حلقة أخرى من الربيع العربي بوجه السلطات

شهد العالم على تحركات شبابيّة غير مسبوقة في كل من العراق والسودان والجزائر ومصر ولبنان، في السنة الأخيرة، وقوبلت تلك المظاهرات بالقمع مما نتج عن ذلك مئات القتلى والآلاف من الجرحى وأعداد تكاد لا تُحصى بين عزلٍ وخطف واعتقال، من

حلقة أخرى من الربيع العربي بوجه السلطات

(أ ب)

شهد العالم على تحركات شبابيّة غير مسبوقة في كل من العراق والسودان والجزائر ومصر ولبنان، في السنة الأخيرة، وقوبلت تلك المظاهرات بالقمع مما نتج عن ذلك مئات القتلى والآلاف من الجرحى وأعداد تكاد لا تُحصى بين عزلٍ وخطف واعتقال، من العراق إلى لبنان، حيث دفعت انتفاضات واحتجاجات غير مسبوقة رئيسي حكومتي البلدين إلى الاستقالة، ومن السودان إلى الجزائر حيث أدت التحركات الشعبية إلى إزاحة رئيسين في السلطة منذ عقود.

في العام 2011 شهدت دول عربية عديدة حركات احتجاج أدت إلى سقوط نظامي الرئيسين زين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر، وحتى هذا اليوم لا تزال تونس البلد الوحيد الذي يواصل عملية الانتقال الديموقراطي، وفي دول أخرى مثل سوريا واليمن وليبيا تطورت حركات الاحتجاج ضد السلطات إلى حروب لا تزال قائمة.

ثورة 25 يناير (أرشيفيّة)

بعد دعوات على شبكات التواصل الاجتماعي، تظاهر العراقيون في بغداد وفي جنوبي البلاد في الفترة من 1 إلى 6 تشرين الأول/ أكتوبر ضد الفساد والبطالة وتردي الخدمات العامة، وأسفر قمع الاحتجاجات عن سقوط أكثر من 150 قتيلًا، وتوقفت الاحتجاجات في فترة أربعينية الحسين، ثم استؤنفت مساء 24 تشرين الأول/ أكتوبر، عشية الذكرى الأولى لتنصيب حكومة عادل عبد المهدي، واكتسبت التظاهرات زخمًا مع مسيرات ضخمة في بغداد والجنوب دعت إلى "إسقاط النظام"، تسببت الاحتجاجات في إغلاق المدارس والإدارات، في حين استمر القمع واشتد لاحقًا.

مظاهرات العراق (أ ب)

وتعرض المتظاهرون لإيران، التي تمارس نفوذًا في العراق، وأشعل المتظاهرون النار في قنصليتها، وفي الأول من كانون الأول/ ديسمبر، يوم أمس الأحد، قبل مجلس النواب استقالة الحكومة، وبلغت حصيلة قمع الاحتجاجات أكثر من 420 قتيلاً معظمهم من المحتجين، وآلاف الجرحى في بغداد ومدن الجنوب.

وفي 17 تشرين الأول/ أكتوبر، أعلنت الحكومة فرض ضريبة على المكالمات التي تتم عبر تطبيقات المراسلة عبر الإنترنت، في سياق أزمة اقتصادية حادة، أدى هذا الإجراء، على الرغم من سحبه لاحقًا، إلى تفجير غضب اللبنانيين الذين نزلوا على الفور إلى الشارع، وكانت محاولة فرض تلك الضريبة هي القشة التي قصمت ظهر البعير، في ظل تراكمات من الفساد المستشري في لبنان.

مظاهرات لبنان (أ ب)

تجمع عشرات الآلاف من اللبنانيين في بيروت وطرابلس في الشمال وأيضًا في صور في الجنوب أو بعلبك في الشرق للمطالبة برحيل طبقة حاكمة تعتبر فاسدة وغير مؤهلة، وأغلق العديد من محاور الطريق، وفي 29 تشرين الأول/ أكتوبر، استقال رئيس الوزراء سعد الحريري، لكن التظاهرات استمرت مطالبة بتشكيل حكومة تكنوقراط ومستقلين، وظلّت الاحتجاجات سلمية إلى حد كبير، على الرغم من توقيف عدد من المتظاهرين ومن تعرض أنصار حركة أمل وحزب الله لبعض تجمعات المتظاهرين ومهاجمتها.

في 19 كانون الأول/ ديسمبر 2018 تظاهر مئات السودانيين احتجاجًا على زيادة سعر الخبز ثلاثة أضعاف، أصبحت التظاهرات أسبوعية وسرعان ما طالبت برحيل عمر البشير الذي حكم طيلة 30 عامًا، وفي السادس من نيسان/ أبريل 2019، تحولت حركة الاحتجاج إلى اعتصام في الخرطوم أمام مقر القيادة العامة للجيش، وفي 11 من ذلك الشهر، عزل الجيش البشير وتم تشكيل مجلس عسكري انتقالي، لكن آلاف المتظاهرين واصلوا اعتصامهم أمام المقر العام للجيش واصفين ما جرى بأنه "انقلاب".

مظاهرات السودان (أ ب)

وفي 3 حزيران/يونيو، قام مسلحون باللباس العسكري بتفريق المعتصمين، وبعد مفاوضات، تمّ في منتصف آب/ أغسطس التوقيع على اتفاق بين الجيش وقادة الاحتجاج بوساطة من إثيوبيا والاتحاد الأفريقي، وشكّل السودان المجلس السيادي الذي يضم غالبية من المدنيين ويتولى عسكري قيادته للإشراف على مرحلة انتقالية لأكثر من ثلاث سنوات يفترض أن تؤول إلى إجراء انتخابات، وأوقع قمع المحتجين أكثر من 250 قتيلًا بحسب لجنة أطباء قريبة من حركة الاحتجاج.

وفي 22 شباط/ فبراير بدأت تظاهرات حاشدة ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة بعد أن هزلت صحته منذ إصابته بجلطة عام 2013، وفي 2 نيسان/ أبريل استقال بوتفليقة تحت ضغط الشارع والجيش.

لكن المتظاهرين استمروا في النزول إلى الشارع بأعداد غفيرة كل يوم جمعة مصرين على رحيل كافة رموز "النظام" الموروث من عهود بوتفليقة المتعاقبة التي استمرت عقدين، وبينهم رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح، الذي أصبح الرجل الأقوى في البلاد، وحددت السلطات موعد الانتخابات الرئاسية في 12 كانون الأول/ديسمبر، بعد إلغاء اقتراع تموز/ يوليو لعدم توفر مرشحين، متجاهلة رفض الحراك تنظيم هذه الانتخابات طالما لم ترحل رموز النظام السابق، وتشجب منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية القمع المتزايد للحراك الشعبي.

مظاهرات الجزائر (أ ب)

وفي 20 أيلول/ سبتمبر 2019 تظاهر مئات الأشخاص في القاهرة ومدن أخرى للمطالبة برحيل الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يحكم البلاد منذ عام 2014، ونُظم اعتصام ليلي في العاصمة في ميدان التحرير رمز ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق مبارك، وانطلقت التظاهرات غير المتوقعة في ظل القمع الذي يمارسه نظام السيسي، إثر نشر رجل أعمال يقيم في المنفى أشرطة فيديو متهمًا الرئيس بالفساد، وبعد أسبوع، نظمت تظاهرات محدودة.

التعليقات