ولدت الطالبة المتفوقة أريج خطيب في قرية مجد الكروم، منذ طفولتها، برزت أريج بين أترابها وأشقائها المتفوقين، فقد نجحت بتفوق في الصف الأول لتقفز صفيْن بفضل ذكائها المميَّز ما لفت أنظار المعلمين، بعد فحص الذكاء لدى بروفيسور مروان دويري، أكدّ أنّ درجة الذكاء لدى أريج يصل إلى 148، وبالنسبة للإنسان العادي يكون معدله 100، وفوق الـ120 يُعتبر ذكيًا.

واليوم، أريج في العشرين من عمرها وقد اختارت العلوم فتفوقت وانطلقت إلى العالم الذي تُعشقهُ، العلوم بشتى مجالاتها، وهي تجمع بين الفنِ والموسيقى والمسرح حُبًا وطموحًا وحُلمًا علّهُ يتحقَّق.

- أين تجدين نفسك اليوم بالعلم والفن؟!

بين الكتب وليس أي كتاب، تهمني الكتب العلمية بالأساس فرع البيولوجيا، أجدُ نفسي في المختبرات والاكتشافات في هذا العالم الغامض الذي لا نعرف الكثير عنه، وحلمي الدائم أن تكون لديّ مساهمات في هذا المجال، لأكون مُساهِمة في اكتشاف ومعرفة أشياء جديدة خاصةً في مجال العلوم، واهتماماتي بشكلٍ عام تنحصر في مجال البيولوجيا، عدا عن اهتمامي أيضًا بأمور سياسية والاقتصاد والعلوم الاجتماعية، بالإضافة إلى أن علم النفس يثير اهتمامي واقرأ الكثير عنه، وتهمني متابعة العروض الموسيقية، والمسرح. أهتم بالتفاصيل والأداء والانسجام بالدور، وهذا الأمر بدأ من قبل، عندما كنت في مركز الموهوبين في طمرة، وخلال الدروس البعيدة عن التعليم، بينها الدراما - التمثيل – وهذا الأمر يثيرني جدًا، وأشعر هناك أنني استغلُ طاقتي، واليوم بعد انتقالي إلى القدس، صارَ يهمني أكثر متابعة الأعمال المسرحية في مسرح الحكواتي التاريخي والتراثي العريق والمساهمة الرائعة والراقية والمميَّزة.

- هل تعتقدين أن هناك مشكلة بين الأهل والأبناء بطريقة التوجيه الدراسي؟

هناك مشكلة 'عويصة' حسب رأيي، شعرتُ بهذه المشكلة، خاصةً أنني في مجتمع جماعي، وسرعان ما يتحولون إلى مؤثرين، سواء كان الحديث عن الوالدين أو الأقارب الأبعد قليلًا، وكل شخص يهمه تقديم توجيهات للطلاب في المرحلة الثانوية، ما يشوش تفكير الطالب في اختياراته، ولدينا عادة تسمية الإنسان الناجح، باختيار مهنة الطب أو الهندسة، أو في النهاية تتعلم مواضيع تجلب المال، ما يعني أنّ اهتماماتنا مُنصبّة بالمنصب أو المال، وإذا أردت مثلًا اختيار الموسيقى، فهذا للأهل في الغالب غير كافٍ ولا يرقى لطموحهم، وليس كل إنسان يمكن أن يكون طبيبًا أو محاميًا أو مهندسًا، لكن التوجيه المهني للراغبين باستكمال دراستهم لا يحظوْن بفرصة اختيار المواضيع التي يحبونها دون ضغطٍ من المحيطين.

وعلينا أن ندرك أن المجالات التي نحتاج إليها هي العلوم، وفيها اكتشافات وأشخاص تفكر خارج الصندوق، بمعنى طرح الأسئلة والاستفسار، وهذا المجال لا يريد أشخاصًا تقليديين، بينما تكون الفرصة مفتوحة تمامًا للذين لا تهمهم الطروحات العلمية، وبشكلٍ روتيني.

وإذا نظرنا إلى عدد الأكاديميين العرب، تجدين في هداسا- حيثُ يدرس المختصون العرب المواضيع الطبيّة، لكن في جامعات أخرى، مثل الجامعة العبرية، لا تجدين هذا الكم الكافي من الأكاديميين العرب.

هناك مشكلة أخرى، هي تحديد الظروف على المرأة، كونها متزوجة وعليها أن تهتم أيضًا ببيتها وحاجة الزوج والأبناء، هكذا نجعل حياتنا روتينية وتقليدية، وكأنما لا يختار الإنسان طريقه وحياته.

وأنا، مثلًا، زرع البعض في نفسي الطب، لكن مع الوقت تكتشف أنك لستَ انتَ في هذا الخيار، حيثُ اكتشفت أنه لا يناسبني أن أكون طبيبة، وعليه اخترت الكيمياء والبيوتكنولوجيا، لأنني شعرتُ أنه المجال الذي يناسبني دونًا عن مواضيع أخرى.

واكتشفت أنّ هناك مواضيع تهمني أكثر، وشعرتُ لاحقًا أنّ البيولوجيا تناسبني. وأذكر أنّ استاذ البيولوجيا - حين بدأ يشرح لزملائي اختياراتهم ما بعد الثانوية، وجه لي ملاحظة لا أنساها حتى اليوم، قال لي يومها: 'إذا لم تختارِي العلوم فستخسرين نفسك'، كنتُ أنتظر هذه الجملة، ألا أختار الطب، ومن هناك أخبرتُ أهلي أنني سأسجل للبيولوجيا حتى يزداد عمري سنة، لاستكمال الموضوع، وتوجهت للجامعة العبرية، حيثُ اخترت دراسة موضوع البيولوجيا، وأخبرتُ أستاذي، الذي دعمني وقال إنّ خياري صحيحًا.

وعندما بدأت أدرس البيولوجيا، شعرتُ بسعادة، سواء من تعامل المدرسين وهم من نُخب الأكاديمية المميزين، وكنتُ أفخر أنّ الحاصلين على جوائز نوبل في الجامعة لم يدرسوا الطب، كذلك المخترعون درسوا العلوم ولم يدرسوا الطب، وهنا شعرتُ أنني في المكان الصحيح، أحببتُ العلوم والعلماء والباحثين، وزادت جرأتي ورغبتي في استكمال العلوم.

وكنتُ سعيدة أنني فشلتُ في امتحان الطب، هكذا اقتربتُ من العلوم وابتعدتُ عن الطب تمامًا، جدتُ نفسي عندما وجدتُ العلوم، فهو مجال مليء بالتحديات والإصرار على النجاح، البيولوجيا فيها الكثير من المجالات مثل العلوم التطبيقية، البيوتكنولوجيا، وتشمل صناعة الأغذية وحتى المكياج، إضافة إلى الهندسة الوراثية، أو العلوم السياسية، أو الوراثية.

عن رأيها في مجتمعنا تقول أريج: 'إنه يعاني من فكرة تحقيق النجاح والإنسان المتفوق لا يعي كثيرًا ما يلائمه وما لا يلائمه، وهي مشكلة كبيرة تُحل مِن قبل الذين يصرون على التحدي لتحقيق الإنجازات العلميّة الرفيعة، وتخطيطي إنهاء علم الوراثة، والعمل أكثر على تحقيق إنجازات علميّة، وطموحي القادم أن يكون لي إنجازات علميّة وأحقق اسمًا عاليًا، أقله لقب 'البروفيسورة'، لا زلتُ أحلُم، واللقب الأول هو أول خطوة في طريق التحدي البعيد'.