أشارت دراسة إسرائيلية، أجراها أربعة إسرائيليين خبراء في شؤون المياه في الضفة الغربية والأغوار، إلى أن احتياجات الفلسطينيين من المياه في الضفة الغربية بالإمكان تلبيتها عن طريق تحويل كميات كبيرة من المياه من "حوض الجبل" (الحوض الشرقي في منطقتي قلقيلية وطولكرم)، إلا أن المشاكل السياسية تجعل مصدر المستقبلي لتزويد الفلسطينيين بالمياه عن طريق تحلية المياه المكلفة!

ومن المقرر أن تعرض نتائج الدراسة اليوم في المؤتمر السادس عشر لدراسات الضفة الغربية، والذي سيعقد في الكلية الأكاديمية في مستوطنة أرئيل!

وجاء أن هدف الدراسة هو فحص الوسائل لزيادة كمية المياه المخصصة للفلسطينيين، بحيث تصل إلى مستوى الاستهلاك للإسرائيليين على جانبي الخط الأخضر (الإشارة هنا إلى المستوطنين في الجانب الثاني)!

وبحسب الدراسة فإن الفلسطينيين في الضفة الغربية يستهلكون اليوم، الحديث عن الإستهلاك المنزلي، ما يقارب 44 مليون متر مكعب من المياه سنوياً. أي أن الإستهلاك الفردي يعادل 26% مما يستهلكه الإسرائيلي! ويحصل الفلسطينيون على قسم كبير من المياه بواسطة الشبكة الإسرائيلية، ومياه الينابيع والحفريات والآبار.

وبحسب الدراسة فإن الحل المنطقي والإقتصادي هو "في حال وجود حكومة واحدة مسؤولة عن تزويد المياه لجميع السكان الذين يعيشون بين النهر والبحر"، وذلك عن طريق تزويد الضفة الغربية من مياه حوض الجبل الأقرب إليها، وفي هذه الحالة تكون التكاليف أقل، في حين أن النقص في المياه في منطقة الساحل، بما في ذلك قطاع غزة، يتم استكماله عن طريق محطات تحلية مياه البحر، والتي تزيد تكاليفها بثلاثة أضعاف عن حوض الجبل.

وبحسب الدراسة، فإن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يحول دون هذا الحل، والسبب هو معارضة إسرائيل أن تكون المياه المكلفة من نصيب الإسرائيليين، أن تكون الأقل تكلفة للفلسطينيين!

وكما يبدو فإن الحل سيكون في تخصيص مياه التحلية للفلسطينيين.

وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن جدار الفصل العنصري الذي تبنيه إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، يتلاءم مساره مع مسار خزانات المياه الجوفية وآبار المياه! فقرية نزلة عيسى الواقعة شمال الضفة الغربية، على سبيل المثال، يقسمها الجدار إلى قسمين لكونها تقع فوق أحد خزانات المياه الجوفية الأكثر غزارة في المنطقة!

ومن جهته يؤكد عبد الرحمن التميمي مدير مجموعة المياه الفلسطينية غير الحكومية "هيدرولوجي غروب"، إن المسارين "يتطابقان مئة بالمئة"، مضيفا "إن الإسرائيليين يريدون بذلك تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية مع الاستيلاء على الآبار وخزانات المياه الجوفية".

كما أكد أنه في قلقيلية تسبب بناء الجدار في مصادرة أو تدمير حوالي عشرين بئرا تمثل 30% من مصادر المدينة.
وتجدر الإشارة إلى أن أرض فلسطين التاريخية كانت تعتمد في مصادرها المائية على ثلاثة أحواض مياه رئيسية، حوض طبرية وحوض الساحل أو الخزان الساحلي (الحوض الغربي) وحوض الجبل (الحوض الشرقي).

