"سوريا ستبدأ الانسحاب الى البقاع يوم الاثنين"

بشارة: سوريا ولبنان تحددان الجدول الزمني لانسحاب القوات السورية الى الحدود * ويضيف: "الاحتلال الاسرائيلي للبنان والتهديدات الاسرائيلية المستمرة كانت العائق الرئيسي الذي أجّل تنفيذ اتفاق الطائف"

قال وزير الدفاع اللبناني، عبد الرحيم مراد، ان سوريا ستبدأ سحب قواتها من لبنان الى وادي البقاع يوم الاثنين،  في أول مرحلة من الانسحاب الذي  تقول سوريا انه سيكون  سريعا على مرحلتين.


وأضاف مراد ان "انسحاب القوات السورية من لبنان يبدأ غدا الاثنين بعد اجتماع المجلس الأعلى السوري اللبناني" الذي سيعقد  في دمشق برئاسة الرئيسين اللبناني اميل لحود والسوري بشار الأسد وكبار المسؤولين من البلدين.

وتابع مراد ان "انسحاب الجيش السوري سيتم من كامل منطقتي الجبل والشمال اللبناني باتجاه منطقة البقاع حسبما نص اتفاق الطائف."

وكان الأسد قد أبلغ البرلمان السوري، امس السبت،  بان القوات السورية ستنسحب مبدئيا الى وادي البقاع بشرق لبنان ثم الى منطقة الحدود.

وأضاف "بانتهاء هذا الإجراء تكون سوريا قد أوفت بالتزاماتها حيال اتفاق الطائف ونفذت مقتضيات قرار (مجلس الامن رقم) 1559 ."

وأنهى اتفاق الطائف الحرب الاهلية في لبنان التي استمرت من عام 1975 الى عام 1990 والذي ينص بين نقاط أخرى على انسحاب القوات السورية من معظم أنحاء البلاد خلال عامين بينما يدعو القرار 1559 الذي اصدره مجلس الامن في  ايلول الماضي الى خروج القوات الاجنبية من لبنان.

ودعت منظمة حزب الله اللبنانية وحلفاؤها المحليون اليوم الاحد،  لتنظيم مظاهرة سلمية حاشدة في قلب بيروت يوم الثلاثاء تأييدا ل سوريا وللتنديد بأي تدخل أجنبي.

وقال الأمين العام لحزب الله اللبناني الشيخ حسن نصر الله: "سندعو يوم الثلاثاء المقبل الساعة الثالثة بعد الظهر الى تجمع شعبي جماهيري حاشد في ساحة الرئيس رياض الصلح في وسط بيروت قرب مبنى (الاسكو) وليس في ساحة الشهداء."

وأضاف نصر الله في مؤتمر صحفي عقده في الضاحية الجنوبية لبيروت في ختام اجتماع للأحزاب المؤيدة لسوريا "شعاراتنا ستكون موحدة والعلم الوحيد الذي سيرتفع هناك هو العلم اللبناني باسم حزب الله وباسم الأحزاب والقوى اللبنانية المجتمعة."

وأعلن نصر الله  ان تنظيمه لن  يلقي السلاح لان اللبنانيين لايزالون بحاجة للمقاتلين كي يدافعوا عن البلاد في مواجهة اسرائيل.

وقال للصحفيين ان المقاومة لن تلقي سلاحها لان لبنان بحاجة الى المقاومة للدفاع عن نفسه.

الى ذلك من المتوقع أن يزور مبعوث الامم المتحدة الخاص تيري رود لارسن بيروت ودمشق الاسبوع الحالي لمناقشة "التنفيذ الكامل والفوري لقرار مجلس الامن رقم 1559 ."

وقالت ايران انها تحترم أي قرار سوري لبناني مشترك رغم أنها لا تريد أن تتعرض وحدة لبنان أو سيادته للخطر.

وقال حميد رضا اصفي المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية في طهران "ولكن الضغط على الحكومة السورية مع استخدام الانسحاب من لبنان كحجة يبدو أنه خطة مرسومة مسبقا من جانب جماعات الضغط الصهيونية لحماية بقاء اسرائيل وسياساتها التوسعية."

وكان  الرئيس السوري بشار الأسد قد قال، امس السبت، إن سوريا لن ترضى البقاء ولو ليوم واحد في في لبنان إذا كان هناك إجماع لبناني على خروجها. وأضاف في خطاب القاه أمام مجلس الشعب السوري (البرلمان) انه "لا يجوز ان نبقى يوما واحدا اذا كان هناك إجماع لبناني على خروج ..لا يجوز ان تكون سوريا في لبنان موضع خلاف أوانقسام لان سوريا دخلت لمنع التقسيم فلا يجوز ان تكون هي موضوع انقسام بين اللبنانين."

