب لا ينسى ولن ينسى، نحن هنا لنعلن لسنا هنا لنبكي، فعلى الميتين يبكون وفلسطين لن تموت، هنا نقول نحن أحياء حاضرون ولسنا أموات غائبين فالبكاء على الأموات والغائبين، ونحن أحياء ننشد الحرية وننشد للحرية لأسرى الحرية ونرفع راياتنا الوطنية من أجل عودتنا وحتى عودة آخر لاجئ، فلا أعدل من حق العودة'. 

وألقى عبد نصار حصري كلمة أهالي قرية الكابري المهجرة، وقال: 'أنا ابن الكابري، من مواليد 1938، أهلي هاجروا إلى بلاد مختلفة، لم أنس بلدي الكابري ولا عين العسل، لم أنس شعبي أبدا، الكابري رفعت رأس كل فلسطين، في معركة الكابري استشهد هنا شهداء من الكابري، تحيتنا إلى كل شهيد من فلسطين والخارج'.

وأضاف حصري: 'نحن شعب واحد، لا يمين ولا يسار، يجب المحافظة على الوحدة، لا فتح ولا حماس، نحن شعب فلسطين فقط، بعد الحرية يمكن التفكير في الأحزاب والحركات، تحية لكم وإلى لقاء العودة، عودة كل الشعب الفلسطيني إلى كافة قراه وبلداته المهجرة'. 

وقال رئيس لجنة المتابعة، محمد بركة، في كلمته بالمهرجان، إنه 'علينا أولا تقديم التحية لأهالي الأسرى المتواجدين معنا، من هذا المهرجان الجبار نوجه تحية إكبار واعتزاز ومحبة وعهد على مواصلة الطريق إلى أسرى شعبنا كلهم، الذين يخوضون معركة الحرية والكرامة، ونحن في اليوم الـ16 للإضراب، وهذا يعني وجود كبار السن في دائرة الخطر، لذلك علينا أن نتجند جميعا لدعم مطالب الأسرى وأولها غدا بالمشاركة في الوقفة أمام سجن بئر السبع ونكون إلى جانب أبطالنا الأسرى'.

وأضاف أنه 'آت أنا إلى الكابري أحمل سلاما من صفورية الموعودة بالعودة إلى الكابري الموعودة بالعودة كما هي كل قرانا المهجرة، وهي مناسبة لتحية شعبنا في المخيمات وأبناء شعبنا من الكابري الذين يقيمون مهرجانا في الشتات بالتزامن مع هذا المهرجان. في العودة، لا يسار ولا يمين، نحن جميعا شعب فلسطين، وأحذر من المساعي الإسرائيلية من أجل تفريق كلمة الأسرى سواء بالإشاعة أو الدسائس، وأرسل تحيتنا للقائد مروان برغوثي، القائد أحمد سعدات والقائد عميد الأسرى كريم يونس، ولو اتسع المجال لذكرتهم جميعا، لكننا نؤكد على ضرورة وحدة الحركة الأسيرة وإنهاء الانقسام في الخارج. نحن مجتمع يواجه مخططات تفتيت وتجزئة، وكل عليه أن يكون مسئولا أولا في بيته، فلا يمكن الصمود والنضال إذا لم نقتلع آفة العنف والجريمة، كل من بيته، وهي المسئولية الوطنية الأهم في هذه المرحلة'.

وختم بركة بالقول أنه 'هناك حملات تحريض على كافة هيئات ومؤسسات شعبنا، واليد التي ترفع على هذه الهيئات هي يد صهيونية، فالمؤسسة تريدنا شعبا بدون رأس، ورسالتي الوحدة ثم الوحدة'. 

وألقى كلمة اللاجئين الفلسطينيين، صلاح الدين محمد نمر حماد من برج البراجنة، عبر الهاتف، حيث قال إنه 'باسم فلسطين، أيها القابضون على الجمر، الصامدون في أرض الوطن، أيها الأخوة الكرام في لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين، أبناء شعبنا، من هنا نصرخ من برج البراجنة ليتنا كنا معكم فلم نعد نطيق صبرا، كانت الكابري قلعة صمود كأخوتها إلى أن قتل من قتل وهجر من هجر من المخيمات. نقول على طريق العودة إنا باقون حتى تتم العودة. سلام منا لكم في أرض الوطن، وأسألوا عنا الشجر والأرض سلموا لنا على عين العسل وقلعة الباشا'.

وأضاف حماد أن 'الكابري في قلوب كل الفلسطينيين، نقرئ الشهداء السلام وأفرشوا على قبورهم الزهور، إننا على العهد باقون حتى العودة لنصون دماء الشهداء، نحن جذور الكنعانيين، من هنا إلى أرض الكابري نتوجه إلى كل أسير وأسيرة، ونقول نحن هنا باقون، نحن من نقش التاريخ على كل صخرة في فلسطين، ونحن من يعرف جذورها، أيها الشرفاء الأسرى أنتم الباقون وهم الزائلون. في الواقع العالمي المنحط الذي ماتت فيه العدالة وانحاز فيه للصهيونية حياله ليس لنا إلا الوحدة، أيها الباقون على أرض الوطن سلام لكم يا من حفظ الأمانة، وللمحتلين أنتم عابرون في كلمات عابرة أما نحن فباقون إلى الأبد ولو كره الكارهون'.

