يصادف يوم المرأة العالمي في الثامن من آذار في كل عام، مسافات تفصل بين انعتاق المرأة واشكال الاضطهاد والتمييز الذي تتعرض له المرأة رغم بعض الزوايا المضيئة.

الثامن من آذار ليس يوما احتفاليا في ظل ما تتعرض له المرأة العربية عامة والفلسطينية خاصة، بل هو يوم الكفاح المشهود من أجل الحرية والانعتاق من أصفاد العبودية التي نبذتها كل الديانات والأعراف الإنسانية، فالهيمنة الذكورية وأزماتها ووحشية السياسة والحروب تراوح في دائرة الاستبداد والتجبر والاستعباد الاجتماعي والسياسي.

ثقة وندية

اعتبرت المصممة المعمارية، أميرة خلايلة من سخنين، أن 'النظرة الذكورية العنيفة لا زالت مهيمنة على عالم المرأة'، ودعت عبر موقع 'عرب 48' المرأة إلى مواصلة كفاحها وألا تستسلم وأن ترفع رأسها عاليا وصوتها أعلى ضد كل أشكال التمييز والاضطهاد بثقة وندية، لأنها ليست أقل شأنا ودورا من الرجل بل تتفوق عليه.

وقالت إنه 'على المرأة ألا تسلم بنظرة المجتمع لأن في كفاحها وتقدمها وتحقيق الإنجازات وتعزيز مكانتها ما من شأنه أن يسهم في تغيير مفاهيم المجتمع والنظرة الذكورية'.

وشددت على أنه على المرأة أن تسعى بالتوازي للتحول إلى عنصر منتج اقتصاديا نحو الاستقلالية وفعال في الشأن الاجتماعي.

ورأت أن 'الحرية والاستقلالية ذات صلة وثيقة بالإنتاج والاستقلال الاقتصادي إلى جانب التشديد على الجانب التربوي والتثقيفي لدى الطلاب منذ الصفوف الأولى كما في البيت والشارع في تأكيد مكانة واحترام المرأة'.

وحول فيما إذا تغير شيئا هذا العام حول مكانة المرأة ودورها، أكدت أن 'هناك بعض الإيجابية ولدى بعض القطاعات من المجتمع، لكن بالمقابل عندما ننظر إلى الوجه الآخر من حجم التعنيف بكل أشكاله الرمزية والمعنوية والمادية فهناك نظرة عنيفة مؤلمة ناهيك عن حالات القتل البشعة والجرائم الفاضحة التي تنبذها كل الديانات والأعراف الإنسانية، وعلينا مواصلة كفاحنا دون هوادة'.

تغير تدريجي

وقالت المرشدة وربة المنزل، سمر حسين من كوكب أبو الهيجاء، لـ'عرب 48' إن 'هناك بعض التغير التدريجي بالنظرة للمرأة، لكنه لا زال بعيد جدا عن المرجو. الأهم في هذه المرحلة تنشئة جيل مختلف بثقافته ونظرته للمرأة'.

وأضافت أن 'الزاوية الوحيدة المضيئة في هذا الاضطهاد القاتم هو جيل أبنائنا الذي ألمس منهم الكثير من التعامل الندي في البيت مع الأخوات وكذلك في المدرسة، لكن حقيقة أن في الوجه الآخر  فإن يوم المرأة العالمي يحمل الكثير من الأسى، وعلى الرجل في المجتمع الذكوري أن يقف أمام ذاته ويفكر مليا ليعي أبعاد سلوكياته في هيمنة ذكوريته وممارسة الاضطهاد الاجتماعي. أدرك أن الرجل في وضعيتنا الخاصة يعاني أيضا قهرا اقتصاديا معيشيا وقوميا إلى جانب الترسبات الاجتماعية المتوارثة، لكن هذا لا يعطيه الحق في إسقاط إحباطاته وضعفه على من يستضعفه'.

تبديد اغتراب

واعتبرت الناشطة السياسية، نداء نصار من عرابة، أن 'توسيع مفهوم الوطنية هو عامل أساسي في التعامل مع حياة الناس. في يوم المرأة تحديداً لهذا العام، ومع تصاعد التحديات الاجتماعيّة التي نواجهها كمجتمع في العام الأخير والتي كان آخرها ما حصل في باقة الغربية حول عرض فيلم 'عمر'، إضافة إلى سعي السلطة الإسرائيلية المتعاقب لتضييق حيز العمل السياسي للفلسطينيين في إسرائيل، وهو دور وظيفي للدولة اليهودية يأخذ عدة أشكال كان آخرها حظر الحركة الإسلامية عن العمل السياسي'.

وأضافت أنه 'في هذا السياق، بات من الواضح لنا عدم القدرة على الفرز بين النضالات الاجتماعية والسياسية، وبات من الواضح أن بناء أي مشروع وطني جامع قادر على مواجهة السلطة، عليه أن يقوم أولا على مجتمع متماسك لا مجتمع محترب فيما بينه، وعلى مجتمع قادر على احتواء التعددية القائمة على النديّة، كرامة وحرية الإنسان الفرد. لقد أصبح من الواضح أن استنهاض الناس، كل الناس، وحثهم على أخذ دور في الحيز العام وفي العمل السياسي، يجب أن يسبقه تبديد لاغتراب الناس عن هذا الحيز، وتبديد للهويات الفئوية الضيقة على صراعاتها، والتي لم تقف عند حد تحويلنا إلى مجموعات متحاربة ومتصارعة على النفوذ والقوة، بل أيضا إلى أفراد، تنظم العلاقة بينهم وبين المحيط حسابات المنفعة الشخصية، الربح والخسارة، والهم الفردي الذي لا يتم دفعه ليتكامل مع الهموم العامة وليختلط معها'.

وأوضحت أن 'كل هذه الغربة، مدفوعة بقمع الفرد وكبت حريته، كفيلة ليس فقط بخلق آفات اجتماعية يستوجب التعاطي معها، بل أيضاً بحجب الإنسان عن الحيز العام والسياسة. من هنا، وفي يوم المرأة، وهو يوم نضالي نؤكد من خلاله على قيم الحرية والمساواة وكرامة الإنسان، يستوجب علينا الاحتكام إلى هذه المباديء وتصويب نضالاتنا كافة بما ينسجم معها. لا يكون ذلك إلا من خلال توسيع مفهوم الوطنية ليكون مفهوما يتعاطى مع حياة الناس ولا يدور على هامشها'.

اقرأ/ي أيضًا | في اليوم العالمي للمرأة.. ثوري على كل سلطة