وبدا من تصريحات اقطاب المعارضة اللبنانية ان خطاب الرئيس السوري قد اربكها حيث قال زعيم الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط شيئا فيما قال قطبي المعارضة الرئيس اللبناني الاسبق امين جميل وميشيل عون نقيض اقوال جنبلاط.

ففيما رأى جنبلاط ان خطاب الرئيس الاسد "ايجابيا" زعم الاخران انه لا يحمل اي جديد واعتبرا انه يتوجب سحب القوات السورية فورا من لبنان.

من جهة اخرى افادت وكالات الانباء وشبكات تلفزيون بانه فور انهاء الرئيس الاسد القاء خطابه انطلقت مظاهرات في بيروت وطرابلس والنبطية في لبنان مؤيدة للرئيس السوري وتطالبه بوقف سحب الجيش السوري من لبنان. وأوضح ان "الانسحاب لا يمس المصالح السورية في لبنان..بالعكس الانسحاب يعزز المصالح السورية بمعزل عن الظروف الحالية..لذلك بدأنا الانسحاب منذ خمس سنوات وسحبنا اكثر من 63 بالمئة من القوات فقد كان عدد الجيش 40 الفا واصبح الان 14 الفا."

وأضاف: "استكمالا للخطوات التي نفذت سابقا في إطار اتفاق الطائف والذي يتماشى مع القرار 1559 سنقوم بسحب قواتنا المتمركزة في لبنان بالكامل الى منطقة البقاع ومن ثم الى منطقة الحدود اللبنانية السورية."

وقال الاسد "ان كل ذلك لم يعن تخلي سوريا عن مسؤولياتها تجاه الاخوة والاصدقاء في لبنان الذين جمعتنا وإياهم وحدة الهدف والارادة في لحظات حرجة من تاريخنا المشترك بل ستبقى سوريا حصنهم ومرجعهم والداعم لهم بكل الأوقات وسوف تبقى معارك الشرف التي قدناها معا رمزا للتلاحم المصيري بيننا والذي سيتعزز في المستقبل."

وأشار الأسد الى ان "انسحاب سوريا من لبنان لا يعني غياب الدور السوري فهذا الدور تحكمه عوامل كثيرة جغرافية وسياسية وغيرها بالعكس تماما نكون أكثر حرية وأكثر انطلاقا في التعامل مع لبنان."

واضاف "أقول لهم ان 17 ايار (مايو) الجديد يلوح في الأفق فاستعدوا لمعركة اسقاطه كما فعلتم قبل عقدين."

واضاف الأسد: "سنقوم بسحب قواتنا المتمركزة في لبنان بالكامل الى البقاع ومن ثم الى منطقة الحدود اللبنانية - السورية. وقد اتفقت مع رئيس الجمهورية اللبنانية السيد اميل لحود على ان يجتمع المجلس الاعلى السوري - اللبناني في بحر الاسبوع الحالي لاقرار خطة الانسحاب. وبانهاء هذا الاجراء، تكون سوريا قد اوفت بالتزاماتها حيال اتفاق الطائف ونفذت مقتضيات القرار 1559".

واعتبر الاسد القرار 1559 "يكرس تدخل بعض الأطراف الخارجية في الشأن اللبناني، ولا علاقة له والتمديد للحود". واعتبر ان "بعض البنود المخفية ل1559 جرى الإعداد لها بعد الحرب على العراق مباشرة".

وفي رده على اتهام سوريا بدعم ما تعتبره واشنطن "الارهاب في العراق"، قال الاسد ان "استقرار العراق كان في مركز اهتمامنا ولذلك شجعنا على الانتخابات، وقمنا بكل ما من شأنه أن يحفظ استقرار العراق ضمن الإمكانيات المتاحة". وأضاف ان سوريا طالبت الاميركيين بتقديم أدلة على اتهاماتهم لها لكنهم لم يفعلوا.
وقال عضو الكنيست د. عزمي بشارة، تعقيبا على خطاب الرئيس السوري، بشار الأسد، والتعليقات الاسرائيلية عليه، "ان تعامل القيادة السورية مع القرار 1559 ليس ناجماً عن الاقتناع بانه قرار عادل ،فهو قرار غير عادل ويخالف ميثاق الامم المتحدة ذاتها، لكنها واقعية سياسية لا تتجاهل اخطاره وقد ترك الخطاب للبنانيين لمواجهة هذه الاخطار والرد عليها بالتعاون مع سوريا".

