قال حراك الحقيقة الأرثوذكسية إن المحكمة العليا الإسرائيلية أمس، الإثنين، حددت موعدا لجلسة سماع لاستئناف البطريركية الذي قدمته على قرار المحكمة المركزيّة في القدس المحتلة، والذي منح شركات الاستيطان الحقّ بالتصرف بعقارات باب الخليل وغيرها من أملاك وعقارات في القدس هي بملكية البطريركية، وهي فندق الإمپريال وحواصل تحته وفندق بِترا الكبير والصغير وعقاراته، بالإضافة إلى الأرض المحيطة بجامع سلوان ودير مار يوحنّا قرب كنيسة القيامة.

وأضاف الحراك في بيان أصدره أمس، وصلت نسخة عنه لـ"عرب 48" أن "هذا الاستئناف جاء بعد أن صدر عن المحكمة المركزيّة قرار بتاريخ 30.7.2017 رقم 2035/07، وقبلت به المحكمة ادعاءات المدعين (شركات الاستيطان)، ورفضت كلّ ادعاءات المدعى عليهم (البطريرك ثيوفيلوس وأعضاء مجمعه المقدَّس). بعد صدور القرار، قام الفاسد ثيوفيلوس بتوكيل مكتب محاماة إسرائيليّ باسم يهوشوع كريمر ليقدّم استئنافًا للمحكمة العليا، فقُدّم الاستئناف رسميًّا في شهر 10/2017 على أن يقدِّم كلّ أطراف الاستئناف ادّعاءاتهم ومستنداتهم ضمن فترات زمنيّة محددة يكون آخرها بتاريخ 15.9.2018، وحدّدت المحكمة، منذ أكثر من سنة، تاريخَ 19.11.2018 الساعة التاسعة صباحًا جلسة سماع للأطراف لاستكمال ادّعاءاتهم شفهيًّا. لكن يبدو أنّ ثيوفيلوس وزمرته وداعميه ينوون تقطيع الوقت وتأجيل أيّ قرار نهائي، إذ قدّم ثيوفيلوس طلبًا للمحكمة بتاريخ 9.10.2018 بهدف التأجيل! من حقنا الادعاء بل الجزم أنّ الفاسد ثيوفيلوس غير معنيّ بأي قرار يلغي قرار استملاك المستوطنين لعقارات القدس الصادر عن المحكمة المركزيّة منذ 16 شهرًا".

"صفقات تصفوية"

ووفقا للبيان فإنه "منذ أن كُشفت الصفقة في زمن البطريرك إيرينيوس وتواطؤه هو ومن حوله في الصفقة وما رافقها من هرج ومرج بين الرهبان اليونانيّين وتدخلات سياسية لدول أجنبية وعلى رأسها اليونان وإسرائيل وأميركا للتغطية على فساد هذه المؤسّسة وطمس وجودها الوطنيّ وتمرير صفقاتها التصفويّة للوصول إلى تسلُّم ثيوفيلوس وزمرته قيادة البطريركيّة وامتناعه عن القيام بأيّة خطوة يبادر بها باسم البطريركيّة لاستعادة أملاكها، بل إنّه كان مُطَمْئِنًا ومتعهّدًا للجهات الإسرائيليّة بشخصه أو من خلال مستشاريه أنّ الصفقة ستتمّ وستليها صفقات أخرى مُدْرَجة وجاهزة للتوقيع، وأنّ ما يؤخّر إتمامَها هو الاعتراف الرسميّ الإسرائيليّ به. وهذا ما كان".

وأشار الحراك إلى أنه "بعد صدور قرار المحكمة المركزيّة الذي يقضي بتثبيت نفاد صفقة استيلاء الشركات الاستيطانيّة على عقارات البطريركيّة بالقدس، وبعد أن اطّلعنا على آلاف الوثائق والمستندات والادّعاءات التي قدّمها ثيوفيلوس ومستشاروه القضائيّون على اختلاف أسمائهم ومَنابتهم ومَشاربهم للمحكمة، قلنا آنذاك عَبْر بيان رسميّ إنّهم متواطئون مع الاستيطان لتضييع حقوق البطريركيّة وضياع القدس. هذا القرار أكّد ما ادّعيناه دومًا منذ عشرات السنوات بشأن دَوْر البطريركيّة في ضياع القدس وإفقار الكنيسة روحيًّا ووطنيًّا ومادّيًّا، إذ بعد اطّلاعنا على حجم الصفقات التي أبرمها الفاسد ثيوفيلوس، بدءًا من صفقة مار إلياس، أصدرنا في هذا الشأن كتيّبًا يوثّق دَوْر ثيوفيلوس في ضياع القدس. كان ذلك في كانون الثاني 2015".

