بعد أن تعطّلت مساعي الاتفاق، قبل أيام، بين المندوبين عن المدارس الأهليّة، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة الماليّة، قررت المدارس الأهليّة تصعيد الاحتجاج، بسبب عدم تلبية مطالبها بالحصول على ميزانيّات، في وجه المسؤولين عن هذا الوضع القائم الذي جعل 33 ألف طالب دون إطار تعليمي حتى هذه اللحظة، ومنها مدينة النّاصرة التي تخدم فيها المدارس الأهليّة أكثر من 50%  من طلابها.

وفي هذا الصدد، أقامت المدارس الأهليّة خيمة اعتصام، أمس الخميس، قبالة بناء التربية والتعليم في 'نتسيرت عيليت'، كخطوة احتجاجيّة، ولكن هناك خطوات أخرى بالمُقابل، أشد أثرًا، مطروحة على طاولة النقاش، كإغلاق الكنائس في وجه الحجاج والسيّاح القادمين، كأداة من أدوات الضغط الفعالة. فأين يقف أهالي النّاصرة من هذه الأزمة التي طالت البشر والحجر؟

أين يقفون من الأزمة؟

يدعم المواطن زاهي غريّب من النّاصرة، المدارس الأهليّة في نضالها، وبقاءها في الإضراب المفتوح والصمود حتى تحقيق جميع المطالب وعدم التنازل عن أي حق، مشيراً إلى أنّ المدارس الأهليّة وُجدت منذ مئات النسين التي تمتد من 200 إلى 400 عام، ومنذ زمن الانتذاب العثماني والبريطاني.

ومن جهتهِ يُعرب المواطن شفيق صفوري، عن أهمية دعم هذه المدارس، التي خرّجت الكثير من أبناء المجتمع الصالحين، لذلك يُمنع إغلاقها، مطالباً الجميع بدعمها، ومن هذه الأزمة هناك شعور سيّء يشعره أستاذ مدرسة راهبات المخلص في النّاصرة، عنان جرجورة، كمعلم قبل أن يكون أبا لأبناء عاطلين عن مقاعد الدراسة، واصفاً مشاعره بالصعبة، حيث أنّ زملاءه في المدارس الحكوميّة يعلمون بشكل عاديّ بكل نشاط وحيويّة، ولكنه على معرفة تامة لهذه الفترة المهمة في تحصيل حقوق المدارس الأهليّة.

ويؤكد المواطن رامي خوري، وهو أب لطالبات في مدرسة 'راهبات المخلص'، عن رأيهِ في أنّ الأهالي صامدون مع المدارس، ويطالبون الحكومة بتلبية طلبات مدارس أبنائهم، فلا يُعقل بقاء 33 ألف طالب لغاية الآن، جالسين في البيوت، دون ممارسة حقهم في التعليم، بسبب تعنّت الحكومة وتوجهها العنصري ضد الأقليّة العربية، والمدارس الأهليّة بشكل خاص.
 


إغلاق الكنائس كحلّ

يؤيّد غريّب فكرة إغلاق الكنائس في حال استمرار تعنّت الحكومة، فالحجاج القادمون قصدوا زيارة الأماكن المقدسة، وهذه رسالة لهم كي يعلموا مدى التمييز الذي تمارسه الحكومة الإسرائيليّة ضد الأقليّة العربيّة بشكل عام، والمدارس الأهليّة بشكل خاص، بالإضافة إلى أهميّة وجود حملة إعلاميّة عالميّة، كون الإعلام جزءا مهما من هذه المعركة.

ويردف غريّب أنّ 'المدارس الأهليّة مهمة في المجتمع العربي الذي لم يكُن بهِ أي مدارس حين بنائها، فكانت المدارس الأهليّة هي الأولى في البلاد لجمبع الطوائف والأديان'، مؤكدًا أنّها وفّرت منذ وجودها ملياردات الشواقل على الدولة، واليوم أتى الوقت لتأخذ جميع مطالبها، دون أي تنازل.

أمّا جرجورة فيرى أنّه دون أدنى شك يجب تصعيد الاحتجاج، وهي خطوة مباركة، لأننا أصحاب الحق، ونقف مع قيادة المدارس الأهليّة، قائلاً: 'شعورنا اليوم أن الحكومة لا تعتبرنا مواطنين في هذه الدولة، لذلك فقط عن طريق تصعيد الاحتجاج يمكننا أن نحقق شيئا'.

ويرى صفوري أنّه يجب رفع درجة الاحتجاج وتصعيده، وتفاعل المجتمع وتأييده لهم، بالإضافة إلى قولهِ: 'يمكن أن يكون إغلاق الكنائس أداة للضغط ولكن المسؤولون يمكنهم أن يدرسوا الموضوع بشكل أعمق لمعرفة مدى نجاعته، لكننها تعتبر هذه الخطوة ممتازة كأداة ضغط'.

وطالب خوري باقتراحهِ على إدارة المدارس، الآباء والكهنة، بإغلاق الكنائس المسيحيّة في الأراضي المقدسة جميعها، والتنسيق لهذه الخطوة، مشيراً إلى إمكانيّة ضغط أخرى تتجلى في إعلان إغلاق المدارس الأهليّة نهائياً، لاجبار الحكومة على تدبير 33 ألف طالب في مدارسها.

اقرأ أيضا: الناصرة: مخيم 'أعطوا المدارس الأهلية حقوقها'

تأخّر إشراك الأهالي

ووجه خوري رسالة إلى جميع إدارات المدارس الأهليّة قائلاً: 'لقد تأخرت المدارس في إشراك الأهالي، وكنت أريد مطالبتهم بإشراك الأهالي في وقت مبكر كي يكون هذا النضال شعبيا، وأنا أناشد الأهالي بالصبر، والوقوف بجانب المدارس الأهليّة، كما وأطلب من أدارة المدارس الأهليّة تشكيل لجانات شعبيّة للأهالي لدعم هذا النضال'، مضيفاً أنّ إعلان الإضراب المفتوح هو أمر غير هيّن على الإطلاق، وتدويل وادخال الفاتيكان في الموضوع يمكن أن يؤدي إلى تعقيد أكبر.

واختتم خوري حديثه بأهمية هذه المدارس الوطنيّة التي تجمع كل أبناء الوطن الواحد معاً دون أي تميير بينهم، فهي صروح علميّة شامخة تقدم الرسالة العلميّة بحكمة وشرف وعطاء.

يُذكر أنّ هناك خيمة الاعتصام مستمرة لليوم الثاني على التوالي، قبالة مكتب وزارة التربية والتعليم في نتسيرت عيليت، وسيُفتتح في يوم الاثنين المُقبل 14.9.2015، مخيم ' أعطوا المدارس الأهليّة حقوقها' بمبادرة من مجلس الطائفة الأورثوذكسية في الناصرة.