حوار مع د. عبد العليم محمد الباحث في مركز الأهرام للدراسات الإستيراتيجية

حوار مع د. عبد العليم محمد الباحث في مركز الأهرام للدراسات الإستيراتيجية
يهتم موقع عرب 48 عندما تتوفر الفرصة أن يتحاور ويتعرف على افكار شخصيات عربية قومية، ديموقراطية وليبرالية من الوطن العربي وذلك من باب التواصل القومي مع عالمنا العربي.

وهؤلاء الذين نحاورهم أصبحوا أصدقاء لموقعنا، بعد أن تعرفوا عليه من خلال متابعته يوميا، وقد اخترنا في هذا اللقاء مع الدكتور عبد العليم محمد الباحث في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية .

يعتبر د. عبد العليم محمد أحد أبرز المحللين الاستراتيجيين في مصر وأحد المهتمين بالشأن الاسرائيلي، وله التزام واضح بالخط القومي العربي والديموقراطي، د . عبد العليم محمد تحدث عن أهمية الانتخابات الفلسطينية وضرورة إعادة تفعيل كافة هيئات منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الوعاء الجامع لكل الفصائل الفلسطينية. وأكد على أهمية دخول حماس والجهاد للمنظمة من اجل تطوير وتنسيق العمل الوطني الفلسطيني.

الانتخابات مهمة جدا بالنسبة للشعب الفلسطيني لأنها تثبت للعالم أن هذا الشعب قادر على إدارة السلطة الفلسطينية وإدارة قضيته بعد غياب عرفات، وأنه شعب قادر على بناء نموذجه الديمقراطي وأقيمت هذه الانتخابات في ظل ظروف استثنائية بالغة الصعوبة. فهناك الاحتلال على الأرض الفلسطينية فضلا عن عشرات الحواجز الثابتة والمتحركة، والتي قال عنها أحد المراقبين الدوليين، ميشيل روكار، إنها بلغت 100 حاجز ثابت وغيرها عشرات الحواجز المتحركة. كما حدثت بعض المشاكل والتعويقات الإسرائيلية في القدس المحتلة حتى أن عدد المشاركين في الانتخابات لم يتعد ستة آلاف ناخب بينما عدد المسجلين في القدس يتجاوز 124 ألف مواطن فلسطيني.


لا يمكن أن يكون صعود محمود عباس (أبو مازن) بداية لحرب أهلية فلسطينية، فالرجل هو رفيق نضال للزعيم الراحل ياسر عرفات وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وقائد فلسطيني معروف منذ عقود طويلة. كما انه يحظى بدعم حركة فتح وهي كبرى الفصائل الفلسطينية، وحتى قطاع الشباب داخل فتح يؤيد أبو مازن ممثلا في مروان البرغوثي أمين سر الحركة في الضفة الغربية والذي أعلن دعمه وتأييده لأبو مازن . صحيح أن بعض الفصائل الفلسطينية سهّل لأبو مازن الانتخابات بعدم الاشتراك فيها وأعني بذلك حركتي حماس والجهاد، ولكن ذلك لا يعني أن أبو مازن لا يحظى بشعبية بل له شعبية كبيرة ستزداد لو استطاع توفير ظروف حياتية أفضل للشعب الفلسطيني. أما الحرب الأهلية فان الشعب الفلسطيني لا يمكنه الانزلاق إلى هذا المستنقع بسهولة وكل الفصائل تعتبر أن الدم الفلسطيني خط احمر، رغم أن إحدى المهمات التي يطرحها أبو مازن على نفسه هي ضبط فوضى السلاح الفلسطيني ويطرح شعار (صوت واحد وبندقية واحدة ) ويقف ضد عسكرة الانتفاضة، وأيضا رغم أن حركتي حماس والجهاد وبعض التيارات في فتح تقف ضده في هذا التوجه.


التورط فيها أمر وارد ولكن ليس بالصورة التي يريدها ويتمناها الخصم، ويمكن حدوث بعض الاحتكاكات المحدودة كما حدث في أحداث مسجد فلسطين بقطاع غزة من قبل ولكنها عمليات يمكن السيطرة عليها بسهولة.



*** يعتبر قطاع غزة شوكة في حلق إسرائيل من الأربعينات وحتى الآن، ولم يأت ذكر غزة في التوراة كما أن المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة لا تمثل إلا عدداً محدوداً من المستوطنات تحميه إسرائيل بآلاف الجنود والمعدات مما يمثل عبئا على كاهلها. والحدود الدولية مع مصر مؤمنة وفق ترتيبات معاهدة كامب ديفيد. كما يريد شارون احتواء الضغوط الدولية - لو صح أنها ضغوط -ويريد الظهور أمام العالم بمظهر رجل السلام الذي ينسحب منفردا من قطاع غزة، ويوفر شارون بانسحابه الأحادي من غزة جوا من الثقة داخل إسرائيل ويستطيع أيضا الحصول على مساعدات أمريكية ضخمة في مقابل تغطية نفقات الانسحاب رغم انه يستطيع الانسحاب بالفعل دون نفقات تذكر. وقد حدث ذلك عند إجراء الانتخابات الفلسطينية مما يوضح أن الحصول على هذه المنح والمساعدات ليس إلا عملية نصب كبيرة. ويستطيع شارون التذرع بأي عملية مقاومة كي يوقف الانسحاب من غزة أو إعادة احتلالها مرة أخرى .