"بيانات كلاميّة"

وأوضح حراك الحقيقة أن "البطريركيّة كعادتها أصدرت بيانات كلاميّة 'ترفض' بها القرار، بل إنّ الفاسد ثيوفيلوس خرج عن تكتُّمه واختبائه خلف بيانات كاذبة تَصْدر عن البطريركيّة أو ناطقها، وبادر إلى عَقْد مؤتمر صحفيّ 'مُوالٍ' في عمّان (لا في القدس)، وبثَّ أكاذيبَ المتابعة وتأليف لجان استشاريّة تعمل بشفّافيّة ولجنة محامين من الأردن وأراضي السلطة ومن أراضي الـ48. وكعادة السلطات الأردنيّة والفلسطينيّة (من خلال بعض الصحف وقنوات التلفزيون ومَن تَجنّدَ ويتجنّد دومًا لتبرير فساد البطريركيّة بغطاء وطنيّ)، أشادت هذه السلطات بالفاسد مباشرة أو مواربة، وعلى رأسها 'اللجنة الرئاسية الفلسطينيّة العليا لشؤون الكنائس'. نحن نجزم أنّ ثيوفيلوس ومَجمعه ماضون في تصفية الأملاك والأوقاف في المناطق الفلسطينيّة كافّة، في أراضي الـ48 وفي القدس بطولها وعرضها، وواضح لنا دَوْر اللجنة الرئاسيّة التي لا تدّخر جهدًا لتمييع جميع قضايا التسريب، بل تلملم استشارات قانونيّة شفهيّة ومكتوبة للتستير على تواطؤ ثيوفيلوس من ناحية، ومن ناحية أخرى تقدّم كلّ الخدمات الممكنة للابتهاج به في الاحتفالات الرسميّة الوطنيّة وكذلك الدينيّة؛ هذه اللجنة التي تجد بمشاركة الفاسد ثيوفيلوس بالاحتفالات الرسمية والشعبية تجسيدًا 'للاستقلال الفلسطينيّ'، وأمّا تصفية العقارات والأملاك وتسريبها لشركات الاستيطان والمستوطنين فهي أمور روحيّة داخليّة تخصّ الحياة الرهبانيّة!".

"انتفِضوا لحماية كرامتكم"

وختم حراك الحقيقة الأرثوذكسية بالقول إن "هذا البيان لم يَصدر للتذكير بضياع وطن، بل جاء ليؤكّد مجدَّدًا حقّنا وواجبنا، نحن أبناء هذه البلاد، في نضالنا من أجل تحرير البطريركيّة الأرثوذكسيّة المقدسيّة من الفساد المستشري فيها، وحقّنا في أملاكنا وعقاراتنا وكنيستنا، ومن أجل أن تكون الكنيسة كنيسة روحيّة لا مرتعًا للّصوصِ والزناةِ والكَذَبةِ. صرختنا إلى جميع القوى والمؤسّسات الدينيّة والوطنيّة والرسميّة: 'مَن يَهُنْ يسهُلِ الهَوانُ عليه'، ومَن يسكت على موبِقات البطريركيّة يُشَرْعِن، بِصَمْته، صفقةَ 'عقار جودة'، أو على الأقلّ يقبل بطمسها منتظرًا انفضاح صفقات جديدة. هذه الصفقات الاستيطانيّة على اختلافها تُخِّطط لها وتنفِّذها الأيدي العميلةُ نفسُها بذات الوسائل وبذات الشركات، وإن اختلفت مُسمَّياتها... نحن لن نسكت ولم نصمت ولسنا عُرضة للشراء والبيع والمقايضة والأيّام المقبلة ستكون حُبلى بما هو خير لشعبنا. ونداؤنا لمؤسّساتنا الدينيّة والوطنيّة والرسميّة: لا تُسْقِطونا، بل انتفِضوا لحماية كرامتكم التي هي كذلك كرامتنا. قوموا بواجبكم وأَسمِعوا صوتكم".

اقرأ/ي أيضًا | "تأميم" أراض للكنيسة الأرثوذكسية: إحكام سيطرة بزعم الحماية