* نسبة المشاركة بين النساء 51.2%، بينما ترتفع بين الرجال الى 62.1%
* الارتفاع في 2015 إلى 64% كان استثناء والمشتركة حصلت على 86% من الأصوات
* غالبية العرب لا تنصح بالتوصية على أحد مرشحي الحزبين الكبيرين لتشكيل الحكومة


تشير استطلاعات الرأي العام بين العرب الفلسطينيين في إسرائيل، إلى انخفاض متوقع في نسبة التصويت لانتخابات الكنيست، التي ستجري يوم الثلاثاء القادم، مقارنة مع الانتخابات الماضية التي سجلت نسبة تصويت مرتفعة، رافقت أجواء التفاؤل التي بعثها تشكيل القائمة المشتركة.

وتنضم خيبة الأمل من تفكيك القائمة المشتركة، إلى تبخر بعض الآمال التي علقتها الناس عليها، خاصة في ظل تمرير تشريعات عنصرية ومعادية للعرب، على غرار قانون القومية، واستمرار محاولات نزع الشرعية عن النواب العرب في الكنيست.

معهد يافا للأبحاث واستطلاعات الرأي، أجرى مجموعة من الاستطلاعات التي فحصت نسبة التصويت بين العرب، وتوزيع الأصوات بين القوائم العربية، ونسبة التصويت للأحزاب الصهيونية، كان آخرها الاستطلاع الذي أجري لصالح مبادرات "صندوق إبراهيم"، وأظهر تساويا في نسب التصويت بين القائمتين العربيتين وتوزيع المقاعد بينهما، وهبوطا في نسبة التصويت للأحزاب الصهيونية.

حول هذا الموضوع ولمزيد من إلقاء الضوء على ما قد تحمله الانتخابات القادمة من إخفاقات ونجاحات، أجرينا هذا الحوار مع د.عاص اطرش مدير معهد يافا للأبحاث واستطلاعات الرأي.

عرب 48: نتائج الاستطلاع الأخير كانت مفاجئة بعض الشيء، بما يتعلق بتساوي القائمتين العربيتين، الجبهة والعربية للتغيير ( 34.6%) والموحدة والتجمع ( ‏33.8%)‏، الأمر الذي يترجم بـ 6 مقاعد لكل منهما، خاصة وان غالبية استطلاعات الرأي السابقة كانت تظهر تقدما باديا لقائمة الجبهة والعربية للتغيير، ويكفي الإشارة إلى الاستطلاع الذي أجريته أنت في وقت سابق لصالح جامعة تل أبيب، وأعطى قائمة الجبهة والعربية للتغيير 39.6% أي ما يعادل 6-7 مقاعد وقائمة الموحدة والتجمع %23.3 ما يعادل 4-5 مقاعد؟

أطرش: من الواضح أنه كلما اقترب موعد الانتخابات نستطيع الحصول على صورة أكثر وضوحا عن النتائج المتوقعة، حيث ترسو الكثير من الأصوات العائمة، وتصل الترددات إلى مستقرها، وخلال تلك الفترة تحدث الكثير من التنقلات من حزب إلى آخر ومن كتلة إلى أخرى، وهي تنقلات تكون محكومة بالعديد من العوامل.

بالنسبة لتساوي القائمتين في نتائج الاستطلاع الأخير، فقد بدت زيادة شبه واضحة في نسبة المصوتين لقائمة الموحدة والتجمع عن الاستطلاعات التي سبقتها، ومن الجيد أن هذه الزيادة جاءت على حساب الأحزاب الصهيونية أساسا، حيث طرأ انخفاض على مستوى التصويت لهذه الأحزاب من ما يقارب الـ 25%  في الاستطلاع الذي أجري لصالح جامعة تل أبيب، وتوزعت فيه الأصوات على النحو التالي: "ميرتس" 10.3%، "كاحول لافان" 9.3%، "العمل" 3.3%، "الليكود" 2.2%، إلى ما يقارب الـ 15%، تتوزع على النحو التالي: ‏5.1%‏ لـ"ميرتس"، %‏‏6.2 لـ"كاحول لافان"، ‏1.1%‏ لـ"العمل"، و2.3% لـ"الليكود". كما أظهرت نسبة التصويت لقائمة الجبهة والعربية للتغيير ثباتا مع زيادة معينة، كذلك سجلت نسبة المشاركة في التصويت زيادة طفيفة.

ونحن نعرف أن هناك ميلا لدى الأصوات العربية للذهاب لمن هو بحاجة، خاصة وأن تعزيز القوي في حالتنا لن يجلب المزيد من النتائج، في حين تقوية الضعيف في هذه الحالة سيحافظ على 4- 5 مقاعد عربية.

عرب 48: يبدو أن هناك "تراجعا" ملحوظا في نسبة التصويت بين العرب في هذه الانتخابات، وإذا ما اعتبرنا نسبة التصويت التي رافقت تشكيل القائمة المشتركة في الانتخابات السابقة (64%) حالة استثنائية،  فهل تنخفض هذه النسبة إلى أقل مما كانت عليه في الانتخابات التي سبقتها 54% وتهبط إلى ما تحت "الخط الأحمر"، إن صح التعبير، أي إلى أقل من 50%؟

أطرش: لقد بدا التراجع في نسبة في الاستطلاعات التي أجريناها قبل أن تنفرط القائمة المشتركة، وتعزز ذلك مع تفكيكها وخوض الانتخابات بقائمتين، وهو ما ساهم في ازدياد الإحباط بين الناس، وأعطى المزيد من المبررات للمقاطعين لزيادة النشاط الداعي إلى عدم المشاركة في الانتخابات، حيث سجلت نسبة المشاركة في بعض استطلاعاتنا انخفاضا بنسبة 19% عن الانتخابات السابقة، ثم عادت لتستقر مؤخرا إلى ما فوق الـ 50% والتوقعات هي أن تعود إلى ما كانت عليه قبل انتخابات 2015.

