تشكّل السنة الدراسية الأولى في الجامعة تجربة جديدة بكل حذافيرها، وقد تكون مثيرة وجذابة للبعض، مفاجِئة وصعبة وحتى مخيفة للبعض الآخر، إنها بداية سيرورة ثلاث سنوات على الأقلّ في بيئة جديدة مع أناسٍ جُدد، وإطار تعليمي جديد.

إن الاختلاف النوعي بين الأطر التقليدية كالمدارس والنوادي في بلداتنا وقرانا العربية وبين الجامعة وكمّ الاحتمالات والفُرَص التي تتضمنّها قد يسبّب بلبلة في حياة الطالب أو الطالبة الوافد، من الناحية التعليمية والاجتماعية وحتى الشخصية. لذلك، إليكم وإليكنّ بعض النصائح التي يمكن أن ترشدكم/ن، عساها تخفف من الفوضى التي تنتج عن تصادم الطالب العربي بمؤسسة جديدة وعالم لا يعلم عنه شيئا.
1. البرنامج التعليمي:
من أهمّ العوامل التي ممكن أن تساعد على التأقلم بمرونة في الجامعة ونظامها هي التنظيم والترتيب، من المهمّ أن تتفحصوا تواريخ بدء التسجيل للمواضيع المختلفة مسبقًا، وفحص ساعات الحصص والتمارين، وعدد النقاط لكلّ موضوع. بعض المواضيع التعليمية في الجامعة تمنح طلّابها برنامج مبني ثابت وموّحد للجميع، في هذه الحالة لا يتبقى على الطالب غير التسجيل الفِعلي (على موقع الإنترنت الخاص بالجامعة) في الأوقات والأيام المحددة لذلك.
 للقسم الآخر من المواضيع لا يكفي التسجيل الفعلي، إنّما ترتيب البرنامج التعليمي بحيث لا يتقاطع موضوعان أو أكثر من ناحية أوقات الحصص والامتحانات. في هذه الحالة، على الطالب أن يحصل على لائحة المواضيع، وأن يختار من بينها المواضيع التي تتلائم مع جدول أعماله وتعليمه. انتبه/ي هنا إلى القوانين التي تسري في كل كليّة، هنالك كليات تمنع كليًا تضارب المواضيع، وهنالك كليات تهتمّ فقط للمواضيع التي يجب على الطالب حضور حصصها فعليًا. من ناحية مواعيد الامتحانات ايضًا، هنالك كليات تُعطي مواعيد خاصّة في حال تضارب مواعيد الامتحانات، وأخرى تضع الأمر على مسؤولية الطالب.
2. من المهم أن تحصل/ي على البريد الإلكتروني التابع لسكرتارية الكليّة التي التحق بها الطالب، منذ بداية المعاملات مع الجامعة، لأي تساؤل أو استفسار يمكنكم التوجّه إلى السكرتارية، حتّى لو كنتم تعتبرون هذه التساؤلات شخصية ولستم متأكدين من نجاعة التوجه، كله إيمييل، فش إيش تخسروا.
3. لا تفوّتوا حصصًا. من الهيّن أن أُنهي هذه التوصية عند النقطة، ولكنّي ولعلمي بما يواجه الطلاب من ضغوطات وهموم وساعات عمل لا نهائية وفعاليات لا منهجية أخرى، أنا على دراية أنّ هذا الأمر لن يكون بغاية السهولة. لذا، كونوا حكيمين بما تفوّتونه، ولأيّة أسباب. وابقوا دائمًا على دراية بما عليكم إكماله، عهد الدراسة يومين ما قبل الامتحان انتهى مع تخرّجكم من المدرسة، اهتموا بأن تدرسوا خلال الفصل التعليمي وأن تقدّموا الوظائف في الوقت المطلوب، سيقلّل هذا من ضغوطات فترة الامتحانات، ويعطيكم إحساسًا بالانجاز اليومي.
 مع كلّ هذا، واظبوا ليس فقط على التعليم والدراسة، ابقوا وقتًا لممارسة الهوايات، والترفيه عن النفس، أن تقرأوا كتبا خارج نطاق التعليم، أن تلتقوا بأصدقاء، أو تشاركوا بفعاليات اجتماعية وثقافية، حيفا مليئة بها، عليكم فقط متابعتها، هذا يزيدكم بالطاقة اللازمة للاستمرار.
