شهد عام 2015 موجة عنف هستيرية غير مسبوقة على المجتمع العربي وضد النساء خاصة. 13 امرأة قتلن حتى اليوم من هذا العام، وأكثر من 50 في المئة من النساء اللواتي قتلن في البلاد هن عربيات.

يعاني المجتمع العربي من حالة عنف مستشرية ومع إزدياد ظاهرة القتل ارتفع أيضا عدد ضحايا العنف من النساء. فالنساء العربيات بين المطرقة والسندان، بين العنف والبطش، وبين المجتمع الذكوري المتسلط وتقاعس الشرطة. فقط في ثلاثة ملفات قتل من بين 13 ملفا قدمت لوائح اتهام ضد القتلة المجرمين.

أين مسؤولية المجتمع من قتل النساء؟

في الأسبوع الماضي عثر على جثة امرأة من قرية اللقية في العشرينات من عمرها. وهذا الأسبوع عثر على جثة امرأة قرب كفر قاسم ولم يتم بعد التعرف على هويتها بعد.

أما ضحايا القتل من النساء فهن شادية الشبلي (جرى تقديم لائحة اتهام)، نور غوطي، ناريمان مغربي، سندس شرموخ، بهية مناع، آمنة العبيد، تسنيم أبو قويدر (جرى تقديم لائحة اتهام)، مارين حاج يحيى- (جرى تقديم لائحة اتهام)، رائدة نجم، سهى منصور، نعمة أبو عرار، جنى الصانع، والأخيرة لا تزال مجهولة الهوية.

وعن ظاهرة القتل، قالت مديرة جمعية 'نعم' سماح سلايمة، لـ'عرب 48' إن '13 امرأة عربية قتلن في عام 2015، هذه هي الإحصائيات المريرة التي حكم علينا العيش في ظلها كنساء فلسطينيات في الداخل. شهد العام 2015 ارتفاعا ليس بعدد الجرائم فحسب بل وتطورت الجريمة لنشهد هذا العام جريمة مضاعفه ومصرع أم وابنتها من الرملة قتلتا بالرصاص في داخل سيارتهما، ناريمان مغربي وسندس شمروخ، وكذلك جريمة قتل شابة من مجد الكروم في الجنوب دهسا، وتسنيم أبو قويدر قتلت مسمومة، كل هذه الجرائم توحي أن العنف ضد المرأة في العام 2015 أشد وأعنف وأقسى، وتوحي منه رائحة الدم وخبرة الإجرام المنظم، وما زالت وسائلنا في المجتمع لمناهضته تحاكي القرن التاسع عشر من شجب، تأبين وندب'.

وأضافت أن 'الشرطة والجهاز القضائي يتقاعسان بعملهما المطلوب منهما وهو إنزال أشد العقوبة بحق المجرمين. كنت أودّ أن أرى قبسا من نور في نفق الجريمة ضد المرأة ففي هذا العام شهدت المظاهرات والاحتجاجات مشاركة رجال بعدد أكبر مما عهدناه في السابق ولمسنا اهتمام ممثلينا السياسيين بشكل أكبر وأوسع'.

تغيير مجتمعي

وقالت مديرة 'كيان- تنظيم نسوي' رفاه عنبتاوي، حول زيادة جرائم قتل النساء، 'كأننا نتحدث عن مجتمع يتعولم في أقل ذكورية وتسلط، والنساء يندمجن أكثر في التعليم والعمل والحياة العامة. عندما نرى أن العنف والقتل ضد النساء يتزايد يجب أن نضع علامة سؤال على التغيير في المجتمع، هل هو حقيقي أم شكلي؟ أما من ناحية ثانية فاليوم على مستوى المجتمع في هذه القضية يجب أن يكون التغيير بدءا من التربية في البيوت والمؤسسات، ولا يمكن أن نهمل باقي الجوانب وعلاقة القوة بين المرأة والرجل. القضية أكبر من جرائم القتل نتيجة لعلاقات موجودة على مستوى مجتمعي. وثالثا، التعامل من قبل مؤسساتنا وقياداتنا تحديدا مع هذه القضية ليس على مستوى خطورة الحدث. حتى عندما تقع جريمة قتل فالتعامل معها لا يحظى بالأولوية من الاهتمام، للأسف يتعاملون مع الجريمة بشكل سطحي، ولا تحظى هذه القضايا الخطيرة بالعناية المستمرة بشكل حقيقي وبصورة جذرية منهم وهذا يعطي شرعية للجريمة المقبلة. الجمعيات النسوية تقوم بمساءلة القيادات ولجنة المتابعة التي يجب أن يكون لها دور في هذه القضية. جاء الوقت أن نفكر بطرق مختلفة. رابعا، على مستوى البلاد وضعنا يزداد سوءا وهذا ينعكس على النساء فهن شريحة ضعيفة بالمجتمع. الشرطة لا تتعامل مع جرائم قتل النساء بشكل جدي، النساء المعنفات يتوجهن للشرطة عند تلقيهن تهديدات، والشرطة لا تحرك ساكنا والنتيجة بكل أسف قتلهن'.

نبذ المجرمين

وقالت مديرة جمعية 'نساء ضد العنف'، نائلة عواد، لـ'عرب 48' إننا 'نتحدث عن جرائم العنف ضد النساء بكل أشكالها، وأقساها القتل، ارتكبت جرائم القتل ضدهن لكونهن نساء. السبب بداية تسلط النظام الذكوري الأبوي المجتمعي ودائرة الكبت، وكونهن نساء ونظرة دونية تجاه النساء في كل المجتمعات. نحن جزء من أقلية قومية مهمشة وهناك عدة دوائر تمييزية تساهم في زيادة الجريمة، والتمييز ضد النساء ودفع الأثمان سواء حرمانهن من التعليم وتحقيق الذات في العمل المشروط'.
وأضافت أن 'النساء اللواتي يصلن إلى مأوى هن نساء معنفات وحياتهن بخطر ووجودهن بالمأوى يساهم في حمايتهن'.
وحملت الشرطة المسؤولية الأساسية في عدم حماية النساء المعنفات واتهمتها بالتقاعس التام ضد النساء العربيات.

وقالت إن 'المسؤولية تقع أيضا على القيادة السياسية والمجتمعية ورجال الدين بعدم المساومة على حقوق النساء وعدم التأتاة بشأن حقوق النساء ونبذ المجرمين. والحديث عن دولة تحوّل الميزانيات إلى الجيش في حين ينعدم فيها الأمن المجتمعي'.