ناقشت مجموعة التربية والتعليم المنبثقة عن مؤتمر القدرات، في لجنة المتابعة، يوم أمسٍ، السبت، تدني التحصيل في امتحانات الثانوية العامة - البجروت، بمشاركة أكاديميين وأساتذة من المجتمع العربي، وغياب مديري أقسام المعارف في المجالس المحلية، رغم توجيه الدعوة لهم.

واستعرض عدد من الأكاديميين سبل الدفع الذاتي لقضايا التربية والتعليم في المجتمع العربي، مع الإجماع على الإجحاف الحاصل من قبل وزارة التربية والتعليم تجاه التعليم العربي، وحصول الطالب اليهودي على أضعافٍ مضاعفة من الميزانيات وما يخلق ذلك من فجواتٍ كبيرة بين مستوى الإنفاقِ على الطالب العربي مقارنةً بالطالب اليهودي لصالح الطالب اليهودي.

مستوى الانفاق الذاتي المتدني في التعليم العربي

وخلال المؤتمر، قال مؤلف كتاب "التربية للقيم في مجتمع مأزوم" (2012)، د. خالد أبو عصبة، "كلنا نعلم ولا حاجة للعودة إلى التكرار أن وزارة التربية والتعليم تكرّس اضطهاد التعليم العربي من حيث الإنفاق على الطالب، ومعايير المناهج التعليمية وغيرها، ولكن نحن كمجتمع، أيضًا، لا نقوم بما يتوجب علينا فعله من أجل تمكين الطالب العربي، فالعلاقة بين التحصيل العلمي والمستوى الاجتماعي الاقتصادي هي علاقة قوية جدًا، ونلاحظ أنّ مستويات الإنفاق في السلطات المحلية العربية والمجتمع المدني العربي على الطالب العربي متدنية جدًا، كذلك، فالإنفاق على الطالب يتكون من تمويل الحكم المركزي، الحكم المحلي، الأهالي والمجتمع المدني، وفي حالة التعليم العربي، نلاحظ غياب ثلاثة مركبات عن دورها بشكل كبير أو لِنَقُل هنالكَ قصورٌ كبيرٌ في مستوى الإنفاق على الطالب العربي، ولذلك، علينا أن نعملَ على بناء سياسة تربوية لرفع التحصيل لدى الطلاب، ومشاركة فاعلة للأهالي والمجتمع المدني والحكم المحلي، فهذه الجهات يمكننا التأثير عليها لرفع مستوى الإنفاق على الطالب".

من جانبه، تساءل رئيس برنامج اللقب الثاني في دراسات التربية والمجتمع والثقافة في جامعة حيفا، د. أيمن إغبارية، عن مقدرتنا على التأثير، قائلا: علينا أن نسأل سؤالين: على ماذا نحن مقبلون؟ وعلى ماذا نحن قادرون؟ لقد فشلنا في إقامة مجلس تربوي عامٍّ في المجتمع العربي، كما أن هناك ضرورة كبرى لإعادة هيكلة لجنة متابعة قضايا التعليم المنبثقة عن لجنة المتابعة، وإدارة مطالبنا تجاه وزارة التربية والتعليم، عبر إعادة الالتفاف الشعبي حول لجنة متابعة قضايا التعليم، بعد أن فقدنا هذا الالتفاف الشعبي.

من جانبه، قال رئيس لجنة المتابعة، محمّد بركة، في مداخلته "نحن هنا للحوار ولسنا بديلا عن أقسام التربية والتعليم في الحكم المحلي، ولا نستبدل هيئات قائمة، ولذلك، أتمنى أن نهتم بهذا الحوار في العناصر التي يمكن لنا كمجتمع التأثير فيها والتي تتجاوز مطالبنا تجاه وزارة التربية والتعليم وتجاه المؤسسة الحاكمة، وما يمكن أن نقدم، أيضًا، في ما يتعلق بالتعليم اللامنهجي والمساهمة المجتمعية".

