المؤتمر القومي العربي يعود للقاهرة وفهمي هويدي يكتب: مصر العربية تحييكم

وتابع هويدي بأن خروج مصر من الحاضنة العربية كان مدخلاً للتواجد بذلك المعسكر المشبوه ، فتبعه انقلابا على ثقافة وقيم المرحلة التى قادت فيها مصر حركة التحرر الوطنى وتصدت للهيمنة الغربية وراهنت على وحدة الأمة العربية.

المؤتمر القومي العربي يعود للقاهرة وفهمي هويدي يكتب: مصر العربية تحييكم


تحدث الكاتب والصحفي فهمي هويدي عن عودة المؤتمر القومى العربى للانعقاد بالقاهرة، بعد غيبة استمرت خمسة عشر عاما، ظل خلالها ممنوعا من الدخول ومدرجا ضمن القوائم السوداء الموزعة على مطارات مصر، باعتباره كيانا غير مرغوب فيه .

وأوضح هويدي فى مقاله الإسبوعي بجريدة " الشروق" اليوم السبت، أن سبب غياب المؤتمر تصنيف النظام السابق بإعتباره كنزاً استراتيجيا وهو ما حال بينه وبين الإعتزاز بالإنتماء للأمة العربية والتعلق بحلمها فى الاستقلال والتقدم ، وكان هذا التباعد من تداعيات وتجليات مرحلة ما بعد معاهدة السلام مع إسرائيل التى أخرجت مصر من الصف العربى ورشحتها للانضمام إلى معسكر «الاعتدال» الأمريكى الإسرائيلى.

وتابع هويدي بأن خروج مصر من الحاضنة العربية كان مدخلاً للتواجد بذلك المعسكر المشبوه ، فتبعه انقلابا على ثقافة وقيم المرحلة التى قادت فيها مصر حركة التحرر الوطنى وتصدت للهيمنة الغربية وراهنت على وحدة الأمة العربية.

وذكر هويدي بمقاله أن أول وآخر مرة انعقد فيها المؤتمر العربى فى مصر كان فى سنة 1998 (المؤتمر أسسه نخبة من المثقفين العرب فى بيروت سنة 1990)، وكان هويدي من بين من حضروا جلساته آنذاك، و استقبل استقبالا فاترا وكانت أعين الأجهزة الأمنية تراقب وترصد أنشطته، ويذكر فى ذلك أن اقتحام الأجهزة الأمنية لغرفة السيد راشد الغنوشى مؤسس حركة النهضة فى تونس وطلبت منه أن يلملم حاجياته لأنه شخص غير مرغوب فيه، وبالفعل تم ترحيله ليختار بريطانيا منفى له، حين لم يحتمله نظام بن على الذى ظل يطارده حيثما ذهب.

وكان يظن أن طرح فكرة عقد الدورة الرابعة والعشرين فى مصر بعد ثورة 25 يناير مرحب به من الناحية السياسية، لكن المشكلة الأساسية التى شغلت منظميه كانت أن معظم الناشطين من القوميين العرب كانوا ممنوعين من دخول البلد، فكان أولى من الترحيب به سياسيا السماح للمدرجة أسماؤهم على القوائم السوداء بالدخول.

وإبان عقد المؤتمر منذ ايام وبعدما استقبل الرئيس محمد مرسى رئيس اللجنة التحضيرية لعقد المؤتمر فى مصر، الدكتور محمد السعيد إدريس، وتم التعاون مع مختلف الأجهزة المعنية فى تيسير دخول المدعوين ، جميعهم من المثقفين العرب الذين لايزالون يتعلقون بحلم الأمة فى الوحدة المؤجل، والذين اختاروا مواصلة السباحة ضد التيار فى أزمنة هيمنة السياسات القطرية، التى اختلت فيها الأولويات والموازين وشوهت المشاعر حتى سادت ثقافة الانكفاء والاستتباع للغرب، وصارت الدعوة إلى الوحدة العربية محلا للاستهجان والغمز لدى البعض.

فرغم استضافة مصر لأعضاء المؤتمر مصر فهى تعاني من تلك التشوهات، التى خلفتها سياسات وممارسات المرحلة السابقة، فلم يكن سهلاً التخلص من مواريث 35 عاما من الانكفاء والاستتباع خلال السنتين اللتين أعقبتا الثورة، ولا يتوقع أحد أن يغير مؤتمر المثقفين العروبيين شيئا فى الأجواء المصرية ولا فى الخرائط العربية، لكن اجتماعهم فى القاهرة يظل بمثابة رسالة تذكر من نسى بأنه بعد عودة مصر للمصريين فإن الأمة تنتظر أن تعود مصر إلى العرب، وأن الصراع العبثى الذى يجرى بين الجماعة الوطنية فى مصر الآن يضر بالعودة الأولى ويؤجل الثانية، فى حين أن الرياح المعاكسة تحتشد وتتأهب للانقضاض والعصف بالعودتين.

وأكد هويدي "إننا لا نستطيع أن نتوقع الكثير من انعقاد المؤتمر القومى، لكننا نعتبر أن رسالة انعقاده فى القاهرة تعد بذاتها أمرا إيجابيا يتعين الحفاوة به، ولو أن نشطاءه استطاعوا أن يعالجوا الصدع الذى حدث بين القوميين والإسلاميين بعد الثورة لعد ذلك إنجازا مهما يلملم جانبا من التشرذم الحاصل..ذلك أننا إذا لم نستطع أن نقاوم انفراط الأوطان، الحاصل تحت أعيننا، فلا أقل من نتشبث بأمل وقف انفراط الصف الوطنى".
 

التعليقات