9 جرائم قتل في عام بعرابة البطوف: عصابات الإجرام تسلب الأمن والأمان
حوّلت عصابات الإجرام المنظم مدينة عرابة البطوف بمنطقة الجليل، شمالي البلاد، من "مدينة الأطباء والصيادلة مع نسب الأطباء الأعلى في العالم" إلى مسرح لجرائم قتل متتالية يندى لها الجبين.
ويستدل من المعطيات والإحصاءات التي جمعها "عرب 48" أنه منذ أيار/ مايو الماضي 2024 ولغاية اليوم، قُتل في عرابة البطوف 9 شبان في ريعان شبابهم، بعضهم لا علاقة له بالجريمة من قريب أو بعيد، وكل ذلك يحدث على مرأى ومسمع الأهالي وعلمهم بأن هناك صراعا بين عصابات الإجرام، لا يخفى عن عيونهم، فكيف يخفى عن أعين الشرطة وأجهزة الأمن المختلفة؟!
منذ مطلع العام 2025، قُتل في عرابة البطوف أربعة شبان بينهم الشابان مجد عبد صبحي غزال وفراس محمد صبحي غزال، برصاص الشرطة الإسرائيلية في حادثة ذات خلفية جنائية، ثم قُتل الشاب منير غزال، وبعده الشاب عنان نصار، إذ تم تفجير سيارته بعد تفخيخها بعبوة ناسفة أعقبها حريق للسيارة هدد حياة المواطنين في منطقة الانفجار.
رئيس بلدية عرابة البطوف، د. أحمد نصار، وعضو لجنة السلم العرابة، الشيخ معين الصح، يتحدثان لـ"عرب 48" عن العنف والجريمة في المدينة pic.twitter.com/BeRB9NaAGK
— موقع عرب 48 (@arab48website) April 15, 2025
وشهدت عرابة البطوف تحوّلا خطيرا منذ أيار/ مايو 2024، إذ اقتُرفت 5 جرائم قتل في النصف الثاني من السنة الماضية، راح ضحيتها كل من، صالح يوسف كناعنة، وحمزة الصح، وصالح زيدان عاصلة، ورباح سليمان قراقرة، ومحمد عبد غزال.
هذا التصعيد الحاد في العنف والجريمة يشير إلى استشراء الجريمة المنظمة، والتي لم تكن معروفة سابقا وبهذه الحدة في عرابة البطوف.
وقال رئيس بلدية عرابة البطوف، د. أحمد نصار، في حديثه لـ"عرب 48" إنه "نبذل في بلدية عرابة جهودا كبيرة في مسعى ومحاولة لمحاصرة ظاهرة الجريمة في المدينة التي ارتفعت بشكل حاد منذ نحو عام، وقد أقول سنة صعبة تمر على عرابة مع تسع جرائم قتل، خمسة جرائم خلال سنة 2024 وأربع جرائم منذ مطاع العام الجاري 2025".
وحمّل رئيس بلدية عرابة البطوف السلطات الإسرائيلية "المسؤولية عن الانفلات الأمني في عرابة"، مشيرا إلى أنه "نتحدث بصورة مباشرة مع الشرطة خلال الجلسات الدورية لنا معها شهريا، في الاستعراض الأخير للمعطيات خلال شهر رمضان، قالوا إن أحداث إطلاق النار في عرابة انخفضت بشكل لافت بنسبة 50% مقارنة مع السنة الماضية. نبارك هذا الانخفاض، وننظر بأهمية لهذا المعطى".
وأضاف أن "الشرطة تدعي أن هذا الانخفاض سببه أعمال ونشاطات قامت بها. إذا كانت الشرطة قادرة على تشخيص كل ظاهرة وأسبابها وتقوم بعمليات نوعية لتقليص هذه المظاهر فنحن نشجع ذلك، ولكن من حقنا كمواطنين أن نطالب الشرطة ليس فقط بخفض حالات إطلاق النار إلى النصف إنما العمل على خفض حقيقي لمعطيات الجريمة بشكل يمكننا من العيش مع هذه الأرقام ولا يفقدنا الأمن الشخصي المفقود حاليا".
وتطرق رئيس البلدية إلى بشاعة الجرائم ونوعيتها باستخدام عبوات ناسفة، وقال: "نحن أمام أرقام مقلقة فيما يتعلق بعدد جرائم القتل منذ بداية السنة، نخشى من النتائج المتوقعة مع نهاية سنة 2025، هذا يقلقنا كثيرا، ونطالب بتكثيف عمل الشرطة ومنع حصد هذه الأرواح للشباب في عرابة وغيرها، لدينا الكثير من الإمكانات لحل المشاكل عن طريق الوساطة وحل كافة الخلافات من خلال الحوار".
وختم نصار حديثه بالقول إنه "نأمل ونسعى إلى النجاح في وقف النزيف بعرابة، مع جهاز الشرطة، وأن نتوقف عن القول إن الشرطة لا تريد أن تعمل، وفي نفس الوقت أن نخرج من هذه الحالة التي تزعم فيها الشرطة أن السلطات المحلية العربية لا تتعاون معها. نريد ونسعى إلى استعادة الأمن الشخصي والعام للمواطنين، ونريد للشرطة أن تقوم بعملها كاملا وأن تكون حاضرة في عرابة كما تحضر في العفولة وأي بلدة يهودية كي نستطيع العيش بأمن وأمان. سلطات الدولة يجب أن تتحمل مسؤولياتها في البلدات العربية كما تفعل في البلدات اليهودية، وأن توّظف كل الإمكانات لاستعادة الأمن الشخصي في البلدات العربية".