مجلس تربوي محلي في كل بلدة

وقال النائب عن "الجبهة" في القائمة المشتركة، يوسف جبارين، في مداخلته "أنا أرى أن إحدى الإشكاليات الرئيسيّة في التربية والتعليم في المجتمع العربي، هي غياب إدارة مهنيّة جماعيّة، بغياب هذه الإدارة على مستوى وزارة المعارف، هنالك أهمية في أن تكون هنالك مبادرة لإقامة مجلس تربوي محلي يضم رئيس قسم المعارف، الرفاه ومديري المدارس المختصين في البلدة، إضافة لرئيس السلطة وتكوين إدارة جماعية تعقد جلسات دورية خلال العام، تدرس وضع التعليم في البلدة بشكل محلي وتضع تصورًا مستقبليًا لدفع التربية والتعليم، وكيف يمكن رفع عدد الأكاديميين في كل بلدة، فلكل بلدة خصوصية ومشاكلها الخاصة، وهذه المجالس يمكن أن تشكّل، لاحقًا، مجلسًا تربويًا قطريًا يقود التعليم العربي بديلًا عما تطرحه وزارة المعارف".

أمّا النائب مسعود غنايم، فقد علّق على إمكانيات تطوير التربية والتعليم في المجتمع العربي بالقول "علينا إيجاد إطار واحد موحد لتقسيم المهام وتبادل الخبرات، نعلم أن الطالب اليهودي يُستثمر فيه أكثر، وهذا معروف، ولكن علينا العمل على الاستثمار الذاتي الذي ذكرتُ، وهو الحكم المحلي الأهلي والمجتمع المدني، ولدينا قدرات كبيرة يمكن استثمارها بشكل صحيح للدفع في التربية والتعليم وقد استمعنا لحالة النجاح في قرية كوكب التي تمكنت، بظروف مماثلة لكافة القرى العربية، من أن تحقق إنجازاتٍ كبيرة، من خلال 3 عوامل هي تعاون وثيق بين الهيئات التدريسية والسلطة المحلية، التعيين المهني للمدير والمدرسين، تعاون الأهالي مع المدرسة؛ وهذه العوامل يمكن أن تصنع الفارق على الرغم من قلة الميزانيات".

96.7% استحقاق بجروت منهم 26.7% امتياز

أمّا بارقة الأمل في التعليم العربيّ، فقدمها مدير مدرسة كوكب الثانوية، المربي يوسف منصور، عبر بعض معطيات النجاح الكمي والكيفي في ثانوية كوكب أبو الهيجا، والتي حصلت على نسبة استحقاق بجروت 96.7%، من بينهم 26.7% امتياز، 13.3% لديهم 5 وحدات رياضيات، 21.7% منهم لديهم 4 وحدات رياضيات، 33.3% من طلابها لديهم 5 وحدات لغة إنجليزية، 46.7% منهم مع 4 وحدات لغة إنجليزية، وتتفوق مدرسة كوكب على النسب العامة في الدولة وتسبق المدارس العربية بمراحل، وقال إن عوامل النجاح في مدرسة كوكب هي التالية: تعيين مدير بصورة مهنية خالية من أيّة تأثيرات سياسية، تعيين مدرّسين وفقا للكفاءات فقط، تعاون وثيق مع السلطة المحلية، تعاون وثيق ومثمر مع لجنة الأهالي، دستور واضح للمدرسة بُني بتعاون مع الأهالي وهذا ما أحدث الفارق في مدرسة كوكب.

إقامة جامعة عربية في الناصرة

وقدم أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، د. مسعود أحمد إغباريّة، دراسة مصغرة فيها 5 عوامل لتطوير التربية والتعليم وهي "بناء مجتمع عصامي يرتكز على اقتصاد ذاتي الدفع، تحالف بين أولياء الأمور وبين المعلمين لجعل البيئة المدرسية ممتعة للمعلمين والطلاب، سلطات محلية عربية يافعة، تسعى إلى استبعاد الفساد الإداري، من خلال تعزيز الرياضة، التثقيف والشفافية، إقامة جامعة عربية في مدينة الناصرة مع فروع لها في باقة الغربية وفي رهط".