وكانت قد أشارت تقارير إسرائيلية سابقة إلى أن حوض الساحل
قالت مصادر إسرائيلية أن نسبة الملوحة تواصل الإرتفاع فيه، وأن أقل من نصف كمية المياه التي تضخ من الحوض تعتبر جيدة، وذلك وفقما إتضح من التقرير السنوي للعام 2004.

وجاء في التقرير أن معدل تركيز الأملاح قد إرتفع في حوض "الشاطئ" بـنسبة 10% خلال 15 سنة الأخيرة، في حين إرتفعت نسبة النيترات في تلك الفترة بـ 20%.

وأشار التقرير إلى أن جودة مياه الأحواض تواصل الإنخفاض نتيجة التلويث المتواصل للمياه العادمة والأسمدة الكيماوية، فضلاً عن السحب الزائد من خزان المياه الجوفي، الحوض، لسنوات طويلة مما أدى إلى إنخفاض مستوى المياه العذبة وتغلغل المياه المالحة في الحوض.

كما أشار التقرير إلى أنه في السنة الماضية كان ما نسبته 14% من المياه التي تم ضخها من الحوض كانت تحتوي على تركيز عال من الملوحة والنيترات، في حين كان 39% من المياه ذات جودة كافية.

وتبين أنه في العقد الأخير تم ضخ كميات كبيرة من المياه في منطقة الشاطئ مما أدى إلى هبوط ملموس في مستوى مياه الحوض، وبالنتيجة تغلغلت مياه البحر إلى داخل الحوض مما رفع من نسبة الملوحة.

وأشار التقرير إلى أنه في حال سقوط أمطار غزيرة في السنوات القادمة، بالإضافة إلى تشغيل مصانع لتحلية مياه البحر، فسيتم الإستمرار بتخفيض كمية السحب من حوض الشاطئ.

ومن جهة أخرى قال التقرير أن جودة المياه في المصدرين الآخرين للمياه في إسرائيل، ما أسمتهما المصادر حوض "الجبل" وحوض "طبرية"، لا تزال عالية.

وزعمت المصادر أن تدفق المياه العادمة من المدن الفلسطينية بدأت بالتأثير على حوض "الجبل"، حيث إشار التقرير إلى وجود النيترات في الحوض بالقرب من منطقة طولكرم وقلقيلية في الضفة الغربية!وأفادت تقارير فلسطينية سابقة أن كمية المياه العادمة، التي تضخها المستوطنات الإسرائيلية، التي يقطنها حوالي 400.000 مستوطن في الضفة الغربية، بلغت حوالي 40 مليون متر مكعب سنوياً، في حين أن كمية ما ينتجه الفلسطينيون في الضفة الغربية 33.72 مليون متر مكعب، ما يعني أن كمية المياه التي ينتجها المستوطنون تفوق كثيراً ما ينتجه السكان الفلسطينيون.

وأشار التقرير إلى أن المياه العادمة للمستوطنات تصب في الأودية الفلسطينية، وفي حوض نهر الأردن، بل تتجاوز ذلك إلى الأراضي الزراعية الفلسطينية، كما هو الحال في منطقة وادي قانا، ومنطقة شمال شرق مدينة الخليل.

وبين التقرير أن المياه العادمة توجه إلى المناطق الرملية، أو تحمل في حاويات، وتضخ في الأودية، أو إلى مياه البحر المتوسط، كما تتسرب كميات كبيرة إلى باطن الأرض، لتختلط بمياه الخزان الجوفي، مما يهدد بآثار صحية خطيرة، نتيجة تلوث المياه الجوفية والسطحية، بسبب زيادة نسبة الأملاح، وتزايد نسبة النترات، ما يجعل المياه غير صالحة للاستخدام المنزلي، وحتى غير صالحة للاستخدام الزراعي، كما هو الحال في مياه نهر الأردن.