واستغرب الدكتور بشارة، في مقابلة مع الاذاعة الاسرائيلية باللغة العبرية، صباح هذا اليوم الاحد، حرص اسرائيل على تنفيذ القرار 1559، وقال للراديو الاسرائيلي :" ليس من حقكم الحديث عن قرارات مجلس الامن فأنتم لا تنفذوا هذه القرارات منذ اكثر من 35 عاما".

ورداً على سؤال المذيع الاسرائيلي حول استخدام كلمة احتلال سوري في لبنان قال بشارة:" ان سوريا موجودة في لبنان بناء على اتفاق بين دولتين عربيتين بغطاء عربي وموافقة دولية، وقد نفذ هذا التواجد السوري العسكري مهمته بتوحيد لبنان ومنع تقسيمه، والانسحاب السوري الى منطقة البقاع هو تنفيذ متأخر لاتفاق الطائف. اما مستقبل الانسحاب الى الحدود فيحدد جدوله الزمني بين الدولة اللبنانية والدولة السورية وليس لاسرائيل علاقة بذلك بل ان احد العوائق التي اجلت تنفيذ الطائف هي الاحتلال الاسرائيلي للبنان والتهديدات الاسرائيلية المستمرة".

وتمنى النائب بشارة في المقابلة للشعب اللبناني دوام الازدهار والتقدم وان يكون لبنان دولة ديموقراطية لجميع مواطنيها تتجاوز التقسيم الطائفي ورفض مقولة الاحتلال التي تميز علاقة اسرائيل بالشعب الفلسطيني بل ان لبنان اليوم حتى قبل تنفيذ هذه الخطوات هو اكثر ديموقراطية من أي دولة عربية اخرى من حلفاء الولايات المتحدة.

كما اكد ان العلاقة بين الشعبين والدولتين في سوريا ولبنان تعود الى ما قبل الوجود العسكري السوري المباشر وسوف تستمر، كما ان الخلافات والنقاشات في داخل لبنان حول قضايا متعلقة ببنية البلد وعلاقاته مع محيطه قائمة قبل الوجود السوري في لبنان بعشرات السنين وتمثل هذه الخلافات قوى سياسية وطبقية واجتماعية شرعية سوف تواصل حوارها في المستقبل وسوف تصيغ اجماعه الوطني بشكل ديموقراطي.
واستقبل اللبنانيون اعلان الأسد بصيحات الفرحة في وسط بيروت، بينما وصفت شخصيات معارضة في لبنان وزعماء أوروبيون بحذر الاجراء بأنه ايجابي.

إلا أن واشنطن التي تقول إن "دعم سورية للارهاب" يعوق عملية السلام في الشرق الاوسط، وصفت خطط سورية للانسحاب التدريجي من لبنان بأنها غير كافية وكررت مطالبها بالانسحاب السوري الكامل والفوري.

وقالت صحيفة "السفير" اللبنانية، في مقال افتتاحي في الصفحة الاولى: "نستفيق في لبنان اليوم على معطى سياسي جديد على افتتاح مرحلة في تاريخ البلد."

أما صحيفة "المستقبل" اليومية المملوكة من عائلة الحريري، فوصفت إعلان بشار بأنه "حدث تاريخي".

وقالت بثينة شعبان، وزيرة شؤون المغتربين السورية، إنّ الجيش السوري يريد أن ينسحب من لبنان في أسرع وقت ممكن لوجستيًا.

وتابعت شعبان لقناة "ال.بي.سي" التلفزيونية اللبنانية "الجيش السوري يريد أن ينسحب في أسرع وقت ممكن لوجستيا ..فالقرار السياسي اتخذ في الانسحاب الكامل"، مضيفة أنّ اجتماعًا سيعقد بين الرئيسين السوري واللبناني يوم غد (الاثنين) للاتفاق على التفاصيل بما في ذلك جدول زمني.

وقالت الولايات الولايات المتحدة الأمريكية إن تعهد الاسد بالانسحاب غير كاف. وقالت ايرين هيلي، المتحدثة باسم البيت الابيض: "نحن نعني الانسحاب الكامل.. لا خطوات مترددة."

ووصفت روسيا وبريطانيا والاتحاد الاوروبي اعلان الاسد بأنه خطوة أولى تجاه الانسحاب الكامل.

وقال عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، لوكالة أنباء الشرق الاوسط المصرية عن اعلان الاسد: "أعتقد أن هذا يطلق عملية ايجابية نحو تنفيذ اتفاق الطائف من ناحية والحفاظ على الاطار العام للعلاقة السورية اللبنانية، من دون أن يكون هناك أي تعويقات فيما يتعلق بتنفيذ اتفاق الطائف أو مستحقات القرار 1559 ."

التعليقات