***لا يستطيع شارون الإفلات من خريطة الطريق والعالم لا يفسر انسحابه من قطاع غزة والمستوطنات الأربع شمال الضفة الغربية إلا على انه جزء من خريطة الطريق ويتم تسويق الانسحاب عالميا على انه جزء منها سواء شاء شارون أم أبى.
وحتى خريطة الطريق تحفظ عليها شارون ووضع عليها أربعة عشر تحفظا تفرغها من مضمونها، ويعلق شارون أي مفاوضات مقبلة مع الجانب الفلسطيني على قدرة السلطة على وقف ما يسميه "بالإرهاب الفلسطيني "ويطلب من السلطة الفلسطينية الضعيفة القيام بما فشلت فيه إسرائيل بكل أجهزتها وجيشها الكبير، ويتناسى شارون أهمية الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين وليس الإفراج عن عشرات الجنائيين وبعض من قاربت مدة سجنهم على الانتهاء ووقف هدم المنازل واغتيال القادة وهو ما تسميه إسرائيل "الملاحقة الساخنة "وقصف المدن والمخيمات.



الصورة الآن تغيرت فالعقبة التي ظلت إسرائيل تتحدث عنها قد زالت وهي ياسر عرفات "الشيطان والممول للإرهاب والمحرض عليه" والى آخر تلك الصفات التي وصمته بها إسرائيل، أما أبو مازن فهو -في نظرهم - المثقف، المعتدل، المنفتح، وهم يريدون منه ضرب المقاومة بيد من حديد وأن يتنازل عن القدس وحق العودة، وبالطبع لن يفعل أبو مازن مما سيدفعهم - حسب توقعي - إلا تكرار نفس سيناريو أبو عمار، وعندها سيكون أبو مازن هو الشيطان الذي يسير على خطى عرفات والممول للإرهاب. وسيقولون إن كل القادة الفلسطينيين سواء، وهم يدركون أن أي زعيم فلسطيني لن يرض بأقل من المشروع الوطني الفلسطيني ودولة فلسطينية مستقلة على كامل ارض الضفة والقطاع عاصمتها القدس الشريف وضمان حق عودة اللاجئين.


الدور المصري يحكمه فكرة واحدة وهي أن السياسة لا تعرف الفراغ، والإدارة المصرية كانت تقوم بدور الوسيط عندما كان الرئيس الأمريكي مشغولا بالانتخابات الرئاسية الأخيرة وحاولت مصر أن تبدو بمظهر الحريص على السلام وذلك بعرضها الوساطة وتدريب كوادر الشرطة الفلسطينية والموافقة على وجود مصري في محور فيلاديلفي، وهذا الوجود المصري له مميزاته ولكن ستكون مميزات تافهة إذا حدث المحظور ووجهت البندقية المصرية إلى الصدر الفلسطيني وهو أمر ينتبه إليه الجميع ولن يحدث أبدا لان الإدارة المصرية تقدر قدسية الدم الفلسطيني والدور المصري مهم للغاية بالنسبة للشعب الفلسطيني على المستوى النفسي، فالشعب الفلسطيني لا يود الشعور انه بمفرده في مواجهة إسرائيل كما أن الدور المصري يساعد في لجم العدوان الإسرائيلي، ولا يريد الشعب الفلسطيني أن يعيش في عزلة عن محيطه العربي بفعل الأنظمة العربية كما حدث مع عرب 48 لسنوات طويلة.

تواجه منظمة التحرير الفلسطينية مشاكل كبيرة بدأت مع اتفاقيات أوسلو بسبب غياب المنظمة عن الواقع الفلسطيني وقيام السلطة الفلسطينية رغم أن المرجعية الأساسية لكل الاتفاقيات هي المنظمة. وأرى ضرورة دخول كل المنظمات الفلسطينية للمنظمة، خاصة حركتي حماس والجهاد، من اجل تفعيل المنظمة ولا يمنع ذلك رفض الحركتين لخط أوسلو لأن فصائل داخل المنظمة لا تعترف بأوسلو وما نتج عنها ولم يمنع ذلك من استمرارها في منظمة التحرير الفلسطينية. ويجب على الجميع الالتزام بمبدأ الديمقراطية التي تسمح للأغلبية بقيادة العمل الفلسطيني مع التشاور والتنسيق مع الأقلية.

التعليقات