وبين التقرير، أثر المصانع الإسرائيلية، التي تزايد عددها في المستوطنات الإسرائيلية، والتي وصل عددها إلى حوالي 200 مصنع لمختلف الصناعات الكيماوية، في تدمير البيئة الفلسطينية، لما تنتجه من مواد سامة مثل الكروسيوم، والرصاص، والزنك، والألمنيوم، مشيراً إلى أن مصنع مستوطنة "حومش" للبطاريات، كان يستخدم الكادميوم السام، الذي يتسبب اختلاطه بالماء في أضرار للأرض والزراعة معاً.

وكذلك فإن مستوطنة "برقان" تحتوي على ثلاثة مصانع ألمنيوم، وهي أكبر منطقة صناعية إسرائيلية في الضفة الغربية، حيث يتم دفن مخلفات المصانع في الأراضي الزراعية الفلسطينية!وفي السياق ذاته أيضاً كانت قد أشارت مصادر فلسطينة إلى أن نصف مخزون المياه الجوفية في الضفة الغربية مخصص للمدن الإسرائيلية فيما يحصل الفلسطينيون على إحتياجاتهم من المياه من الآبار البلدية ولا يسمح لهم بحفر المزيد من الآبار في مناطق أخرى. كما تشير الأرقام إلي أن 27 في المائة من مخزون المياه في الأراضي الفلسطينية مخصصة للمستوطنين اليهود!

وكان قد توقع عدد من الخبراء المتخصصين في شؤون المياه، قبل سنتين، تعرض مخزون المياه الجوفية داخل إسرائيل للنضوب خلال السنوات الخمس المقبلة أو أنه سيتدنى، على الأقل، بسبب كثافة الاستخدام ونتيجة الزيادة السكانية المضطردة إضافة إلى استنفاذ مخزون المياه تحت مستوى سطح البحر المتوسط.

ويقول المتخصصون الفلسطينيون في شؤون المياه أن استهلاك الإسرائيليين من المياه في الضفة الغربية تجاوز 88 في المائة من حجم الإستهلاك الكلي فيما لا يتجاوز استهلاك الفلسطينيين 12 في المائة فقط، أي أن معدل استهلاك الفرد الإسرائيلي يعادل ستة أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني.

وفي حينه كان قد أكد خبير المياه الفلسطيني الدكتور عبد الرحمن التميمي أن إسرائيل تستهدف من إقامة الجدار الفاصل السيطرة على ما تبقى من المياه الفلسطينية وليس الهدف منه تحقيق الأمن لإسرائيل.

وقال إن إقامة هذا الجدار يضمن سيطرة إسرائيل الكاملة علي حوض المياه الغربي (يتيح إنتاج 430 مليون متر مكعب من المياه سنويا) الذي يعد المخزون الجوفي الوحيد الذي يضمن أي تطور عمراني وسكاني للشعب الفلسطيني.

وأضاف أن الحوض الشرقي الذي يتيح مابين 65 إلى 70 مليون متر مكعب من المياه يتم استخدامها بالكامل، مشيرا إلى أن إقامة هذا الجدار ستؤدي إلى تأثر الزراعة والصناعة المرتبطة بها في مدن وقرى جنين وقلقيلية وطولكرم مما يهددها بالتوقف عن الزراعة نهائيا، وهو ما تسعي إليه إسرائيل لتخفيف المنافسة عن الكيبوتسات الإسرائيلية المتاخمة لهذه المناطق والتي تنتج بتكلفة أعلى لاعتبارات عديدة.

وقال الدكتور عبد الرحمن التميمي ان الجدار الفاصل ضم نحو 43 بئراً من آبار المياه الموجودة بالضفة الغربية وسوف يصل عددها إلى 50 بئرا بعد ذلك بما يضمن سيطرة إسرائيل الكاملة على الحوض الغربي مؤكدا قيام إسرائيل بمد خط لنقل المياه من مناطق الضفة الغربية إلى شمال إسرائيل بمنطقة سلفيت، بقطر 24 بوصة، بحيث يمكنه خدمة التطور العمراني لهذه المناطق لأكثر من 50 عاما.