لم تكن إعاقة الطفل الفلسطيني، محمد مهاني (13 عاما)، حائلا أمام اندماجه بالمجتمع وتحقيق طموحاته باحتراف مهارات موسيقية ورياضية.

وكان فقدان الطفل الغزي مهاني للبصر، حافزا له ليبهر مجتمعه بإبداعاته، فبدأ منذ أن كان في العاشرة من عمره، بتعلم العزف على الآلات الموسيقية، وممارسة رياضة 'الكاراتيه'، معتمدا بذلك على حدسه الإدراكي.

وبدأ مهاني ممارسة هوايته بعزف الموسيقى على آلة العود، واصفا إياه بـ'ملك الآلات الموسيقية'، إذ وصل إلى مرحلة يشعر فيها بأنه أتقن عزف المقاطع الموسيقية، بعد سماعها مسجلة لعدة مرات.

وبعد ثلاث سنوات من التدريب المتواصل على كيفية استخدام العود، أجاد مهاني، حفظ أوتاره بدقة، وعزف مقاطع موسيقية معتمدا على حاسة السمع. وفي أحد معاهد تعليم الموسيقى في مدينة غزة، يجلس مهاني إلى جانب مدرّبه، مثبتا آلة العود بين ذراعيه ومرتكزا على قدمه اليمنى، ليبدأ بتحريك ريشته على الأوتار الأربعة، مترجما إحساسه وشعوره إلى مقاطع موسيقية، كما يقول.

ويضيف: 'انطلاقا من قناعتي بأن الموسيقى غذاء الروح تفتح مجالا واسعا أمامنا كي نعبر عن احتياجاتنا وآلامنا أو أفراحنا، بأسلوب يخلو من الكلام، اتجهت لتعلم الموسيقى على يد أساتذة في مركز مختص'.

وتابع مهاني، تعلمت النوتة الموسيقية والسلم الموسيقي، بعد ذلك دربت نفسي على سماع الموسيقى المعزوفة بدقة، ثم أعدت عزفها معتمدا على ذاكرتي وحاسة السمع خاصتي.

ويرى الطفل الكفيف، أن 'تعلم الموسيقى من قبل الأشخاص ذوي الإعاقة يفتح لديهم مجالا واسعا للتفريغ عن النفس، واستغلال أوقات الفراغ بطرق يتفادون فيها الشعور بالاكتئاب أو التهميش. بالموسيقى أستطيع أن أثبت وجودي في مجتمع لا يقف كثيرا إلى جانب الأشخاص ذوي الإعاقة، كما أن لأهلي دور بارز في تشجيعي للمشاركة في هذه الدورات وفي تطوير ذاتي'.

 وعلى الرغم من سوء أوضاع عائلته الاقتصادية، فإن مهاني يقدر وقفة عائلته إلى جانبه، قائلا 'والدي يتفرغ يومين أسبوعيا، كي يوصلني إلى مقر المعهد الموسيقي، كما يوفر لي المواصلات، وهو أمر يزيد من صعوبة أوضاعنا الاقتصادية، لكنه يجعل من تنمية مواهبي أولوية له'. فيما يخصص الطفل الغزي، يوما كل أسبوع، لتعلم الفنون القتالية والدفاع عن النفس، وذلك بممارسة رياضة 'الكاراتيه'، في مركز تدريب رياضي يتوسط مدينة غزة.

ويشعر مهاني أن رياضة 'الكاراتيه' تزيد من ثقته بنفسه، وتكسبه قوة الإرادة. مضيفا، 'تزيد من قوتي، وبذلك أستطيع أن أدافع عن نفسي معتمدا على حدسي، وتوقعي لحدوث خطر ما بجانبي'.

ويحلم مهاني، أن يمثل فلسطين في رياضة الكاراتيه على المستويين، العربي والدولي، قائلا 'أتمنى أن يأتي يوم أصنع فيه إنجازا كبيرا يسجل فيه التاريخ اسمي'.

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن عدد الأفراد الذين يعانون من إعاقة بصرية، في قطاع غزة يبلغ 6905 أفراد.

اقرأ أيضًا | ثلاثة حروب لم تمنع الصناعة في غزة