في أعقاب المعطيات المقلقة، التي أظهرها التقرير السنوي لمؤسسة التأمين الوطني للعام 2014، حول حالات الفقر في البلاد، تبين أن نسبة الفقر في المجتمع العربي في ازدياد، وأن أكثر من نصف العائلات العربية تعيش تحت خط الفقر.

وبالمقارنة مع العام 2013، تبينّ أن نسبة العائلات الفقيرة قد ارتفعت من 51.7% إلى 52.6% في العام 2014، كما وأظهر أن الفقر يتعمق بشكل ملموس، في حين سجل ارتفاع في نسبة العائلات الفقيرة، وفي نسبة الفقر في وسط الأطفال.

وبينت المعطيات أن معدل الفقر العام للعائلات العربية (مع أولاد)، والتي تشكل أكثر من نصف عدد العائلات الفقيرة، قد ارتفع من 23% عام 2013 إلى 23.3% عام 2014.

 

وبحسب التقرير، فإن عدد الفقراء في البلاد في العام الماضي وصل إلى أكثر من 1.7 مليون نسمة، بينهم أكثر من 770 ألف طفل، ما يعني أن عدد الأطفال الفقراء قد ارتفع بـ20 ألفًا، في حين ارتفع عدد الفقراء بـ 34 ألفًا.

وبهذا الصدد، تقدم النائب عن التجمع الوطني الديمقراطي في القائمة المشتركة، د. باسل غطاس، بطلب لمركز أبحاث الكنيست لكي يفسر ظاهرة أن تحويلات مخصصات التأمين الوطني الشهرية لا تساعد العائلات العربية من أجل الارتقاء فوق خط الفقر كما هو الحال عند اليهود.

وذكر النائب وعضو اللجنة المالية، د. باسل غطاس، لعرب 48 'يتضح من خلال سلسلة تقارير ومعطيات الفقر في المجتمع العربي، على أنها مرض مزمن غير قابل للشفاء بوسائل العلاج الموجودة، وهذا يبدو بسبب سياسة المالية للحكومة السابقة'.

وأضاف أن 'المعطيات التي نشرها التأمين الوطني لا تظهر الحجم الحقيقي لصعوبة الفقر، حيث يحتاج الأمر إلى تحليل إضافي، وهذا ما قمنا به حيث أجرينا بحثًا وصلنا من خلاله إلى وجود فرق نسبي معين بين العرب واليهود قبل تحويل مخصصات التأمين الشهرية، سرعان ما يتحول الفرق بنسبة معينة إلى ضعفين لصالح اليهود بعد تحويل مخصصات التأمين'.

وتابع 'نستنتج من هنا أن العرب يصبحون أكثر فقرًا بضعفين عن اليهود، وبمعنى آخر أن التأمين الوطني بمخصصاته المختلفة يلعب دورًا في زيادة الفجوات بين العرب واليهود، وهذا ليس صدفة كون طبيعة المخصصات التي يحصل عليها اليهود هي من نوعية تختلف تماماً عما يحصل عليه العرب'.

وأردف أن 'التأمين الوطني مطالب بأن يحدث تغيير نوعي في مخصصات التأمين التي يدفعها للعرب، حتى لو احتاج الأمر أن يصمم مخصص تأمين خاص بالعرب يهدف إلى محاربة الفقر، وغير ذلك ستستمر فجوة الفقر بين العرب واليهود في ازدياد'.

واختتم 'عندما نرى أن ثلثي الأطفال العرب يعيشون في عائلات فقيرة فهذه مصيبة وكارثة كبيرة، فقد حان الوقت لتغيير جذري حتى لو احتاج الأمر إلى وضع خطة عمل أو الوصول إلى المحاكم، كما ويحتاج الأمر إلى تصعيد النضال الشعبي وأخذ الأمور على محمل من الجدية'.

وقال مدير المشاريع البحثية في مدى الكرمل، د. مطانس شحادة، لعرب 48 أننا 'قمنا بإصدار تقرير عن الفقر بالمجتمع العربي عام 2006، أطلقنا عليه حينها اسم الإفقار كسياسة، وهذا ما نراه من سياسة إفقار تجاه العرب'.

وأضاف 'عادة الدول تسعى إلى إخراج المواطنين من حالات الفقر، بينما نرى هنا أن هنالك سياسة تهدف إلى الحفاظ على مستوى معين من الفقر لدى العرب'.

وتابع أن 'هنالك عدة إمكانيات من أجل الخروج من الفقر، أولًا زيادة المشاركة في سوق العمل، ثانيًا، المشاركة في الفروع الاقتصادية التي تعتبر محرك النمو الاقتصادي كشركات الهايتك والخدمات المالية والاستثمارية، حيث أننا خارج هذه القطاعات الاقتصادية، ثالثًا، الاندماج بالاقتصاد العالمي وتخطي المعيقات المحلية'.

وتطرق إلى سياسات الحكومة منذ عام 2007، قائلاً إن 'سلطة التطوير الاقتصادي العربي فشلت في تغيير الأوضاع الاقتصادية، فإذا قمنا بمراجعة نسب المشاركة في سوق العمل والبطالة والدخل والمؤشرات الاقتصادية الأساسية في السنوات العشر الأخيرة، نستخلص أن الفجوات بين المجتمع العربي واليهودي قد زادت، على الرغم من وجود برامج وخطط للنهوض بالاقتصاد العربي التي لا تساهم بذلك، من منطلق أن تغيير الأوضاع الاقتصادية لا يتطلب فقط تغيير سياسات اقتصادية بل تغيير مكانة والتأثير في صناعة القرار وعلى وضع السياسات'.