جدير بالذكر أن نسبة المشاركة في انتخابات الكنيست بين العرب بدأت تنخفض بشكل حاد بعد انتخابات عام 1999، حيث صوت 74% منهم لإيهود باراك في الانتخابات المباشرة لرئاسة الحكومة، و"كافأهم" بقتل 13 شابا من أبنائهم في هبة القدس والأقصى عام 2000، بعدها حصل باراك على 22% من أصوات العرب عام 2001، في أول حملة مقاطعة منظمة شاركت فيها جميع الأحزاب العربية.

عرب 48: تلك النسبة ارتفعت عام 2015 بتأثير تشكيل القائمة المشتركة وما حملته من توقعات كبيرة؟

أطرش: حجم خيبة الأمل كان بحجم الأمل الذي علقه العرب على القائمة المشتركة، التي رفع تشكيلها نسبة التصويت إلى 64%، وحظيت بـ 86% من أصوات العرب الذين شاركوا في الانتخابات، وجرى الرهان عليها بأن تمثل العرب كأقلية قومية عربية بكل ما يعني ذلك من معنى، وهو رهان تضاءل مع تعاظم قوة اليمين، وتعطل عملية المفاوضات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وعدم قدرة القائمة على التصدي للتشريعات العنصرية وفي مقدمتها "قانون القومية" الذي قزّم مكانتنا في الدولة. أضف الى ذلك أزمات القائمة الداخلية مثل قضية التناوب وقضية التمثيل الحزبي التي أدت في النهاية لتفككها، لنعود إلى نسبة تصويت فوق الـ 50% بقليل.

عرب 48: لفت نظري أنه وبعكس المتوقع فإن نسبة الامتناع عن التصويت الأعلى هي ليست بين أوساط الشباب، حيث تبلغ نسبة المشاركة بين  الشباب لغاية جيل ‏24‏ عاما، ‏56.3%‏ وفي أوساط الشريحة العمرية من 25 - 34 عامًا ترتفع تلك النسبة إلى 60.3%؟

أطرش: نعم نسبة الامتناع الأعلى هي بين النساء بالذات، حيث تصل نسبة المشاركة بين النساء 51.2%، بينما ترتفع بين الرجال إلى 62.1% وهذا يعود ربما إلى التفاوت في الاهتمام بالسياسة عموما بين النساء والرجال.

كذلك الأمر بالنسبة للشباب الذين هم أكثر حماسا، ولذلك نرى المشاركة بينهم أعلى لتهبط في جيل النضوج 35 - 44 عامًا إلى %49.5، وبين الفئة العمرية 45 - 54 تبلغ ‏52.4%‏. بينما ترتفع مع التقدم في العمر لتصل بين الفئة العمرية 55 - 64‏ عاما، إلى %60 ثم تقفز إلى  %70 بين من تزيد أعمارهم على 65 عاما.

لوحظ من النتائج أيضا عدم ثقة الناخب العربي بأي من الأحزاب الصهيونية الكبيرة المرشحة لتشكيل الحكومة، وذلك بعكس موقف بعض الفئات السياسية، إذ أن 42.3% من الجمهور العربي لا ينصح بالتوصية على أي من حزبي "الليكود" و"كاحول لافان" بتشكيل الحكومة، مقابل 22.4 فقط ينصحون بالتوصية على "كاحول لافان" برئاسة غانتس، و8% ينصحون بالتوصية على نتنياهو.

عرب 48: الاستطلاع يفند أيضا الادعاء الذي يروج حول انشغال أعضاء الكنيست العرب بالسياسة العامة والقضية الفلسطينية بشكل لا يروق لجمهورهم، حيث يظهر أن مسألة إنهاء الاحتلال تحظى بالأولوية لدى 28% من المستطلعين، مقابل 26% تحظى بها قضية البناء وهدم البيوت، و15% لموضوع العنف والجريمة؟

أطرش: الناس تريد من أعضاء الكنيست العرب الاشتغال بالقضية الفلسطينية والسياسة العامة وفي السياسة المحلية واليومية بنفس القدر، وعدم إهمال جانب على حساب الآخر. وفي هذا السياق نرى أن 54% يعتقدون أن عمل أعضاء الكنيست العرب في المواضيع المدنية كالبنى التحتية والتعليم والرفاه لا يرتقي إلى المستوى المطلوب، علما أن 60% من المستطلعين يرون أن أعضاء الكنيست العرب يقومون بوظيفتهم كما يجب. ويبدو أن الناس تدرك أن الحديث يدور عن هيئة تشريعية هي الكنيست، وعن أعضاء عرب في المعارضة ويحاسبونهم على هذا الأساس.


د. عاص أطرش: باحث اقتصادي ومدير "معهد يافا للأبحاث واستطلاعات الرأي"