أثار اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في هجوم إسرائيليّ، مخاوف من اندلاع نزاع إقليمي أوسع نطاقا، وأدى إلى تهميش المحادثات الرامية إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ قرابة عشرة أشهر على غزة.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

ومنذ هجوم حماس الدامي على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، والذي أثار ردا انتقاميا مدمرا من الدولة العبرية، عملت قطر كوسيط مهم مع الحركة الفلسطينية المسلّحة. وكان هنية يقيم في الإمارة الخليجية.

ومع الولايات المتحدة ومصر، قادت قطر لأشهر محادثات خلف الكواليس بهدف تأمين الوصول لهدنة ثانية، بعد توقف للقتال لمدة أسبوع في تشرين الثاني/ نوفمبر، عندما تم إطلاق سراح عشرات الرهائن الإسرائيليين والأجانب، في مقابل أسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال.

(Getty Images)

لكن في الساعات التي أعقبت اغتيال هنية في طهران، شكّك رئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في نجاح المحادثات المستقبلية.

وتساءل عبر منصة "إكس": "كيف يمكن أن تجري مفاوضات يقوم فيها طرف بقتل من يفاوضه في الوقت ذاته؟".

وقبل استشهاد هنية، قالت حماس إن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يؤخّر وقف إطلاق نار ممكن في غزة.

وفي وقت التقى وسطاء مصريون وقطريون وأميركيون، مفاوضين إسرائيليين قبل أسبوع في روما، قالت حماس إن إسرائيل قدمت شروطًا جديدة للتوصل إلى اتفاق.

أطفال نازحون في غزة (Getty Images)

وحدّد الرئيس الأميركي، جو بايدن، في أواخر أيار/ مايو، ما سماه مبادرة إسرائيلية لهدنة وإطلاق سراح الرهائن، وأصبحت هذه المبادرة أساسا للمحادثات اللاحقة.

وأيّد مجلس الأمن الدولي هذا الإطار التفاوضي. لكن إسرائيل قالت إن قيادة حماس هي التي عقّدت الاتفاق، ونفت أن تكون قد أدخلت تغييرات على مسودة الخطوط العريضة.

وأفاد موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي، أمس السبت، نقلا عن مسؤولين إسرائيليين، أن محادثات السبت في القاهرة بين الوفدين الإسرائيلي والمصري توقفت، مشيرا إلى أنها انتهت بدون تحقيق تقدم.

ولم يكن المفاوضون القطريون حاضرين.

وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط، أندرياس كريج، وهو محلّل عسكري ومحاضر أول في الدراسات الأمنية في "كينغز كوليدج لندن": "حتى قبل مقتل هنية، لم تمنح الحكومة الإسرائيلية، وخصوصا (بنيامين) نتنياهو، أي ثقة للوسطاء خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية".

عناصر دفاع مدنيّ خلال إخماد نيران اندلعت عقب قصف إسرائيليّ بلبنان (Getty Images)

وأضاف أنّ "قتل هنية، والتصعيد في بيروت أيضًا، لا يشيران إلى أن إسرائيل مهتمة بصدق بوقف إطلاق النار"، في إشارة إلى اغتيال إسرائيل للقائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية، الثلاثاء الماضي.

في الوقت نفسه، أوضح كريغ أن اغتيال القياديين الكبيرين في حركتي حماس وحزب الله وغيرهما في مراحل سابقة، يمثل فرصة لنتنياهو "لبناء رواية النصر، واستخدام ذلك كفرصة لخوض محادثات وقف إطلاق النار" من منطلق مختلف.

وفي أعقاب السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، لعب هنية دورًا حاسمًا في المحادثات مع الوسطاء في قطر، حيث المكتب السياسي لحماس منذ عام 2012 بمباركة الولايات المتحدة.

وقال مدير برنامج الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية، جوست هيلترمان: "كان هنية بالطبع المفاوض الرئيسي، لكنه لم يكن قادرًا على اتخاذ أي قرارات بدون موافقة الجميع من حوله".

وأضاف: "كان هنية، بشكل ما، شخصية بمثابة جسر، وكان عمليًا، وأراد إنجاز صفقة... وبدا أنه يتصرف بحسن نية".

(Getty Images)

ورأى كريغ إنّ زعيم حماس السابق كان "قادرًا على معالجة بعض الصعوبات أثناء عملية الوساطة، وقد يكون ذلك عنصرا ايجابيا فقد بمقتله".

وتعهدت إيران وفصائل مسلحة متحالفة مع طهران في الشرق الأوسط، الرد على عمليتي الاغتيال.

وقد انخرطت بالفعل الجماعات المدعومة من إيران في لبنان واليمن والعراق وسورية في الحرب المستمرة منذ عشرة أشهر على قطاع غزة.

وقال هيلترمان إنه في أسوأ السيناريوهات الممكنة ومع وقوع خسائر بشرية كبيرة في إسرائيل، فإن "كل الرهانات ستصبح معطّلة" بشأن استئناف محادثات الهدنة.

وأضاف: "ثم ندخل في حلقة خطيرة من التصعيد، وفي خضمّها لن تكون هناك أي محادثات لإطلاق سراح الرهائن، أو لوقف إطلاق النار".

(Getty Images)

وفي رأيه أنه حتى في حال وقوع هجوم أقلّ خطورة، "فإذا كانت إسرائيل قادرة على تحمّل ذلك، وأقنعتها الولايات المتحدة بتحمّله... فإنه سيعطي نتنياهو سببًا إضافيًا للمماطلة".

من جهته، رأى كريغ أن إحدى النتائج المحتملة للتصعيد في لبنان هي الضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات، وخصوصا أنها "غير مستعدة لهذه الحرب"، وستحتاج إلى "تحرير الموارد التي أصبحت الآن محصورة في غزة".

لكنه أضاف "على المدى القريب جدا... خلال آب/ أغسطس على الأقلّ، أعتقد أن الوساطة والمفاوضات انتهتا على الأرجح".