ناشد الاسير السوري من الجولان المحتل، صدقي المقت، الكتاب العرب والمؤسسات القانونية والمحاميين، بالتحرك واعلاء صوتهم للدفاع عن الحقوق الثقافية للاسرى العرب في السجون الاسرائيلية.

وطالب الاسير المقت، في رسالة له من خلف القضبان، كافة الكتاب واصحاب القلم الحر ووسائل الاعلام العربية، بان "لا يسمحوا للاحتلال الاسرائيلي أن يغتال الكلمة والثقافة الحرة النزيهة على أسوار سجونه". ودعا الاسير المقت لبذل كافة الجهود لفك "حصارنا الثقافي وعزلتنا الحضارية عن وطننا سوريا وعن وطننا العربي وعمقنا الحضاري الوطني والقومي والانساني".

تجدر الإشارة إلى ان الأسير صدقي المقت وهو من مواليد بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل، يقضي حاليا عامه الخامس والعشرين خلف القضبان في السجون الإسرائيلية حيث كانت قوات الاحتلال قد ألقت القبض عليه مع مجموعة من رفاقه عام 1985 بتهمة تأسيس وإطلاق "حركة المقاومة السرية" في الجولان المحتل واصدر القضاء العسكري الإسرائيلي حكما عليه بالسجن الفعلي 27 عاما.

معركة الكتاب

منذ اليوم الأول لإعتقالنا نحن الأسرى السوريين والفلسطنيين والعرب عموماً داخل سجون الاحتلال الاسرائيلي، أدركنا أننا أمام واقع جديد...وأمام مرحلة جديدة...فالنضال والصراع داخل السجون تحكمه أنظمه وقوانين من نوع خاص...من حيث أنها معركة إرادات وصبر وصمود ونفس طويل جداً...معركة سلاحها الكلمة والفكر الحر والانتماء الوطني والقومي والانساني الصادق...معركة سلاحها المبادئ الوطنية والكفاحية التي انطلق منها كل فرد منا...سلاحها الايمان العميق جداً بحقوقنا العادلة وضرورة الدفاع عنها وتقديم أروحنا وأجسادنا فداءاً لسورية الحبيبة.

منذ اليوم الاول للاعتقال كان الاعتقاد لدينا قوياً بأنه لا مكان للجسد في معركتنا القادمة الطويلة مع إدارة السجون الاسرائيليه...فهو مُكبل، أسير، تتحكم به الة القمع كيفما تشاء بعد أن استولت عليه معتقدة أنها حسمت المعركة نهائياً وأنها أصبحت تتحكم من خلال سيطرتها على الجسد، بكل الاشياء المعنوية التي يحملها هذا الجسد. وعلى مر سنين طوال تقيم إدارة السجون الاسرائيلية طقوسها الاحتفالية بتعذيب الجسد من تكبيل وضرب وتجويع.

طوال العقود الماضية كانت أجسادنا مسرحاً لبطش إدارة السجون..تكبلها وتضربها متى تشاء...تنقلها من مكان إلى مكان...ومن جحر إلى جحر بالطريقة التي تشاء...لسنوت طوال، وعشرات الأيدي والارجل والعصي الحاقدة تضرب وتكبل وتمنع الطعام والدواء...أيدي وأرجل وعصي وأحذية شبعت ضرباً وتعذيباّ وتجويعاً حتى أصابها التخمة فارتمت فرحةَ بنصرها الوهمي...وعندما أرادت الاحتفال بهذا النصر...اكتشفت إنها لم تستحوذ إلا على ما هو هامشي، وان نصرها بلا قيمة، ولم يحسم أي شيء في معركتنا المتواصلة ضد الة البطش.

عندها بدأت الة القمع الاسرائيلية الممثلة بمديرية السجون حرباً جديدة ضد الأسرى..حرباً ليس الجسد عنوانها أو ميدان تنفيذها...وإنما العقل والوعي والذاكرة هم في قلب دائرة الاستهداف ...حرب على الكلمة وعلى الكتاب وعلى الرسالة مع الأهل وعلى التواصل مع العالم الخارجي وعلى الثقافة الوطنية والقومية والانسانية الحقيقية...حرب على الصحف النزيهة وعلى محطات التلفاز ذات المضمون الذي يلبي متطلباتنا الثقافية...باختصار إنها خطة جهنمية فيها القليل من العنف والتعذيب الجسدي الذي لم يجدي نفعاً...وفيها كل عناصر محاصرة العقل والوعي والفكر الانساني والثقافة. خطة تهدف من ورائها انتاج عقول مشوهة خالية من أي مضمون ثقافي أو انتماء وطني...مقطوعة عن العالم الحضاري الذي تنتمي إليه عقول بلا ذاكرة جماعية أو وطنية، وبلا انتماء لهذا الوطن ولهمومه وقضاياه الوطنية والقومية والحضارية والانسانية.

وعلى رأس الاجراءات التي اتخذتها الة القمع الصهيونية لتحقيق هذه الخطة، منع إدخال الكتب إلى داخل المعتقل إلا إذا كانت هذه الكتب صادرة داخل اسرائيل بكل ما يمثله هذا الاجراء من جفاف ثقافي وانقطاع ثقافي وحضاري مع الوطن الأم سوريا ومع الوطن العربي.

من هنا فإني أطلقها صرخة أسير عربي سوري من الجولان السوري المحتل داخل سجون الاحتلال الاسرائيلي...صرخة أسير لم يكترث لخمسة وعشرين عاماً من التعذيب الجسدي داخل السجن...صرخة أتوجه بها إلى كل كتاب سوريا وإلى كتاب الوطن العربي، صرخة أتوجه بها إلى كل محامي سوريا وإلى كل محامي الوطن العربي.

أطلب منكم التحرك بكل السبل المتاحة للدفاع عن الكلمة والدفاع عن الكتاب والدفاع عن الثقافة الحرة...وأن لا يسمحوا للاحتلال الاسرائيلي أن يغتال الكلمة والثقافة الحرة النزيهة على أسوار سجونه...وأن يفكوا حصارنا الثقافي وعزلتنا الحضارية عن وطننا سوريا وعن وطننا العربي وعمقنا الحضاري الوطني والقومي والانساني.

مع اصدق مشاعر المحبة والانتماء
الاسير العربي السوري داخل سجون الاحتلال الاسرائيلي.
صدقي سليمان المقت
معتقل الجلبوع
9.8.2009