وتخلل المهرجان، فقرات فنية ملتزمة، قدمتها الفنانة الملتزمة أمل مرقص، ومنها أناشيد للشاعر الفلسطيني الراحل، أحمد دحبور وفاءً له، بعد وفاته هذا العام.

ودعا المهرجان للتوقيع على وثيقة، ترسل لبريطانيا وفيها دعوة للاعتراف بالجرم التاريخي، والمسمى 'بوعد بلفور'.

وألقى كلمة الأسرى، وشقيق عميد الأسرى كريم يونس، نديم يونس، الذي قال، ' من يرى العودة بعيدة فلينظر في أعين أمهات الشهداء وعيون الأسرى، وسيراها قريبة، أخي مضى على أسره سنوات طويلة، هو من الثوار الذين لم تشفع لهم صفقات أسلو ، في اليوم الـ17 الذي يخوض فيه الأسرى معركة الأمعاء الخاوية، يقولون إنّه لا بد من الانتصار، حين تكون الإرادة الصلبة، نستطيع أن نحدد موعدا مع الحرية، أقول ما قاله كريم قبل يومين في المحكمة، لن نتراجع حتى لو حملونا جثثا في السجون، ونحن نقول لأسرانا، بكم سننتصر أنتم القادة والأمل.

وقرأ رسالة تضامن من مجموعات، قدمت لعائلة الأسير كريم يونس، ومنها إقامة خيمة اعتصام في عارة، إسنادا للأسرى.

وألقيت كلمة عن اليسار اليهودي، غير الصهيوني، عنات مطر، مساندة للحق في العودة، واختتم المهرجان على أنغام النشيد الوطني الفلسطيني، والفقرات الفنية الملتزمة.

وفي كل عام، يحيي الفلسطينيون في الداخل ذكرى النكبة بمسيرة جبارة في إحدى القرى المهجرة، وتتولى تنظيمها لجنة المتابعة العليا وجمعية الدفاع عن حقوق المهجرين، للتأكيد على حق العودة ونقل الرواية للذاكرة الجماعية في وعي الأجيال الشابة، وللتأكيد على أن الفلسطينيين، في كل أماكن تواجدهم، هم شعب واحد ولا يمكن فصلهم أو تقسيمهم.  

نبذة عن الكابري

أعد مجسم يجسد بيوت وحارات قرية الكابري المهجرة، إلى جانب المهرجان، وعرض يقدمه أحد أبناء القرية. عاش في القرية قبل تهجيرها 1770 نسمة وعشرات العائلة بينها: سرحان، حصري، حماد، الجشي، المليجي، الشامي، السعدي، الشبطي وصفدي.

معركة الكابري

وقال بروفيسور مصطفى كبها، لـ'عرب 48' عن معركة الكابري الشهيرة والتي وقعت في 27.03.1948 إن 'هذه المعركة ترتبط بما جرى في حيفا بتاريخ 27.3.1948 عندما قامت قوات 'الهاغانا' المرابطة في 'موتسكين' بمهاجمة قافلة عسكرية عربية قادمة من لبنان وفجرتها واستشهد قائد حامية حيفا، محمد الحنيطي، وأحد قادة المدافعين عن حيفا، سرور برهم، إضافة لسبب آخر هو قيام 'الهاغانا' بمحاولة نسف بيت فارس أفندي سرحان من زعماء الكابري وعضو الهيئة العربية العليا. يومها قطع الثوار في الكابري طريق القافلة اليهودية التي أرادت الوصول إلى 'كيبوتس يحيعام' المحاصر ودامت المعركة 10 ساعات قتل خلالها 47 عنصرا من 'الهاغانا'، وأصيب باقي أفراد القافلة بجراح. وكانت هذه المعركة جرحا داميا لذاكرة 'الهاغانا'، وكانت المعركة الثانية منتصف أيار/ مايو 1948 انتقاما للمعركة الأولى وأراد المهاجمون احتلال القرية والتنكيل بأهلها وتهجيرهم، وهكذا سقطت الكابري وتم تهجيرها. وفي كانون الثاني/ يناير عام 1949 أقيم على أنقاض القرية المهجرة كيبوتس الكابري'.


اقرأ/ي أيضًا | النكبة: هجرّوا الأهالي ودمرّوا الكابري في يوم واحد

اقرأ/ي أيضًا | البعنة: مشاركة واسعة في افتتاح أسبوع أفلام النكبة

اقرأ/ي أيضًا | أهالي حطين يزورونها في الذكرى 69 للنكبة