4. الحفاظ على الهويّة:
عند التعامل مع المحاضرين أو المؤسسة التعليمية عامة، احرصوا على التوضيح، المباشر او غير المباشر، بالخلفية الثقافية والاجتماعية المختلفة التي ترافقكم. لا أقصد استعمال ضعف اللغة أو التأخير عن المواعيد كحجّة لطلب لـ'تخفيضات'، إنما ايضًا عدم تجاهل هذه وغيرها من فروق، وعدم محاولة الانصهار بالجو الإسرائيلي وذلك لعدّة أسباب، المبدئية منها والعمليّة. أولها وأهمّها هو أن تراكم التجارب الاجتماعية والثقافية لها تأثير كبير على تطوّرك كشخص واع مثقّف ومؤثر في مجتمعك، هي جزءٌ منك وعلى من يتعامل معك أن يحترم هذه الحقيقة، لا أن يحاول تشويهك، واحترام الآخرين لشخصيّتك يتعلّق بك أنت اولًا.
 في حالات معيّنة رسميّة، تسمح جامعة حيفا لنفسها بأن تتعامل مع هذا الاختلاف ومواجهته، فتعطي للطلاب العرب تسهيلات متعلّقة باللغة (في السنة الأولى)- للحصول على معلومات عن التسهيلات يمكنكم مراجعة موقع الجامعة أو استشارة السكرتارية.
5. مساعدات تعليمية وتنظيمية:
في حال كنتم من الأشخاص البعيدين عن كل ما يتعلّق بالتنظيم وإدارة الوقت، أو تريدون أية مساعدة تعليمية يمكنكم التوجّه إلى 'مركز برمان' في الجامعة، فمن خدماته المساعدة في اختيار مواضيع التعليم أو العمل المستقبلي، المساعدة في مواجهة الصعوبات في التعليم وأيضًا يعرض خدمات في العلاج النفسي. بالإضافة إلى مركز برمان، تعرض الجامعة على طلابها مساعدات تعليمية كدروس خاصّة يعلّمها طلّاب من القاب متقدمة، ممكن إيجاد كلّ هذه في بيت الطالب. من الجدير التشديد على أنّ كل هذه المساعدات تحقّ لكلّ طالب لكونه طالب في الجامعة فقط، ولا علاقة لها بنقابة الطلاب.
6. الندوات السياسية والعمل السياسي:
أول ما لاحظته في يومي الأوّل في جامعة حيفا هو الكمّ الهائل للأشخاص الـ'ملوّنة'، كل منها يمثّل حزب أو حركة أو فئة معيّنة في الجامعة. الحرم جامعيّ مليء بالحركات والفعاليات السياسة حسناته وسيئاته في آنٍ واحد. إذا وضعنا التعصّبات الفئويّة والتقسيمات والجو المتوتر جدًا أحيانًا وغيرها من تصرفات أو مظاهر نلقاها مؤخرًا في الكثير من طقوسنا الاجتماعية التي تجمع ما بين فئات عدّة، نستطيع أن نرى مدى الغِنى المعلوماتي والأيديولوجي والثقافي الذي تزوّده الحركات والأحزاب السياسية للتجربة الأكاديمية فهي لا تقتصر على عمليّة استلام شهادة توثّق قدرتك على ممارسة مهنة ما، إنما هي مرحلة تسنح بها الفرصة الانكشاف إلى كم وافر من المعلومات والتجارب، فنتطوّر بها ومنها، ونطوّرها، كي نساهم في بناء مجتمع قادر على النقد الذاتي العِلمي، والتقدير الذاتي ايضًا، من خلال بناء وتطوير انفسنا كشخصيات فعّالة ومؤثّرة في مجتماعاتنا الصغيرة والكبيرة.
7. الديشة كملاحظة على الهامش:
قد ما تكون مغرية اجتماعيًا وممكن تظهر كالخيار الأفضل في بعض اللحظات، ضعوا حدود للجلسات عالديشة (الناس بتعيد عنفسها، والقصص بتعيد عنفسها، والحصص لأ:)
نهايةً، كلّ ما كتبته هو نتاج تجربتي الأكاديمية الشخصية، وهي قناعاتي الخاصّة لخوض التجربة الجامعية.. آمل أن تأتيكنَّ وتأتيكم بفائدة.