وقال الناشط السياسي، ميمنة عكري، لـ"عرب 48" إنه "من المؤسف أنه أصبح مألوفا أن نسمع عن ضحية جديدة كل حين، وأن نعتاد على هذا المشهد ليس فقط بما يتعلق بالعنف والجريمة وكأن الدم العربي رخيص".
وأوضح أن "عرابة، كسائر بلداتنا العربية، تدفع الثمن من أمنها وأمانها، وسط تقاعس واضح من الشرطة، خاصة عندما نرى أن تدخلها دائما متأخرا، وإذا تدخلت فإنها تقمع ضد الأهالي الذين يصرخون من الوجع بدلا من حمايتهم، وكأنهم المشكلة".
وختم عكري بالقول إنه "نعي أن الحل على المدى البعيد يقع على مسؤولية الجميع من الناحية التوعوية، وبرامج الثقيف، وتعزيز الهوية، فالجيل الصاعد هو الأمل الحقيقي في إعادة بناء المجتمع، أما في الوضع الراهن والحالي فهناك ضرورة لتفعيل عمل اللجان الشعبية ولجان الصلح المحلية والقُطرية ومحاولة تخفيض الوتيرة التصاعدية وتطويق الأزمة".
وقال مدير مركز الوساطة المجتمعية في بلدية عرابة، غسان كناعنة، لـ"عرب 48" إنه "منذ إقامة المركز شكّلنا مجموعات بمشاركة مختلف الشرائح الاجتماعية في عرابة في مسعى لمكافحة مظاهر العنف في المدينة، ونحن نسعى إلى مواجهة العنف وإسقاط الشرعية عن مظاهر العنف المختلفة في المدينة".
وأكد أن "ما يتعلق بالجريمة فهو من مسؤولية الجهات الأمنية، ونحن نطالبها القيام بعملها لاستعادة الأمان في المدينة. هذا أمر خارج عن سلطة ومجال عمل المجتمع المدني. نسعى إلى تغيير جماهيري واجتماعي لنبذ العنف وإقامة الأطر المناسبة لنبذ العنف وتعميم روح التسامح والتربية لهذه القيم، كما نسعى أيضا إلى الضغط على الموقف الرسمي للشرطة والحكومة من خلال الاجتماع مع القيادات في المجتمع العربي للضغط على الحكومة والشرطة لزيادة فاعلية عملها في عرابة وغيرها لكبح مظاهر الجريمة".
وختم كناعنة بالقول إنه "على صعيد عملنا كمجتمع، نحن نسعى إلى إعداد خطط شمولية للتربية للقيم ونبذ العنف بمشاركة الهيئات الرسمية والشعبية والتربية، سواء في المدارس أو جميع الأطر، وتعميم ذلك لخلق رأي عام رافض للعنف".
وقال عضو لجنة السلم العرابية، الشيخ معين الصح، لـ"عرب 48" إنه "شكلنا منذ حوالي شهرين لجنة سلم عرابية، وذلك على ضوء الحاجة الماسة في المدينة لمعالجة قضايا ساخنة وأحداث العنف التي تسللت إلى عرابة".
وأضاف أنه "نسعى إلى خفض مستويات العنف وإصلاح ذات البين في جميع الخلافات والنزاعات الموجودة في المدينة، هذه اللجنة تمثل كافة الأحزاب، والعائلات، والطوائف، وشباب من مختلف الشرائح الاجتماعية، بهدف فض النزاعات، وحققنا نجاحات في الوصول إلى هدنة وهناك استجابة".
وأكد الصح أن "الناس تريد الأمن والأمان ولا تريد مواصلة سيطرة العنف والخوف والتوتر، فالصراعات بين العائلات (عنف مجتمعي) يمكن الوصول إلى حلول بشأنها بسرعة بسبب وجود عناوين، ولكن في حالات الجريمة فإن الأمر صعب بسبب عدم معرفة الجهات التي تقف خلفها، ونحن ندعو لحوار للوصول إلى حلول وتحصيل حقوق، وهي دعوة مفتوحة للجميع للتوجه للجنة السلم العرابية بهدف الوصول إلى حلول عقلانية بعيدة كل البعد عن مظاهر العنف والجريمة التي نرفضها جميعا".
وختم عضو لجنة السلم العرابية حديثه بالقول إن "مجتمعنا وصل إلى 76 جريمة قتل ولا زلنا في شهر نيسان. في عرابة سنوات طويلة لم نسمع فيها عن جرائم قتل، لكن اليوم خلافات تتطور وتتدهور بشكل لم يسبق له مثيل، ورسالتنا للشباب أنه نريد الحفاظ على بلدنا وبلدكم ومستقبلكم وأن نمد يد التعاون والوصول إلى هدف كل مواطن في عرابة يتمناه وهو استعادة الأمن والأمان، عرابة بلد المتعلمين والأطباء وهذه السمعة يجب أن تستعاد، شباب عرابة شباب طيب ونحن نوّجه إليهم رسالة نصح وحوار للخروج من هذا الطريق والتوبة عنه والتراجع للاستقامة، بل إن هؤلاء الشباب يمكنهم مساعدتنا في حل نزاعات، وبهذا يكونوا عونا لمجتمعهم لاستعادة الأمن والسلام في عرابة".
اقرأ/ي أيضًا | المتابعة تقرر تنظيم سلسلة تظاهرات احتجاجية أمام مكتب نتنياهو ضد تصاعد الجريمة
اقرأ/ي أيضًا | إدانة قاتل وفاء عباهرة من عرابة ووقفة احتجاجية أمام المحكمة
اقرأ/ي أيضًا | ارتفاع حاد وخطير في جرائم القتل بعرابة البطوف.. ما العمل؟